انتشرت انتقادات جاستا حتى بلغت أقصى الشرق روسيا والصين، لم يعد الإعلام الأمريكي وحده من تنبه لضرر جاستا على أمريكا ذاتها، استفاق إعلام دول أخرى شاركت أمريكا إرهابها في المنطقة، بريطانيا مثلا، وتخشى تداعيات القانون. إلا أن كل هذا لا يعنينا في شيء، ولن يفيدنا عند نظر أول قضية ضد المملكة، يبهجنا نعم، لكنه لن يوقف طوفان الغرور والعنجهية الأمريكية، تذكرون أكذوبة أسلحة الدمار الشامل في العراق وكيف فرضتها أمريكا كحقيقة في الأمم المتحدة ووزير خارجيتها يشرح صورا مزورة لمخابئ هذه الأسلحة، أرادت أمريكا غزو واحتلال العراق وفعلت ذلك ضد إرادة المجتمع الدولي. أدري بحاجتنا لفريق قانوني، لكن لم يجب أن يكون أمريكيا وبالكامل، فرنسا مثلا أم القانون، في الصين وروسيا شركات محاماة يسعدها الانتصار على طرف منافس عالميا، هناك مراكز عربية يهمها تبني القضية، المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان مثلا، الذي أطلق حملة دولية لمقاضاة أمريكا ومسؤوليها بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ودعوته الدول الأخرى تبني «جاستاهم» الخاص (عكاظ، 3 أكتوبر). مجلس شورانا الموقر يمكنه بدلا من بحث قانون التسول والبطالة، اقتراح تشاريع مماثلة، مثلا لسجناء غوانتانامو البريئين، للتحقيق في مدى دعم أمريكا عسكريا وماديا لداعش الذي مارس إرهابا في بلدنا، أو للبحث في استغلال أرامكو لنا عندما كانت أمريكية 100%، أو تشريع يلزم أرامكو بالبيع بالريال، ومؤسسة النقد بفك الارتباط بالدولار، فهو مهما كان مكلفا علينا، فإنه سيهز ما تبقى من قوة ومركزية الدولار الأمريكي. مواجهة جاستا قانونيا ضرورية لكنها ليست كافية، هذه وسائل دفاعية وما يلزمنا هو الهجوم، مدعومين بعدم وجود دليل واحد لتورط المملكة في دعم القاعدة التي كانت في حالة حرب معها، أو الجهاديين السعوديين في الخارج الهاربين من المملكة والمطلوبين أمنيا لها. لنخرج من صومعتنا ونواجه أمريكا عالميا، لنبدأ بمخاطبة الرأي العام العالمي لشرح مزاعم أمريكا، لنذهب للأمم المتحدة لسؤالها عن سيادة القانون الدولي الذي ترعاه، لنأخذ الأمر لمجلس الأمن وهناك أكثر من عضو يهمه عدم المساس بسيادة الدول، ويهمه عدم فرض أمريكا قانونها الخاص على العالم، لنتبنى قضايا أفراد ودول ضد أمريكا وإن بطرق غير مباشرة. ليس الهدف جلبة إعلامية وإنما لكشف ابتزاز أمريكا والإضرار بما تبقى من سمعة حسنة لها حول العالم، ستشل حركة نشاطهم وستبطئ انتشار شركاتهم، ستجعلهم مكروهين أكثر ومهددين بالاعتقال أينما حلوا، كشفت الصنداي تايمز بالأمس أن البنتاغون صرف أكثر من نصف مليار دولار لشركة علاقات عامة بريطانية لتحسين صورة أمريكا في العالم العربي، ستكتشف أمريكا وإن متأخرة أن من بيته زجاج لا يستحم عريانا أمام الناس.