مازالت القبائل البدوية في منطقة حلايب، جنوب البحر الأحمر تحافظ علي احياء العادات والتقاليد الموروثة من أجدادهم من قبائل البجاوبة، خاصة في عادات الاحتفالات بالمناسبات الدينية والطعام والشراب. في العاشر من شهر المحرم من كل عام تحرص قبائل «البجا» المنتسرة بمنطقة حلايب وشلاتين جنوب البحر الأحمر، على إحياء إحدى العادات والتقاليد المتوارثة بالمنطقة، وهي تقديم الذبائح لجلب الخير، وخاصة الأمطار ودرء الشر والأمراض. أكد علي دورا، الباحث البيئي، وأحد أبناء قببلة البشاربة، أن قبائل البجا أطلقت على تسمية الموازي لشهر محرم باللغة البجاوية «بالبداوييت» اسم «كمتيت سليلت»، أو «نارود»، والذي تحرص فيه القبائل على ذبح إبلها وبقية ماشيتهم، فنجد مسمى الشهر «كمتيت» نسبة للإبل، والمفرد «كام»، و«سليلت» من الصلاة، وتعنى بالعربية «التصدق هنا»، ويتم ذلك فى يوم عاشوراء وسط الإبل فى مراعيها بعد تجميعها. وأصاف «دورا» أن هناك من يوصى لمن يجد أحد إبله بقربهـ فيجمعهم مع إبل من يجدها لتنال من بركة الصدقة، وفى صباح يوم عاشوراء يتم الذبح غالباً من الضأن وبعد الذبح يتم طبع الأيادى على ظهور ورقاب الإبل بعد وضعها على الدماء المسالة من الذبيحة، وتكون على خمس مواضع على جهة اليمنى من الرقبة، وفخذ الرجل الأمامى واثنين على أسفل السنام وعلى فخذ الرجل الخلفى. ويتم توزيع لحم الذبيحة على الحضور بعد إعداده جزء الكرشة «الكمونية» فيتم به إعداد حلة كبيرة على هيئة فتة مع خبز «قبوريت» والذى يتم بإعداد عجينة دقيق مع قليل من الملح ثم يتم إعداد نار كبيرة من الأخشاب تترك حتى يتحول معظمها إلى رماد ساخن فيتم وضع العجينة فى ذلك الرماد الساخن كما تغطى بذلك الرماد وتترك فترة طويلة حتى تنضج. الجزء الثانى من لحم الذبيحة يتم تجهيزه لإعداد ما يعرف بـ«السلات»، وهو اللحم المشوى ويتم ذلك بجلب حجارة البازلت السوداء ووضعها على النار حتى تمتص الحرارة ثم يوضع فوقها أجزاء الذبيحة بعض تنظيفها بالدهن أو الشحم، ويتم منح نصيب من أطيب جزء من لحم الذبيحة يعرف بـ«القدب»، ويعرف بالبرك عند أخواننا العبابدة، وهو الجانب الأيسر من ضلوع الشاة ويمنح للضيوف من غير القبيلة مقدمة الذبيحة، وإن كان واحداً يمنح هذا الكم من اللحمة وهى من مظاهر الكرم، وإن كانوا مجموعة يتم تقسيم هذا «القدب» بينهم بالتساوي.