لم يكن (صالح المنصور) غبيًا، وإنما سيد قومه المتغابي! وأكبر دليل على دهائه أن (الشيوعي الأخير) مات ـ رحمه الله ـ وهو يسكن قصرًا فخمًا في أحد أحياء الرياض العريقة!! لم يرثه عن عائلته المعروفة بنبلها وثرائها التاريخي! ولم يفرِّط للحصول على القصر بـ(الشبك) الكبير، الباقي شاهدًا (بورًا) زورًا على برجوازيته الحقيقية، إذ بدأ حياته رئيسًا لمركز في الجنوب، استقال منه وعاد إلى مزرعته، وأمَّمها بنفسه لمجموعة من الكادحين العرب، وجعل منها معسكرًا أحمر، ترفرف فوقه (خرقة) أحمر منه، رسم عليها (المنجل والمطرقة) بيده! ولكن ما هو إلا موسم واحد حتى أجدبت المزرعة، وخذله (الرفاق) بعد كل ما صرفه عليهم، وتسابقوا للعمل (أُجَراء) في مزارع جيرانه (الإقطاعيين)!! فكيف تمكن من العيش في هذا القصر دون أن يتنازل عن مبادئه الشيوعية؟ تعود القصة الموثقة بالتواتر، إلى عام (2009)؛ حين فوجئ به المثقفون أثناء معرض الكتاب (ينخاهم) للتوقيع على معروض يزمع رفعه إلى مقام صاحب القصر، لا يستجديه ولا يستأذنه، بل يخبره فقط بسقوط حقه في ملك القصر المهجور منذ (20) عامًا طبقًا للقانون الدولي: (الأرض لمن أحياها)! حيث سدد فواتير (الكرهب) المتراكمة منذ ذلك التاريخ، ورمَّم جناحًا يسعه، ويسع العمال الذين قاموا بالترميم والتنظيف وفاءً للرفيق (صالح)، الذي احتضنهم أول مجيئهم للمملكة، وساعدهم في الحصول على مساكن محترمة تحت سلالم العمائر، وفوق سطوحها، وفي مآذن بعض المساجد! وكان يجمع لهم بنفسه بقايا الأكل من أشهر المطاعم (الإقطاعية)!! وقد خذله المثقفون ـ كما هي عادتهم ـ خذلانًا هوَّن عليه خذلان الرفاق من قبل؛ ليتذكر (بلدياته) الشاعر الأمير (محمد الأحمد السديري)؛ الذي يعده (المنصور) رفيقًا اشتراكيًا لقوله: لا خاب ظنك في (الرفيق) الموالي * مالك مشاريهٍ على نايد الناس!! وبعد بحثٍ مضنٍ، وواسطة ثقيلة، وصل للمالك الثري، واكتشف أنه لا يذكر هذا القصر؛ لأنه لم يعد يساوي فتفوتةً من فتات ثروته الكبيرة! وفوق هذا اكتشف فساد البطانة التي جعلت من القصر (ديدًا) ترضع منه كل هذه السنين، دون علم المالك النبيل! فلم يكتفِ باسترداد الـ(200) ألف التي أحيا بها القصر؛ بل وتواضع وقبل تعيينه مشرفًا عليه وعلى سكانه من (الرفاق)!!! نقلا عن مكة