القاهرة، مصر (CNN)-- لا توجد دولة في العالم دعمت النظام المصري الحالي مثل السعودية التي كان موقفها واضحا في دعم نظام 3 يوليو منذ البداية وكان بيان الراحل الملك عبد الله الذى أصدره في منتصف أغسطس 2013 حاسما في دعم السلطة الجديدة وترسيخ شرعيتها وجاء فيه (ليعلم العالم أجمع، بأن المملكة العربية السعودية شعباً وحكومة وقفت وتقف اليوم مع أشقائها في مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية، في عزمها وقوتها -إن شاء الله- وحقها الشرعي لردع كل عابث أو مضلل لبسطاء الناس من أشقائنا في مصر. وليعلم كل من تدخل في شؤونها الداخلية بأنهم بذلك يوقدون نار الفتنة، ويؤيدون الإرهاب الذي يدعون محاربته، أملاً منهم أن يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان فمصر الإسلام، والعروبة، والتاريخ المجيد، لن يغيرها قول أو موقف هذا أو ذاك، وأنها قادرة -بحول الله وقوته- على العبور إلى بر الأمان) بجوار الدعم السياسي توالت حزم المساعدات المالية التي ساهمت في إنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي بجوار دعم دبلوماسي خارجي للتخفيف من الضغوط التي أعقبت 30 يونيو مما جعل المستشار عدلي منصور الرئيس المؤقت السابق للقول (موقف جلالة الملك عبد الله كان موقف رجال، موقف صلب أدى إلى إيقاف الهجوم الضاري الذي كانت تمارسه بعض الدول الخارجية ضد مصر) وعقب تولى الملك سلمان لم يتغير الوضع كثيرا باستثناء بعض الاختلافات في بعض القضايا والتي كان على رأسها القضية السورية التي تباعدت فيها الرؤى المصرية – السعودية لتصل للمشهد الدرامي الأخير في مجلس الأمن حيث قامت مصر بدعم قرارين مختلفين بخصوص سوريا وأيدت القرار الذي صاغته روسيا ليبدو موقفها مغايرا تماما للموقف السعودي مما آثار عاصفة من الغضب السعودي تجاه مصر انعكست في حملة إعلامية سعودية حادة حملت الكثير من السخرية والمعايرة والانتقاد القاسي غير المألوف. وانضم لقائمة المنتقدين والمهاجمين شخصيات سعودية شهيرة معروف قربها من النظام في مصر في خطوة اعتبرها البعض تصعيدا سعوديا مبالغا فيه بينما رآه البعض الآخر بأنه منطقي بسبب خيبة أمل السعوديين في أن تدعم مصر الموقف السعودي الذي يهدف لإنهاء معاناة الشعب السوري وإيقاف التوحش الإيراني في المنطقة. على هامش هذه المساجلات لا بد من التأكيد على النقاط الأتية: أولا: ليس من مصلحة العرب أن يحدث شقاق مصري – سعودي وسط هذه الأوضاع الإقليمية المشتعلة في المنطقة وهذا الشقاق سيصب لصالح إيران ومعسكرها الذي استطاع احتلال وتدمير عواصم عربية كبرى بدءا من بغداد ودمشق ومرورا باليمن. ثانيا: التبذل الإعلامي المتبادل الآن بين الإعلام المصري والسعودي لا يليق ويجب وقفه فورا لأنه يصب في صالح الاختلاف وتأجيج النفوس وتحقير الآخر. ثالثا: يجب أن نعترف أن مصر بحاجة لمراجعة موقفها الرسمي تجاه سوريا ليس لإرضاء السعودية لكن من أجل إنقاذ الشعب السوري، التعلل بضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وربط ذلك ببقاء بشار الأسد خطيئة أخلاقية وسوء تقدير سياسي محض، يمكن أن نحافظ على وحدة سوريا مع رحيل بشار الأسد وبدء مرحلة انتقالية بترتيبات إقليمية ودولية. لا يمكن أن تسيطر حالة الإخوانوفوبيا على التقدير المصري لقضية بحجم المأساة السورية، ليس معنى أن النظام المصري لديه صراع محتدم مع الاخوان فيقرر أن سياساته الخارجية سيكون معيارها هذه الإخوانوفوبيا سواء في سوريا أو العلاقات مع تركيا وكذلك الملف الليبي. رابعا: أداء الخارجية المصرية في الآونة الأخيرة أداء معطوب لا يليق بمصر ومكانتها وقد يقول البعض أن اللوم ليس على الخارجية لأنها مرآة تعكس توجهات النظام السياسي لكن مع الإقرار بذلك فلا يمكن للمدرسة الدبلوماسية المصرية العريقة أن تُظهر مصر بهذا التناقض واللامعقولية التي جعلتنا محل سخرية الجميع. خامسا: معايرة مصر بالمساعدات المالية السعودية أمر لا يليق ويمثل إهانة لجميع المصريين، وهنا يجب عدم الخلط بين الشعب المصري وبين السلطة، فإذا ما حدث خلاف بين نظامين حاكمين فالشعوب يجب ألا تتلاسن ولا يتم تحميلها المسئولية. فكرة المًن بالمساعدات لا تليق، مهما كانت درجة الأخوة ففي السياسة لا أحد يدفع بدون مقابل ولا أحد يجبر أحد على مساعدته، لا أحد يرمى أمواله في الهواء، إذا لم تكن هناك مصلحة مباشرة للطرف الذي يساعد فعليه توفير ماله، ولا يجب أصلا أن ننزلق لهذا المنحدر بين مصر والسعودية. سادسا: اتهام السعودية أنها تتبع سياسة طائفية في سوريا أمر يدعو للعجب فبدلا من محاسبة إيران وتابعها بشار الأسد على مذابحهم واستهدافهم الطائفي للمواطنين السوريين والزج بميلشيات حزب الله -التي تحارب حرب طائفية بحتة ضد السنة في سوريا- يتم توجيه اللوم للسعودية التي مهما كان هناك ملاحظات أداءها بسوريا فلا يمكن إنكار أهمية وجودها بجوار تركيا في معالجة الملف السوري. هل ننتظر أن يدخل الإيرانيون مكة؟ هل نتغافل عن المسؤولية الجماعية للعرب لوقف الغزو الإيراني؟ لا يجب أن نخوض معركة تصارع قيادة العرب فهي معركة عبثية لأمة منهكة بل يجب أن نبحث عن التكامل وتقريب المسافات فنتوقف جميعا ونراجع أنفسنا فى مصر والسعودية.