أجمع أولياء أمور على محورية دور المعلم في العملية التعليمية، مشيرين إلى أن هذا الدور المركزي تراجع بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة لأسباب تتعلق بتغير متطلبات التعليم، مستدلين فيما ذهبوا إليه بتغير اسم الوزارة القديمة من وزارة التربية والتعليم، إلى وزارة التعليم والتعليم العالي، لافتين في تصريحات لـ «العرب» إلى أن هذا التحول أدى إلى تغير في شخصية المعلم من دوره التربوي الأبوي المهيب إلى مجرد موظف. وأضاف أولياء أمور أن انتشار المدارس الخاصة أدى إلى شيوع ثقافة الربح في العملية التعليمية، ما أثر على بعدها الرسالي والأخلاقي للمدارس. معهد المعلمين أكثر تميزاً وقال المواطن جمال السويدي «إن المعلمين القدامى كانوا يتميزون بكفاءة أعلى، فالمعلم في الحقبة السابقة كان يتخرج من معهد المعلمين ويحصل على تدريب يؤهله لأن يكون معلما بحق. وأكد السويدي أنه ليس مختصا حتى يقوم بتقييم كليات التربية ولكنه يجزم بأفضلية خريجي معهد المعلمين على غيرهم من خريجي الكليات. وأشار السويدي إلى أن التخرج من معهد المعلمين كان شرط الالتحاق بالتعليم، وليس مثل الآن، فكثير من أصحاب التخصصات الأخرى الذين لا يجدون عملا يفضلون الالتحاق بالتدريس ويكتسبون الخبرة خلال السنوات التي يقضونها في المدارس، ولكن هذا يكون على حساب تحصيل الطلاب. دور المعلم تربوي وأكد جمال أن مقولة التربية قبل التعليم كانت من مهام عمل المدارس في الوقت السابق، مشيرا إلى أن المعلم كان له شخصية الأب، وهو مهاب في المدرسة، وبالتالي يفرض شخصيته على الطلاب ويمارس دورا تربويا، لافتا إلى أن هذا الغياب انعكس على العلمية التعليمية برمتها، فالمعلم كان يدرس للطالب الذي لم يستوعب الدرس بمفرده، ويصبر عليه حتى يصبح في مستوى زملائه الآخرين، مدفوعا بنتاج الروح الأبوية التي تحكم عمله، وتعتبر عن أدوات العمل بالمدارس. وأضاف السويدي أن التعليم الآن أصبح وظيفة لا أكثر بدلاً من كونه رسالة، وبالتالي غاب الدور الذي كان يلعبه المعلم في السابق، كما أن بعض المدارس الخاصة اتجهت للربح، وبالتالي أصبحت العملية تجارية، وكل هذا يمنع المعلم من القيام بدوره التربوي كاملا. معلم ومربٍّ من جهته، أكد سعيد المري على دور المعلم المركزي في العملية التعليمية، مشيرا إلى أن صلاحياته يجب أن تمتد للدور التربوي أيضا، وألا تنحصر في العملية التعليمية، مشيرا إلى أن تهميش دور المعلم في العملية التعليمية، سوف تكون له عواقب وخيمة على الأجيال الجديدة. وأضاف المري أن المعلم في السابق كان أفضل لعوامل متعددة، لكن المعلم الآن معد إعدادا كبيرا لاسيما أن هنالك مجهودا كبيرا يبذل في هذا المضمار. وقال المري إن واجب المعلم أن يكون صارما وأن يوقع عقابه على المخطئ من غير قسوة، لافتا إلى أن القسوة المفرطة تتسبب في نفور الطلاب من التعليم، منوهاً بأهمية أن يراعي المعلمون التفاوت بين الطلاب، وأن هناك تباينا في قدراتهم في التحصيل والالتزام. التربية قبل التعليم من جهته قال منصور الشهواني: في السابق كانت الوزارة تسمى وزارة التربية والتعليم، وبالتالي فإن التربية كانت قبل التعليم، ولكن الآن تسمى وزارة التعليم والتعليم العالي، ونفهم أن دورها انحصر في التعليم، وهذا تراجع. وأوضح أن الكفاءة المهنية للمعلمين القدامى والجدد على نفس المستوى، لكن في السابق، كان المعلم متفوقا ببعده التربوي وشخصيته وصلاحياته التي كانت تمتد إلى تأديب وتهذيب الطالب، الأمر الذي عده الشهواني نقطة لصالح المعلم القديم وتعطيه ميزة على المعلم الحالي الذي لم يعد يمتلك هذه المميزات ولا القدرات الخاصة. القدرات متوافرة بالمقابل يرى المواطن حسن العمادي أن الجيل الجديد من المعلمين والذين تعلموا على يد مناهج متطورة وتخرجوا من جامعات حديثة، يمتلكون قدرات أكبر في التعليم والتخاطب مع الجيل الجديد لاسيما بعد دخول التكنولوجيا في التعليم، ما قرب المعلم الذي يمتلك معرفة بناصية التكنولوجيا أكثر إلى الطلاب. معلمون يعملون وسطاء لـ «الدروس الخصوصية» شكا أولياء أمور لـ «العرب» أن بعض المعلمين أصبحوا يلعبون دور الوسيط بين الطلاب وزملائهم من المعلمين الذين يدرسون مواد أخرى من إعطائهم دروساً خصوصية، وقالوا: «إن معلم رياضيات ينصح طلابه بأخذ دروس في الفيزياء، أو الكيمياء، ويخبرهم بأنه يعرف معلمين متميزين يعطون دروسا خصوصية في هذا المواد». وأكد أولياء الأمور أن الطلاب لثقتهم الكاملة في معلمهم الذي يفترض أن يكون قدوتهم لا يلحظون الهدف التجاري من هذه النصيحة، بل يطالبون أسرهم بأخذ دروس خصوصية في مواد قد لا يحتاجون إليها، منوهين بأن هذا السلوك يضغط الأسر ماليا وينهك الطلاب في أخذ دروس غير مهمة. وأوضح أولياء الأمور أن ثقافة الدروس الخصوصية تمتد إلى داخل أسوار المدارس، فرغم أن الدروس الخصوصية تكون خارج أسوار المدرسة فإن بعض المعلمين ينقلها إلى داخل الفصل، وتنعكس في شكل معاملة تفضيلية للطالب الذي يأخذ دروسا مع المعلم. «دروس منزلية» ولا يلتزمون بالوقت المحدد قال عدد من أولياء الأمور: «إن المعلمين الذين يدرسون لأولادهم دروساً خصوصية لا يقدمون الخدمة على أكمل وجه، ويتلاعبون بالأوقات المخصصة لهذه الدروس، موضحين أن الاتفاق ينص على حصة تدريسية لمدة ساعتين، ولكنها لا تتجاوز في الحقيقة مدة ساعة ونصف، لافتين إلى أن مثل هذا السلوك يكبدهم المال بلا مقابل تعليمي حقيقي. وأوضحوا أن بعض المعلمين والمعلمات يعطون أولادهم واجبات أثناء الدروس، ولا يقومون بشرح ولا توضيح للمناهج الدراسية، لافتين إلى أن المعلم الذي يقوم بهذا السلوك يهدف من وراء هذه التدريبات إضاعة الوقت والتفرغ لإجراء مكالمات هاتفيه أو متابعة تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثَم يطالب بأجره كاملا. المحمدي لـ «العرب»: المعلم «محور» العملية التعليمية قال الأستاذ حسن المحمدي، مدير إدارة العلاقات العامة والاتصال بوزارة التعليم والتعليم العالي لـ «العرب»: إن العملية التعليمية متكاملة مركزها المعلم، مشيراً إلى ضرورة تكامل أدوار الأسرة والمجتمع في دعم المدرسة حتى تقوم برسالتها، ونبه المحمدي للدور الكبير الذي يلعبه الإعلام في دعم العملية التربوية، لكنه أشار إلى أهمية عدم تضخيم السلبيات لأن هذا يعطي رسائل سلبية عن التعليم. وأوضح المحمدي في تصريحات خاصة لـ «العرب»: «أن خطأ معلم واحد -على سبيل المثال- لا يمكن أن يعمم على أكثر من 15 ألف معلم، وناشد الجهات المختصة بتبجيل المعلم وإبعاده عن المنازعات، مطالبا بتكوين جهات شرطية يمثل أمامها المعلم حال طلبه للمثول إلى التحقيق، لافتا إلى أن دخول المعلم مركز الشرطة للتحقيق معه في أية شكوى، يعد انتقاصا من قدره. وبيّن المحمدي أن الدروس الخصوصية ظاهرة قديمة، موضحا الدور الكبير الذي تقوم به الوزارة للحد من انتشارها، وتطرق للخطوات التي اتخذتها الوزارة من تقديم دروس إثرائية بالإضافة إلى مناهج مصورة وغيرها من القرارات المدروسة التي يتخذها مختصون. وعن محاباة بعض المعلمين للطلاب الذين يعطونهم دروسا خاصة قال المحمدي: «إن اللائحة واضحة والمعلم الذي يعطي طلاب مدرسته دروسا خصوصية يتم إنهاء تعاقده، لافتا إلى أن اللوائح تمنح المعلم مساحة أن يفرض هيبته، وأن شخصية المعلم ليست بالزعيق في الطلاب وإنما بمركزه واحترامه، ومظهره، وسلوكه القدوة.;