×
محافظة المدينة المنورة

إدارة أحد: تأخر صرف مستحقاتنا فاقم العجز

صورة الخبر

د. حبيب الملا عفواً لا يمكنك السفر، جملة تكررت ولا تزال في أروقة مطاراتنا يُصدم بها المرء حين يكون قد أنهى ترتيبات سفره وجهز للرحلة كل تجهيزاتها فتأتيه هذه الجملة لتنزل عليه كوقع الصاعقة فإذا بها تحيل كل مخططاته وترتيباته هباءً منثوراً، لا فرق في ذلك بين مواطن أو وافد، بين صاحب سوابق وبين من لا يعرف إلى المحاكم طريقاً. والأغرب من ذلك أن تأتيك هذه الجملة دون أي شرح أو مبررات، فأنت لا تعلم لم منعت من السفر، وأية جناية ارتكبت يداك حتى تطالك مثل هذه العقوبة، وتضرب أخماساً بأسداس، تحاول أن تتبين الجرم الفادح الذي ارتكبته حتى يوصل بك الحال إلى هذه النهاية المأساوية فلا تجد إلى ذلك سبيلاً ولا تملك من الأمر إلا أن تلغي كل ترتيبات سفرك، حتى وإن كنت على موعد لإنجاز صفقة هامة أو اللحاق بظرف عائلي قد يكون مرضاً أو لا سمح الله وفاة. فكل ذلك لا يهم طالما أنك ممنوع من السفر، وبعد بحث وجهد بين أروقة المحاكم تكتشف أن الأمر لا يتعدى فاتورة هاتف ربما نسى موظفك سدادها أو تأخر في ذلك، ولو أنك أدركت الأمر في حينه لسويت الأمر في التو والساعة دون أن تضطر إلى إلغاء سفرك ولكنها الإجراءات المقدسة التي لا بد أن تطاع والتي ظلت ثابتة على مدار السنين لا تؤثر فيها عوامل النقد والشكوى حتى من المختصين ولا يعتريها التغيير، وكيف ذلك وهي المقدسة! بعد هذه المقدمة الطويلة أقول إنه قد آن الأوان لإيجاد حل جذري لهذه المسألة المحرجة، فمنع الناس من السفر في المطارات مسألة غير حضارية، خاصة عندما يكون الشخص برفقة عائلته وقد أعد للأمر عدته. وتغيير حجوزات الطيران وتذاكر السفر وحجوزات الفنادق ليست بالمسألة الهينة وتكلف الكثير، ودولة الإمارات التي بلغت من التنمية الإدارية ما بلغت لا يعجزها حل مشكلة بهذه البساطة، خاصة وأن المسؤولين الحكوميين عن إدارة المطارات قد اشتكوا من هذه المسألة لما تسببت لهم من إحراج. وحتى لا يساء الظن فيما أقوله، فإن ما أدعوا إليه ليس إلغاء المنع من السفر وإنما معالجة الأمر بحزمة إجراءات إدارية كفيلة بتحقيق الغاية المقصودة، وهي تحصيل الديون المطلوبة وليس إنزال العقاب، وما أتطرق إليه هي حالات المنع من السفر في القضايا المدنية وأغلبها ديون بسيطة تتعلق بفواتير الاتصالات أو الخدمات مثل الكهرباء، وليس التعميم الذي يصدر بحق من يرتكب أفعالاً يجرمها القانون. وهذه بعض الإجراءات الكفيلة بتحقيق هذه الغاية دون الإرباك الحاصل حالياً في شأن هذه المسألة. 1 لماذا لا يتم تخصيص موقع لحالات المنع من السفر في القضايا المدنية يمكن لصاحب الشأن الاطلاع عليه برقم الهوية مثلاً للتأكد من خلو اسمه من القائمة أو من وجود اسمه فيها حتى يتسنى له معالجة الأمر قبل السفر، وهذا الأمر له شبيه في تطبيق شرطة دبي التي تمكن المستخدم من الولوج إليه لمعرفة المخالفات المرورية الموجودة على سيارته فيقوم بدفعها. وقد استحدثت وزارة العدل في دولة الكويت هذا الأمر من خلال موقع إلكتروني يمكن من خلاله التأكد مما إذا كان الشخص ممنوعاً من السفر. 2 في حال عدم قيام إبلاغ الشخص بالتحقق من خلو قائمة منع السفر من اسمه لدين مدني، فلا بد من إيجاد آلية فورية في المطار يمكن للشخص من خلالها أن يقوم بتسديد ما عليه ومتابعة سفره، إذ لا يعقل أن يتكبد شخص آلاف الدراهم من الخسارة المادية ناهيك عن الأضرار المعنوية المترتبة على إلغاء السفر بسبب فاتورة هاتف لا تتعدى مئات الدراهم خاصة عندما يكون مستعداً لتسديدها. والأمر نفسه يمكن تطبيقه في حالات المنع من دخول الدولة، فطالما أن الغاية هي منع الشخص من الدخول فيسع الأمر أن يوجد موقع يتضمن أسماء الممنوعين من الدخول (ليس من صدرت ضدهم أحكام جنائية) حتى يعفي هؤلاء أنفسهم مشقة السفر ويعفون من إجراءات الترحيل. وأعود وأؤكد أنه لا خلاف على المضمون، فمنع السفر أمر قضائي له كل الاحترام والتوقير، إلا أن المسألة يمكن تنظيمها بشكل أكثر لياقة ولباقة من خلال إيجاد آليات تحقق الغاية المقصودة. فهل نسعى لذلك؟.