أظهرت الأحداث العالمية في الأشهر القليلة الماضية أهمية استعداد نظام الرعاية الصحية لأي بلد للتحرّك بسرعة والاستعداد لمواجهة أية تحدّيات أو تهديدات تواكب عادة حالات الطوارئ والكوارث. وشهد العقد الماضي، عدة حالات طوارئ بارزة من حالات أوبئة الأمراض المعدية، إلى الكوارث الطبيعية والنزاعات والحوادث، في حالات كهذه، لا بد من وجود استراتيجية حول قدرة القطاع الصحي على التعافي والاستجابة لتلك الحالات واليوم أكثر من أي وقت مضى. أكد الخبير الدولي إميل سلهب، مدير المشاريع لدى بوز آلن هاملتون، لـ «العرب»، أهمية التركي على استراتيجيات الاستعداد لمواجهة الحالات الطارئة المرتبطة بقطاع الصحة. وقال «في عالم يشهد تواصلاً متنامياً بين الشعوب في أماكن التجمعّات الكثيرة في العالم، تنتشر الأوبئة بسرعة ويمكن أن تتسبّب بموت المئات من المصابين». وأضاف: «تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإدراك أهمية الأمن الصحي بسبب الحركة الكبيرة للشعوب بين بلدانها، مع تنامي مكانة تلك المنطقة كمركز عالمي للترانزيت واستضافتها العديد من الأحداث الكبيرة. التأثير الاقتصادي وأوضح أن وجود مناطق كثيرة في العالم تواجه تحديات حالات الطوارئ، منها البرازيل التي استضافت الألعاب الأولمبية ريو 2016، حيث تنامى القلق حول واقع الصحة العامة بسبب الانتشار العالمي لفيروس زيكا، خصوصاً وأن حوالي 500 ألف سائح قصدوا ريو دي جانيرو، وعادوا إلى بلادهم مع احتمال حملهم لهذا الفيروس». وأشار إلى أن مصادر البنك الدولي تؤكد أن انتشار فيروس زيكا الذي اجتاح أميركا اللاتينية منذ العام الماضي سيكون له تأثير اقتصادي على بلدان المنطقة يصل إلى 3.5 مليارات دولار أميركي في العام 2016 وفي حالة مشابهة لا بد من الإشارة إلى أن انتشار فيروس إيبولا في العام 2014-2015 في غرب إفريقيا قد تسبّب بمقتل أكثر من 11 ألف شخص إضافة إلى خسائر قدّرت بأكثر من 2.5 مليار دولار. منع التهديد وقال في تصريحاته لـ «العرب»: «كلّما تم رصد أو منع التهديد مبكراً، كلّما كان تأثيره أقل على الصحة العامة والبنية التحتية والاقتصاد والموارد الوطنية، لذا فإن المراقبة المتكاملة والتجاوب في الوقت المناسب يشكّلان محاور أساسية لأية استراتيجية مرتبطة بالأمن الصحي. يتطلّب التخطيط والتجاوب مع الأحداث المرتبطة بموضوع الصحة العام تعاوناً مكثّفا بين الوحدات الحكومية كالنقل والاتصالات والدفاع المدني والإعلام المملوك من الحكومة، إضافة إلى المستشفيات وجهات التزويد بالمنتجات والخدمات ومصادر الاستجابة الرئيسية». وذكر أن ضمان القدرات التالية على المستوى الوطني هو أمر أساسي للتجاوب المتكامل، من خلال تحديد المعلومات الوثيقة الصلة بالحالة والمتاحة في الوقت الصحيح والمشاركة بها لقياس الخطر بأفضل صورة والتجاوب بالطريقة الملائمة. والمجموعة المناسبة من صنّاع القرار من الدوائر الحكومية المعنية لوضع خطة تجاوب سريعة ومحكمة التخطيط وإجراءات واضحة والعمل وفق التسلسل الهرمي لتجنب الارتباك والفوضى، ومبادئ توجيهية لمزودي العناية الصحية حول كيفية الاستعداد لحوادث من هذا النوع، ولفت إلى أهمية التدريب والتدرّب على نماذج من الحالات مع المعنيين الرئيسيين لتحضير فريق إدارة الحوادث واختبار فعّالية الاستجابة. وحدة استجابة وطنية وأشار إلى إمكانية إنجاز هذا الأمر من خلال تأسيس وحدة استجابة وطنية لشؤون الصحة تتلخص مهمته في ضمان الوعي الظرفي لتحديد الأحداث والاستجابة حيالها، وتعزيز الوصول إلى اللوازم الصيدلانية الحساسة (من خلال التخزين أو الإنتاج المحلي)، والمشاركة والدعم في التخفيف من حوادث الصحة العالمية (وباء إيبولا مثلا)، وبناء قدرات وطنية من الجمهور المعني والجهات الخاصة للاستجابة لأي حادث، والقيام بتدريبات وأبحاث علمية، والعمل كمصدر موحّد وموثوق للمعلومات المرتبطة بالحدث وقال الخبير الدولي: «يبدو بناء القدرات الوطنية معقّدا وعالي التكلفة، لكن الاستثمار المطلوب يعوّض بالإجراءات الاحترازية والتوفير الناتج عن الأحداث التي يتم تجنّبها أو التحكّم بها. ومن حيث التنفيذ، هناك بعض الإنجازات التي تتيح نتائج مبكرة وتسرّع عملية التطبيق. وتتضمن تلك الإنجازات، ولا تقتصر على أطر عمل ثابتة ومضمونة النتائج لتوجيه عملية تأسيس وحدة استجابة وطنية، والحلول السحابية لتسريع نشر التكنولوجيا المطلوبة لدعم الوعي الظرفي، مثل Healthmap.org التي تتيح معلومات في الوقت الصحيح حول مجموعة واسعة من الأوبئة المعدية الناشئة.;