"بالرغم من مضي أكثر من 65 عاماً على عمل وكالة "الأونروا" في لبنان، فإنه لم يتوصل حتى تاريخه إلى اتفاقية بينهما تتحدد بموجبها وضعية موظفي الوكالة القانونية والحصانات الممنوحة لهم ولمقر الوكالة في بيروت. أكثر من ذلك، يؤكد تكليف "الأونروا" الأصلي أهمية التنسيق مع الدول المضيفة في العديد من المسائل، ولا سيما الاجتماعية والصحية والتعليمية والخدماتية، وهو غير متوافر بالنظر إلى عدم قيام تنسيق ممنهج ومؤطر في مذكرات تفاهم أو اتفاقيات بين الطرفين. هذا ما جاء في الصفحة رقم 67 من الكتاب الذي أصدرته لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني "اللجوء الفلسطيني في لبنان - كلفة الأخوة في زمن الصراعات" وأطلقته اللجنة من السراي الحكومي في بيروت في السابع من سبتمبر/أيلول 2016، ويضيف أن غياب اتفاقية إطار واتفاقية مقر وعدم وجود التنسيق الممنهج والمخطط له قد "أدى إلى عدم تبلور سياسات وقواعد مستقرة لحل المشكلات التي تعيق أداء "الأونروا" والدولة اللبنانية لدورهما على النحو الأمثل. فقد حصلت تفاهمات - بحكم الأمر الواقع - بين الدولة اللبنانية و"الأونروا" تتعلق بالأراضي التي تقوم عليها المخيمات وبعض المسائل الأخرى، على أنه لا يزال هناك إشكالات قانونية كثيرة عالقة بشأنها وبشأن المسؤولية عن كلفة الخدمات وغيرها من المسائل، وهناك عشرات المراسلات المتعلقة بمجمل المسائل العالقة بين وزارة الخارجية وبين وكالة "الأونروا" دون أن تجد طريقها إلى الحل عبر القنوات القائمة جراء التعقيدات القائمة بين الوكالة وبين أطراف الدولة اللبنانية". تنبهت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني لهذا المنحى المتراكم والخطير الذي له انعكاساته السلبية على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والدولة المضيفة وعلى أداء الأونروا نفسه، وربما أهمها -حديثاً- تأخير وتعطيل مشروع إعادة إعمار مخيم نهر البارد؛ لذلك سارعت اللجنة وبمبادرة من رئيسها الوزير السابق حسن منيمنة إلى تشكيل مجموعة عمل سياسية أطلقت عليها اسم "مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين"، وتضم ممثلي الكتل السياسية الأساسية؛ التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل وحزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية وحركة أمل وحزب الله، وفي 9/1/2015 أطلق رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام عمل "مجموعة العمل" وحثها في كلمته للوصول إلى صياغة "توصيات" تعبِّر عن مصالح لبنان العليا وسيادته على أرضه من خلال مؤسساته وتستجيب لمصالح اللاجئين الفلسطينيين في تأمين العيش الكريم"، وفي 24/6/2015 قدمت مجموعة العمل "توصية" إلى الرئيس تمام سلام تضمنت "ضرورة عقد الدولة اللبنانية اتفاقية مقر مع وكالة "الأونروا" وذلك لتنسيق العمل مع هذه الوكالة الدولية وتنظيم مجالات التعاون وتبيان حدود صلاحياتها، تأكيداً لسيادة الدولة مع تقدير الصفة الدبوماسية التي تتمتع بها"، وقد وافقت على هذه التوصية كل التيارات السياسية الكبرى في لبنان، المُمَثَّلة في البرلمان وفي الحكومة اللبنانية، بمعنى آخر أن عمل كلٍّ من لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني التي تضم سبع وزارات؛ العدل والخارجية والمغتربين والدفاع الوطني والشؤون الاجتماعية والعمل والصحة ووزارة الداخلية والبلديات و"مجموعة العمل" ستبقى في سياق الصلاحيات المحدودة بالاستشارات ورفع التوصيات، أما قرار التنفيذ أو عدمه فبيد رئاسة الحكومة. على أهمية ما ذكرته لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بضرورة الأخذ بعين الاعتبار رأي المرجعية الفلسطينية الرسمية واللجان الشعبية القائمة في المخيمات ومع منظمات المجتمع المدني لتحقيق هدف قوننة العلاقة بين الدولة اللبنانية و"الأونروا"، لكن يبقى تمثيل الوجود الفلسطيني في لبنان غائباً عن "اللجنة" وعن "المجموعة"، ومن الجيد أن يكون هناك لجان فرعية فيها تمثيل للفلسطينيين، لكن هذا غير كافٍ. من المهم أن يكون للفلسطينيين تمثيل ورأي في الحوار واتخاذ القرار بما يحفظ سيادة البلد، وعيش اللاجئ بكرامة إلى حين العودة. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.