إجازة الكونجرس الأمريكي لقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب «جاستا» الذي يفتح الباب أمام مقاضاة ضحايا هجمات 11 سبتمبر للمملكة، يثير تساؤلات كثيرة وشكوكاً في دوافع هذا القرار الذي يتناقض كلياً مع نتائج التحقيقات الرسمية الأمريكية بأن المملكة بريئة من أي صلة بهذه الهجمات، كما يتناقض هذا القانون المسيَّس مع سجل التعاون السعودي الأمريكي الطويل في محاربة الإرهاب.. في أي سياق يجب قراءة هذا القانون الظالم؟ وما تداعياته على علاقات أمريكا الدولية عامة ومع أصدقائها على وجه الخصوص؟ وما خيارات المملكة لمواجهة هذا القرار؟ وكيف يبدو مستقبل العلاقات السعودية/الأمريكية بعد هذا التحول الخطير؟ ليس مؤامرة! د.شملان العيسى - أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت - يرى أن نقرأ «جاستا» في نطاق السياسة لا القانون، ويضيف: إذ إن تطبيق هذا القانون ستكون له أبعاد سياسية خطيرة لأنه يهدد السلم الدولي كله ولا يقتصر على أمن منطقة الشرق الأوسط، حيث تحول الموضوع من قضايا قانونية إلى قضايا سياسية وسيفتح المجال للدول الأخرى برفع قضايا ضد الولايات المتحدة. وصدور القانون في هذا الوقت يثير تساؤلاً حول توقيته.. ثم يستدرك العيسى: وإن كنت أرى أنه لا توجد مؤامرة ضد المملكة، بل إن العملية كلها تتعلق بالانتخابات الأمريكية القادمة في شهر نوفمبر، حيث إن النواب يحاولون كسب الشارع الأمريكي بإثارة قضية خاسرة.. كما أن هناك عديداً ممن يطالبون بإعادة النظر فيه. لكن استقلال القضاء الأمريكي عن الدولة يصب في صالح المملكة وصالح الدول الأخرى.. وخاصة أن التقارير الأمريكية برأت المملكة من أي علاقة بالإرهاب. ولو عدنا إلى الوراء نجد مواقف المملكة العربية السعودية واضحة ضد الإرهاب.. فهي تحاربه بكل صوره وأشكاله، بل إن مساعيها تتركز دائماً نحو السلام والأمن والاستقرار ودعم خطوات السلام في المنطقة والعالم أجمع. خطره عالمي د.صدقة فاضل - أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبد العزيز سابقاً وعضو مجلس الشورى - يلقي الضوء على مراحل صدور جاستا، والتي انطلقت شرارتها الأولى سنة 2009 عندما بدأ بعض أعضاء الكونجرس بمحاولة صياغة قانون يقتص ممن يسمونهم: داعمي الإرهاب وخاصة المسؤولون أحداث 11 سبتمبر التي ضربت أمريكا كما نعرف.. ويكمل: بدأت المسودة الأولى لهذا النظام بشكل مختلف ثم أخذوا يضيفون ويحذفون وينقحون إلى أن توصلوا للصيغة التي تم إقرارها الآن، ومع ذلك فهناك تحرك في مجلس الشيوخ لتعديلها وإصدار صيغة جديدة للتخلص من نقاط القصور والمخاطر القانونية التي تخص الأمن القومي الأمريكي ولا ندري حتى الآن ماهي التعديلات الجديدة ولكن يبدو أن أبرز هذه التعديلات يتعلق بالدولة المتهمة، حيث إن هناك مقترحاً يقول أن تكون هذه الدولة مقصرة في مكافحة الإرهاب وأن تُعطى للحكومة الأمريكية -أي السلطة التنفيذية - صلاحية تقدير إن كانت الدولة المتهمة مذنبة أو غير مذنبة.. لكن القانون بصيغته الحالية يتيح لذوي المواطنين الأمريكيين الذين تضرروا من أعمال إرهابية على الأرض الأمريكية قامت بها حكومة دولة أخرى أو تسببت في قيامها بمقاضاة هذه الحكومة وطلب تعويضات.. فأي مواطن أمريكي يمكنه أن يقاضي أي دولة يتهمها بأنها تسببت في الإضرار بأحد ذويه بعمل إرهابي تم على الأرض الأمريكية.. هذا القانون أصبح عاماً ينطبق على كل الدول ومن هنا تأتي خطورته، وقد رفضته كل الدول لأن هناك قاعدة قانونية تقول:إن للدول سيادة ولا يجوز مقاضاتها وهذا قانون دولي قديم ومستقر.. وتطبيق قانون جاستا بوضعه الحالي يكسر القانون الدولي الذي له الأولوية على القوانين الوطنية. أما العيوب الأخرى فكما قال المثل ربما على نفسها جنت براقش؛ فانطلاقاً من هذا القانون وإعمالاً لمبدأ المعاملة بالمثل، يحق لأي مواطن في أي دولة أن يرفع دعوى ضد حكومة الولايات المتحدة الأمريكية للاقتصاص من ضرر لحق بأحد ذويه نتيجة أعمال إرهابية وإجرامية أمريكية!! وللحكومة الأمريكية - كما نعلم جميعاً - سجل مخجل وسيئ في هذا المجال وأنا أقول حكومة الولايات المتحدة ولا أقول الولايات المتحدة الأمريكية بصفة عامة ارتكبت جرائم يندى لها جبين الإنسانية خارج حدودها بدأت من فيتنام ولاوس وكمبوديا وأفغانستان والعراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها. ونتج عنها مقتل مئات الآلاف من الأشخاص وتدمير ممتلكاتهم وتدمير البنية التحتية في تلك البلاد وبالتالي من حق هؤلاء أن يقاضوا الحكومة الأمريكية على هذه الجرائم، فلو أردنا أن نعرف أكثر الدول قياماً بأعمال إجرامية وإرهابية خارج حدودها لتصدرت حكومة الولايات المتحدة هذه القائمة فهي أكثر الحكومات انتهاكاً للحقوق الإنسانية والأعمال الإرهابية خارج حدودها وبالتالي هي فتحت النار على نفسها أولاً قبل أن تفتحه على المملكة أو غيرها من الدول بصفة عامة. خرق لمبادئ العدالة د.فهد العنزي عضو مجلس الشورى وعميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الملك سعود سابقاً، يصف جاستا بأنه كان مفاجأة للجميع، وبأنه صادم لتناقضه الصارخ مع قواعد القانون الدولي ومع مبادئ العدالة نفسها أو حتى مع قواعد المسؤولية الدولية.. ويقول: من حق الكونجرس الأمريكي إصدار القوانين التي تحفظ مصالح المواطن الأمريكي، ولكن ليس على حساب سيادة الدول وحصانتها وما استقر من قواعد القانون الدولي التي ينبغي حمايتها وعدم المساس بها؛ لأن القوانين الداخلية لأي دولة يجب ألا تتعارض مع قواعد القانون الدولي كما يجب ألا تمتد لتحكم على كيانات ذات سيادة عضو في المجتمع الدولي؛ فهذا مجافٍ للمنطق وهو يتعارض مع قواعد العدالة وقواعد المسؤولية ولا يستحق أن يسمى قانوناً لأنه عمل غير مقبول من جهة تشريعية بحجم الكونجرس ومن دولة بحجم أمريكا؛ وهي التي سهرت في السابق على ترسيخ قواعد القانون الدولي وأسهمت بإنشاء منظمات دولية كبرى مثل هيئة الأمم المتحدة وغيرها... ويتابع د.العنزي قائلاً: هذا العمل غير المقبول لا يعبر إلا عن غطرسة للأسف الشديد وعنجهية مرفوضة في العلاقات الدولية؛ فالدول كلها سواسية أمام القانون الدولي.. إن الكونجرس أنشأ سابقة خطيرة في العلاقات الدولية قد تؤدي إلى فوضى عارمة في العلاقات الدولية خاصة إذا عملت الدول الأخرى بحقها في المعاملة بالمثل. يهدد أمريكا نفسها وقال د. عبد الله القباع أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود: لا شك أن هذا القانون يعتبر تخطياً للمصالح الأمريكية بالدرجة الأولى؛ بدليل المعارضة الشديدة التي انطلقت من العالم العربي والإسلامي ومن بعض الدول الأوروبية وكذلك الصين الشعبية واليابان وروسيا وحتى من جانب بعض أعضاء مجلس الكونجرس والفيتو الذي استخدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعتبر تحذيراً للأمريكيين من خطورة جاستا.. وفي حال إصرار الكونجرس على تنفيذ هذا القانون فإن من المتوقع ألا تقف المملكة العربية السعودية مكتوفة الأيدي وأن تتخذ قرارات وخطوات لمواجهة هذا التطرف الأمريكي وستلحق بها بعض الدول العربية والإسلامية وغيرها.. وما على الجميع إلا الانتظار قليلاً لكي تتخذ المملكة قرارها الحاسم وحينها سوف تقوم معظم الدول العربية والإسلامية بتبني القرار السعودي ودعمه ومؤازرته، وهذا الموقف الحازم سوف يضرب المصالح الأمريكية بالدرجة الأولى على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ولا شك أن مؤازرة الدول العربية والإسلامية للمملكة هو دليل على خطورة هذا القرار الذي تبناه الكونجرس، والكل يتوقع أن تعيد أمريكا النظر في توجهها الخطير والتراجع عنه خاصة إذا ما شعرت بأنه سوف يلحق ضرراً بالمصالح الأمريكية وبسمعه الكونجرس الأمريكي بشكل خاص.. ويؤكد القباع أن قرار الكونجرس هذا جاء ليلبي بعض المتطلبات المتطرفة التي تحيط بالكونجرس خاصة التطرف الإسرائيلي الذي يدعمه الكونجرس منذ وقت طويل، ونحن كسعوديين نتطلع إلى القرار الحاسم الذي سوف تتخذه المملكة لكي تعيد أمريكا النظر في قرارها المشؤوم خاصة أنه يوجد لدى المملكة عديد من القرارات التي يمكن استخدامها ضد أمريكا منها سلاح النفط ومنها التوجه إلى اليابان والصين وفرنسا وبريطانيا لاستيراد حاجاتها منها بدلاً من أمريكا، وهذا سيلحق ضرراً بأمريكا وشعبها، أما العلاقات بين البلدين فستتراجع كثيراً إلى أن تصحح أمريكا مسارها وتتراجع عن قراراتها التي تلحق ضرراً بالمملكة وأشقائها. استهداف الخليجيين والعرب الأستاذ محمد صالح السبتي الكاتب والمحلل السياسي الكويتي المعروف، ينظر إلى جاستا من زاوية واسعة تنظر إلى القانون كتهديد لا يقتصر على المملكة، فيقول: قانون (جاستا) الذي أقره الكونجرس الأمريكي بالإجماع يعني لنا في الخليج الكثير وعلينا قراءة مثل هذه الخطوات بعقلية تستشرف المستقبل.. فالقانون يرسل إلينا إشارات محددة علينا فهمها. وعلينا أن نعي عدة «حقائق» يوحي بها هذا القانون، وأهمها أن الكونجرس الأمريكي يتهم المملكة ضمناً بأنها هي التي خططت لأحداث 11 سبتمبر وهي التي رعت هؤلاء الإرهابيين، وإلا فما مسؤوليتها تجاه هذه الأحداث لتُطالب بالتعويض؟ وهذا تجنٍّ على المملكة دون وجه حق. كما أن مطالبة الأفراد الدولة السعودية بالتعويض يعني بالضرورة أن أمريكا ذاتها كدولة يحق لها المطالبة بالتعويض أيضاً من باب اللزوم، كما يحق لأي دولة أخرى أو أفراد أن يفعلوا الشيء ذاته داخل المحاكم الأمريكية! ويضيف السبتي: إن صدور القانون بما يتضمنه من اتهام شبه مباشر قد يطبق على أي دولة أخرى خليجية أو عربية، وقد تتخذ ضدها مثل هذه الإجراءات! وهذا يعني تلقائياً خلق مناطق غير آمنة لأموال السعودية أو حتى الخليجية في أمريكا أو في غيرها أيضاً من الدول التي قد تتعاون معها لحجز هذه الأموال. ووفق هذه المعطيات علينا قراءة هذا القانون متسائلين: هل هي مقدمة لفرض عقوبات اقتصادية على دول الخليج؟ أم هي مجرد مناورة وتلويح بهذا التهديد لمكاسب سياسية في الخلافات الدائرة في المنطقة؟ ولا شك أن هذا القانون سيؤثر على استقرار العلاقات ما بين المملكة وأمريكا خاصة نحن نقرر كما هو واضح للعيان أن هناك تجنياً صارخاً على المملكة العربية السعودية وتعمّد لإلصاق اتهامات الإرهاب بها. ولعل هذه العلاقات بدأت بالتوتر منذ فترة بعد تغير خريطة التحالفات الأمريكية في المنطقة... وأرى أن العلاقات الخليجية /الأمريكية أصبحت مهددة بالتوتر الذي يزداد كل فترة بسبب هذا السلوك الأمريكي غير المفهوم. طعنة لعلاقات تاريخية يؤكد د.فاضل أن جاستا سوف ينعكس بالسلب على العلاقات التاريخية الوثيقة بين الولايات المتحدة والمملكة وهي علاقات إستراتيجية وثيقة وقديمة بين هاتين الدولتين فهناك ما يشبه التحالف بينهما في كثير من الأمور الحيوية.. والمملكة تعتمد على الرفض الدولي لهذا القانون وعلى عدم شرعيته أيضاً فهناك نقطة مهمة جداً يجب أن نشير إليها وهي أن على المدعين ضد حكومة المملكة أن يُثبتوا بالأدلة القاطعة تورط مسؤولين رسميين سعوديين في هذه الأعمال الإرهابية؛ وهذا غير موجود ولم يحصل فحكومة المملكة العربية السعودية بُرئت رسمياً من هذه الأحداث وبالتالي لا يوجد دليل يدين أحد المسؤولين فيها ولو كان هناك قضاء أمريكي عادل ونزيه فسيرفض هذه الدعاوى لأنها لا تستند إلى أدلة قاطعة ضد مسؤولين في حكومة المملكة العربية السعودية.. صعوبة التوقع يعتقد د.شملان العيسى أن من الصعب رصد تداعيات القانون (جاستا) على العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وإن كان يتوقع أن تتأثر العلاقات الإستراتيجية بين الجانبين وقد تكون هناك مساع دبلوماسية في هذا الشأن وقد تعود العلاقات أقوى من السابق ولا تتأثر فتكون مجرد زوبعة في فنجان، ويرجح العيسى أن يعيد الكونغرس النظر في القانون المثير بعد انتهاء الانتخابات لتعود الأمور إلى ما كانت عليه. بينما يدعو د.العنزي إلى ضرورة التفريق بين موقف الحكومة الأمريكية وموقف الكونجرس فالأول كان واضحاً في رفضه لهذا القانون والدليل على ذلك أن الرئيس الأمريكي أوضح المبررات والأسباب التي أدت إلى استخدامه للفيتو فموقف الحكومة الأمريكية لا شك أنه ينبع من الحرص على علاقات الصداقة الضرورية في المجتمع الدولي ولا سيما الدول الصديقة، وإن كان السبب الرئيس هو خوف واشنطن من أن يصبح هذا القانون بمثابة السكين التي توجه إلى نحر الولايات المتحدة نفسها.. فأمريكا ذات تاريخ طويل جداً من الصراعات العسكرية التي تدخلت فيها ونتج عنها ضحايا في مختلف القارات.. وستفقد الدول الصديقة ثقتها بأمريكا وفي استثماراتها وفي علاقاتها... الخيارات السعودية في رؤية د.فهد العنزي للخيارات المتاحة أمام المملكة يستحضر الاتهامات التي وجهت للمملكة في تقرير أداء سبتمبر والصفحات التي كانت محجوبة في التقرير التي اتهمت فيها المملكة ظلماً بضلوعها في تفجيرات 11 سبتمبر وهذا الموقف دفع بالمملكة العربية السعودية أن تطالب الحكومة الأمريكية برفع الحجب عن هذه الصفحات لثقتها بسلامة موقفها فيما والحمد لله تم رفع الحجب عن هذه الصفحات وأصبحت هذه الاتهامات مضحكة ولا سيما في ظل موقف المملكة الصارم والمشرف ضد الإرهاب.. أما ما يتعلق بالقانون فالمملكة مثلها مثل أي دولة معنية بسلامة قواعد القانون الدولي أولاً معنية بحراسة مبدأ سيادة الدول وصيانة المبادئ المتعلقة بالقانون الدولي فالمملكة لا يمكن من وجهة نظر قانونية أن تدان بهذا القانون لكنه قد يسيء إلى المملكة من حيث إنه قد يجر اسمها في دعاوى تهدف إلى كسب المال نتيجة لجشع المحامين الذين أوهموا عائلات الضحايا ضحايا 11 سبتمبر أن بإمكانهم رفع دعاوى على المملكة.. هذه اللعبة التي لعبها المحامون يعرفون أنها قضايا يستحيل كسبها، وذوو الضحايا لا يعرفون الجوانب القانونية وبالتالي من دفع بهذا القانون إلى الكونجرس هم المحامون الأمريكيون لكسب المال ظناً منهم أن المملكة جدار قصير يمكن العبور من خلاله إلى ما يطمعون به من أموال.. ويمضي العنزي: هذا القانون يتعارض مع مبدأ سيادة الدول ويتعارض مع قواعد القانون الدولي ولا أرى أي مستقبل لتطبيق هذا القانون ضد المملكة وهذا الموقف ينسحب على كل الدول وليس المملكة وحدها.. وعلى كل الدول مسؤولية في مواجهة هذا القانون لأنه يضع سابقة خطيرة ويضع المجتمع الدولي كله في مواجهة بعضه بعضاً ويجر الدول إلى ساحات المحاكم مثلها مثل الأفراد العاديين، حيث يستطيع أي شخص بموجب هذا القانون أن يقاضي دولة وبالتالي يضع مبدأ الحصانة الدولية في قفص من التهم الكيدية وهذا غير مقبول، وأنا واثق بأن المملكة دولة مؤثرة ولن يطولها من هذا القانون أي ضرر بإذن الله وكل هذه الضجة الإعلامية وهذه التحليلات السياسية هي فقط لعبة قذرة هدفها كسب المال وابتزاز الدول والمملكة ليس لديها ما تخفيه وليس لديها ما تخاف منه. أما مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية بعد هذا القانون فالعلاقات السعودية الأمريكية مبنية على مصالح تاريخية كبرى، والمملكة تميزت بالحكمة في تقديرها للأمور والعلاقات السعودية الأمريكية مرت بظروف أصعب من هذه الظروف واستطاعت أن تتجاوزها فالعلاقة بينهما علاقة إستراتيجية والمملكة دولة مؤثرة وذات ثقل كبير وهي تستحوذ على نسبة كبيرة من اقتصاد الطاقة الدولي ومثل هذه الزوابع لا يمكن أن تؤثر في العلاقات الإستراتيجية؛ مع أن هذا القانون صادم بكل المقاييس ليس للمملكة فقط وإنما للمجتمع الدولي.. المملكة لديها مصالح إستراتيجية مع الولايات المتحدة كما للولايات المتحدة مصالح إستراتيجية مع المملكة، ولن يكون هذا القانون هو معول هدم لهذه المصالح إلا إذا كانت هناك أهداف من الحكومة الأمريكية لهذا القانون، ولكن استخدام الفيتو هو مؤشر بأن أي حكومة قادمة سوف تقف في مواجهة هذا القانون لأنه يضر بالعلاقات السعودية الأمريكية وأمريكا بحاجة للمملكة لأنها مفتاح حل لكثير من أزمات الشرق الأوسط ولا يمكن التضحية بهذه العلاقات بسهولة. مصر تعارضه بشدة يقول المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن القضية حساسة لأنها مرتبطة بقرارات تصدر عن الكونجرس الأمريكي وعلاقة الكونجرس الأمريكي بالبيت الأبيض والإدارة الأمريكية بشكل عام. ويؤكد أبو زيد أنه منذ بداية التداول حول هذا القانون عبرت مصر عن موقفها بوضوح برفض ومعارضة القانون غير الصائب المسمى ب«جاستا» قلباً وقالباً، وأن قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما ممارسة حقه في النقض «الفيتو» قرار صائب؛ يتسق مع قواعد القانون الدولي ويتسق مع مبادئ أساسية في القانون الدولي مثل مبدأ سيادة الدول والتوازي في السيادة بين الدول وحصانة الدول وعدم أحقية فرض القوانين الداخلية للدول على دول أخرى أو على أفراد ينتمون لدول أخرى. ويضيف أبو زيد أنه بعد أن قال الكونجرس الأمريكي كلمته نعتبر أن هذا القانون يمثل خطراً على مسار العلاقات الدولية، ويقوِّض من مبادئ راسخة في العلاقات الدولية، ويعتبر مصدر قلق للدول التي ترفض إضعاف الحصانة السيادية، ومازلنا نتابع هذا القانون وتداعياته المختلفة لأن تنفيذه ربما يؤثر على مصالح بعض الدول الشقيقة التي تربطنا بها علاقات قوية وإستراتيجية ما يؤثر على الموقف المصري، وفي ضوء التطورات سوف يتطور الموقف ويتضح أكثر خلال المرحلة القادمة. مصر في مرماه بينما توقع المحامي المصري خالد أبو بكر، عضو الاتحاد الدولي للمحامين، مقاضاة مصر دولياً، بعد صدور القانون الجائر، وقال أبو بكر: «توقعوا مقاضاة الدولة المصرية قريباً في أمريكا وفقاً لقانون جاستا، أمريكا تمارس بلطجة سياسية على العالم، وخرق صريح لمبدأ سيادة الدول»، داعياً الدول العربية جميعاً لاتخاذ موقف موحد تجاه هذا القانون الذي يضرب بكل قواعد الاتفاقات الدولية عرض الحائط، وبدء تشكيل مجموعة عمل قانونية من المتخصصين في الشأن الدولي والمترافعين أمام المحاكم الدولية للدفاع عن الدول العربية كافة. كما دعا أبو بكر المجتمع الدولي كله إلى اتخاذ إجراءات ضغط لمحاولة إلغاء هذا القانون داخل الولايات المتحدة، محذراً من العواقب التي ستنال الولايات المتحدة على تنفيذ أحكام هذا القانون، مشيراً إلى أنه لن يستبعد أن يسن مثل هذا القانون في دول أخرى ويستخدم ضد الولايات المتحدة، ويكون القضاء الوطني هو الحكم في مثل هذه القضايا، ولا سيما مع إيمان كثير من الشعوب أن أمريكا تقف وراء كثير من الجرائم التي تمت في أنحاء متفرقة من العالم. ويوضح أبو بكر أن قانون «جاستا» اختصار ل«Justice Against Sponsors of Terrorism Act» أي «قانون العدالة ضد الدول الراعية للإرهاب»، وهو قانون محلي للوﻻيات المتحدة الأمريكية يمنح المتضررين من أعمال اﻹرهاب حق مقاضاة الدول الراعية له من خلال أجهزة القضاء للوﻻيات المتحدة الأمريكية، مشيراً إلى أن هذا القانون لا ينص على أسماء دول معينة، وإنما نص فقط على الدول الراعية للإرهاب. واجب الخليجيين وعن آلية تنفيذ «جاستا»، قال أبوبكر إنه إذا كانت اﻷحكام تعويضات مالية ضد دولة تملك أرصدة مالية في المؤسسات المالية بالوﻻيات المتحدة الأمريكية يخول القانون استيفاء التعويضات منها، وذلك بعد مرافعات قضائية ربما تمتد سنوات، وإذا لم يكن لتلك الدولة أرصدة مالية في أمريكا فستتم المطالبة عن طريق المنظمات الدولية المختصة. ولفت أبو بكر إلى أن معظم دول الخليج ترفض هذا القانون لأن واجبها يحتم أن تسجل موقفاً سياسياً كدول داعمة للسلم واﻷمن الدوليين تجاه هذه القوانين العبثية، والحيلولة دون تبنيه من الدول المفتقرة إلى النضج السياسي ليصبح ذريعة دنيئة لغزو دول الجوار بقضايا مصطنعة، كما أن اﻻستنكار العالمي للقانون جاء ﻷنه يتعارض مع مبادئ القانون الدولي الذي يحظر مقاضاة الدول من خلال أجهزة القضاء المحلية، ويقتصر على مقاضاة وملاحقة اﻷشخاص المدانين بالتنسيق مع الشرطة الدولية «الإنتربول» أو الاتفاقيات الثنائية لتبادل المجرمين. اغتصاب للقانون الدولي يرى د.علي الغتيت، أستاذ القانون الدولي والاقتصادي المقارن، أن التطورات وبدء التعامل المباشر أصبح يرسي مبدأ للحد من نطاق الحصانة القضائية للدولة صاحبة السيادة، فلا يمكن رفع دعوى أمام أي قضاء وطني ضد دولة أجنبية، وهذا يعد اغتصاباً لقاعدة عليا دستورية دولية أو يمكن القول قاعدة عليا دستورية فوق دولية، في إطار المادة 38 من نظام محكمة العدل الدولية التي تقر المبادئ العليا، وفي هذا الإطار فإن القانون العام الأمريكي ملتزم بهذه القاعدة منذ زمن، ووارد في الدستور الأمريكي وتعديلاته بند احترام حصانة الدول الأخرى. ويؤكد الغتيت أن قانون جاستا قانون خطير ضد الحضارة ويفتح الباب لعديد من الأمور التي ستضر بالميزان الدولي، ويرغب في تغيير القاعدة الدستورية العليا الدولية، ويلغي القانون الأمريكي الصادر سنة 1976 الذي يحفظ الحصانة القانونية للدول ذات السيادة. ويلفت الغتيت النظر إلى أنه طبقاً لمقتضيات القانون الأمريكي، فإن الدولة إن لم تصنف كدولة راعية للإرهاب فلا يجوز رفع الدعوى عليها، وبالتالي لا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يتم رفع دعوى قضائية ضد أي دولة أمام محكمة وطنية. فرصة لبدائل عربية؟! وفي السياق ذاته يقول الإعلامي المصري أحمد المسلماني، إن هناك مجموعة في أمريكا تريد الحصول عن طريق الابتزاز على أموال السعودية، وهذه المجموعة لديها أدلة واهية من أجل اتهام المملكة الشقيقة، ونجحت في أن تجعل الكونجرس يقر قانوناً لمحاكمة السعودية في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وبعد 48 ساعة بدأت أول قضية من أجل محاكمة السعودية. ويشير المسلماني إلى أن الوقت طويل جداً أمامنا بخصوص المحاكمات، وإذا حُكم على المملكة بدفع مئات المليارات فإنه يمكن للسعودية سحب أموالها واستثماراتها من أمريكا، والكثير من الأموال السعودية التي تستثمر في أمريكا لن تذهب إلى أمريكا، والمملكة لها 700 مليار دولار أرصدة في أمريكا يمكن سحبها بشكل جزئي أو كلي مع الوقت. ويؤكد المسلماني أن ما يحدث يعني أن السعودية ودول الخليج ودول كثيرة لن تستثمر في أمريكا بعد هذا القانون، وأمامنا احتمالان: أن تسحب المملكة جزءاً من أموالها في أمريكا، والثاني أن الأموال التي كان من المفترض أن تذهب لأمريكا لن يتم إرسالها.ويشدد المسلماني على أن التحالف الإستراتيجي بين السعودية وأمريكا انهار، وسعر النفط تراجع، وبالتالي فإن القواعد الأساسية الحاكمة للعلاقة وهي البترول والعلاقات السياسية لم تعد موجودة، إذن لا بد من وجود إستراتيجية جديدة تحكم الآن، وأن الحل الوحيد يكمن في تجديد أفكار الوحدة العربية والتعاون العربي بمنطق جديد. ------ شكوك قائمة والكلام لن يفيد أما د.فوزية أبوخالد - الأكاديمية والكاتبة المهتمة بالشأن السياسي-فترى من جهتها، أن هناك شكوكاً كثيرة، في قانونية صدور هذا القرار، لافتة إلى ما يمكن عمله، للخروج بحلول استباقية تضاهي أسبقية صدوره – حد وصف الكونجرس الأمريكي – عند إصدارها لهذا القرار، موضحة ذلك بقولها: لا نختلف على أن ثمة شكوك تدور حيال قانونية صدور هذا القرار، منها أن صدوره يخالف الدستور الأمريكي، إذ لا يحق للكونجرس الأمريكي أن يصدر مثل هذا القرار، الذي يقاضي دولة أخرى، لأنه ليس من حقه، ولا من ضمن صلاحياته اتخاذه. أيضاً صدور هذا القرار، جاء متجاوزاً الأمم المتحدة، ومتجاوزاً أيضاً محكمة العدل الدولية. نحن من المهم جداً أن نعرف مدى قانونية صدور مثل هذا القرار، لأنه من الواجب علينا أن نفكر، كيف يمكننا أن نواجه هذا القرار، دون أن يقتصر دورنا على مجرد ردود فعل كلامية، بل علينا أن نفكر، بما هي الأفعال والأعمال الواجب اتخاذها؛ لنخرج بردود فعل استباقية، تضاهي ما وصف به هذا القرار لحظة صدوره من قبل الكونجرس الأمريكي، الذي أطلق عليه هذا الوصف، وبالتالي على حكومتنا وقيادتنا الرشيدة، أن تعمل على إصدار ردود فعل استباقية، من شأنها أن تبطل مفعول هذا القرار، خصوصاً إذا ما علمنا، أن صدوره جاء بتصويت من أغلبية ساحقة من مجلس الشيوخ الأمريكي، وإحدى وسائل إبطال هذا القرار، من وجهة نظر شخصية، أرى من الضروري، العمل مع منظمات أهلية شعبية من داخل المجتمع الأمريكي؛ لنجعلهم يستشعرون مدى الضرر الذي سيلحق بمصالحهم، فيبدأوا بالضغط على الإدارة الأمريكية، بضرورة تغيير هذا القرار، أو تجاوزه، حفاظاً على المصالح الأمريكية العليا التي ترتبط بالشعب. أما إن اقتصر دورنا، على ترديد عبارات (أمريكا خانتنا، بعد أن كنا أصدقاء وحلفاء، وطعنتنا في الظهر) وخلافه من هذه العبارات والأقاويل، فإنها لن تغير من الواقع شيئاً، في وقت نحن في حاجة فيه إلى ضرورة إحداث هذا التغيير، وعلينا أن نعي تماماً، كدول خليجية، وأخص هنا بلدي المملكة العربية السعودية، أن الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت في القرن العشرين، تختلف تماماً عن الولايات المتحدة الأمريكية في القرن الواحد والعشرين، فهي في أيام الحرب الباردة، كانت تحتاج إلى حلفاء في منطقة الشرق الأوسط تحديداً، وإلى تأييد سياسي منقطع النظير؛ ليتسنى لها إرساء قواعدها العسكرية بالمنطقة، بداعي تأمين الحماية لها. أضف لذلك، أنها كانت بحاجة ماسة إلى الاستفادة من الإنتاج النفطي من هذه الدول، في حين أنها اليوم أصبحت تنتج النفط من الحجر الصخري. أيضاً أصبح الموقف الأمريكي أكثر قوة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وأصبحت علاقتها مع روسيا أقرب ما تكون إلى العلاقة التكتيكية المستندة إلى تحقيق المصالح المشتركة فيما بينهما، وبالتالي علينا أن نقف وقفة جادة، نحدد من خلالها، كيف يمكننا أن نتصرف في ضوء كل هذه المتغيرات، دون أن نكتفي فقط على البكاء على اللبن المسكوب، إذ بإمكاننا أن نغير سياسات الإدارة الأمريكية، وأن نجعل مجلس الشيوخ الأمريكي، يفكر ألف مرة قبل إصدار أي قرار من شأنه أن يضر بمصالحنا، من خلال تقوية علاقتنا مع الشعب الأمريكي، ومع المنظمات الأهلية الأمريكية. أيضاً علينا أن نشتغل على أنفسنا، بإصلاح مجتمعنا، بحيث يكون مجتمعاً عاملاً ومنتجاً وفاعلاً، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، حتى نستطيع أن نستعيد قوتنا، لأن القوي، هو من يكتب التاريخ، وهو من يصدر القوانين والقرارات، لذلك صدر هذا القرار، بغض النظر عن صدقيته، ومدى ملاءمته للغير. ------ سابقة خطيرة أشار المحامي والمستشار القانوني د.قيصر حامد مطاوع بأن قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا) الذي أقره الكونجرس الأمريكي بالأغلبية، يعتبر سابقة خطيرة في القانون الدولي، حيث إن مبدأ الحصانة السيادة للدول يعتبر مبدأ متعارفاً عليه في القانون الدولي. وقانون (جاستا) قد عدل «قانون حصانات السيادة الخارجية» الأمريكي، والذي بموجبه تعتبر حكومات الدول لها حصانة سيادية تمنع مقاضاتها أمام المحاكم الأمريكية، إلا في حالات معينة، فإنه يمكن رفع دعاوى مباشرة ضدها. وبموجب (جاستا)، فإن هذه الحالات قد أضيف لها «الأعمال الإرهابية»، التي تقع على أرض الولايات المتحدة الأمريكية، سواء في أو بعد 11 سبتمبر 2001م. علماً بأن (جاستا) لم يسمِّ المملكة بالاسم، ولكن من المعلوم بأن (جاستا) قد سُن خصيصاً للسعودية. وعن تبعات سن قانون (جاستا) ذكر د.مطاوع بأنه من المتوقع إقامة سيل من الدعاوى القضائية ضد المملكة في المحاكم الأمريكية، حيث إنه قد تم إقامة دعوى بالفعل ضد المملكة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي يجب الاستعداد له من الآن، وذلك بتعيين أفضل شركات المحاماة الأمريكية للدفاع عن المملكة وإثبات براءتها من أي علاقة في أحداث 11 سبتمبر. قوانين مضادة أما عن تبعات (جاستا) على الصعيد الدولي، فقد نوه د.مطاوع إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ستكون من أكبر المتضررين من سن هذا القانون، نظراً لتدخلاتها وإضرارها بعديد من دول العالم، حيث إن هناك مبدأ في القانون الدولي يعرف بمبدأ المعاملة بالمثل، والذي بموجبه يمكن للدول سن قوانين مشابهة لمقاضاة دول أخرى في محاكمها المحلية، وقد تتوسع في الاستثناءات لنزع الحصانة السيادية عن الدول، فيمكن لليابان على سبيل المثال سن قانون يسمح لأسر ضحايا قنابل هيروشيما وناجازاكي بمقاضاة أمريكا أو جنودها ومطالبتهم بالتعويض. وقد أيقن بعض أعضاء الكونجرس هذه التبعات، حيث قال رئيس مجلس النواب بول ريان: (إن الكونجرس قد يضطر إلى إصلاح التشريع لحماية الجنود الأمريكيين على وجه الخصوص). كما قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السناتور الجمهوري بوب كوركر، إنه يعتقد أن القضية يمكن معالجتها في جلسة، بعد انتخاب أعضاء الكونجرس الجديد بعد انتخابات نوفمبر. غدر الصديق وبخصوص العلاقات المستقبلية بين أمريكا والسعودية، فقد أشار د.قيصر مطاوع إلى أن تحالف السعودية وأمريكا ممتد منذ (70) عاماً، والسعودية بعد هذا التحالف الطويل تشعر بأن أمريكا قد وجهت لها طعنة في الظهر بإصدار قانون (جاستا)، رغم علم الكونجرس والإدارة الأمريكية بأن المملكة من أكثر الدول المتضررة من الإرهاب، وبأنها من أكثر الدول التي تحارب الإرهاب أيضاً. وفي حال لم يتم إلغاء هذا القانون المسيس، فإن العلاقات السعودية الأمريكية ستتأثر بشكل كبير مستقبلاً. وأستطرد د.مطاوع وقال إنه يجب أن لا نتسرع في ردة الفعل الآن على قانون (جاستا)، ومن المهم التروي والتفكير في أي ردة فعل، حيث إن علاقتنا بأمريكا مهمة وإستراتيجية، ومن مصلحتنا إبقاء هذه العلاقة قائمة