برهنت المانيا المتهمة بعدم المشاركة بشكل كاف في حل القضايا على الساحة الدولية، هذا الاسبوع على نشاط وتصميم غير عاديين للمساعدة في تسوية الازمة الاوكرانية مؤكدة بذلك وزنها الدبلوماسي. ولفت المحللون الى ان المانيا اصبحت اكثر فاكثر الناطق باسم الاتحاد الاوروبي في علاقاتها مع اوروبا الشرقية وروسيا، مستفيدة من قربها الجغرافي وشبكات النفوذ الناشطة منذ عقود. وقد نظمت المستشارة انغيلا ميركل التي نشأت وترعرت في المانيا الشرقية سابقا وساطة لعبت دورا حاسما في المواجهة التي استمرت ثلاثة اشهر بين نظام الرئيس فيكتور يانوكوفيتش المقرب من روسيا والمتظاهرين المؤيدين لاوروبا. وفي وقت تبدو فيها لندن وباريس في تراجع استقبلت ميركل الاسبوع الماضي قادة المعارضة وبينهم فيتالي كليتشكو الذي يعيش منذ سنوات في المانيا حيث يحظى بشعبية كبيرة. وفيما اتخذت التظاهرات منحى دمويا، لم تتردد في الاتصال بالرئيس الاميركي باراك اوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لتنسج تحالفا اوروبيا. وقد لعب وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير مع نظيريه الفرنسي لوران فابيوس والبولندي رادوسلاف سيكورسكي دورا رئيسيا لانتزاع اتفاق بهدف انقاذ البلاد من حالة الفوضى. ورحبت صحيفة دي فيلت اليومية بهذه المغامرة الدبلوماسية. وكتبت ينبغي ان لا يقول احد ان اوروبا نمر من ورق على الصعيد الدبلوماسي. واكد ستيفن سيبرت المتحدث باسم المستشارة ان ميركل حضرت الارضية للمهمة الحاسمة التي قام بها الوزراء الاوروبيون. ولفت سيبرت الى ان ميركل اتصلت الخميس بيانوكوفيتش ونجحت في اقناعه بقبول الوزراء الاوروبيين الموجودين في كييف كمحادثين، كشهود وكوسطاء. لكن يبدو ان الوضع ما زال بعيدا عن الاستقرار كما حذر يورغ فوربيغ الخبير في صندوق مارشال الالماني. مؤكدا وجوب الحذر الكبير.. لان كثيرا من الامور يمكن ان تخرج عن المسار بشكل قذر. لكن ان جرى كل شيء على ما يرام فذلك سيثبت ان اوروبا الشرقية منطقة يمكن ان ينجح فيها الاتحاد الاوروبي بسياسة خارجية خاصة به وحيث يمكن للاتحاد الاوروبي ان يصنع الفرق. واضاف الخبير هناك الكثير من المواضيع التي سيبقى الاتحاد الاوروبي فاعلا فيها من الدرجة الثانية، لكن بالنسبة لجيرانه الشرقيين فانه صوت اولوي، مع روسيا بكل تأكيد. وتأتي المبادرة الالمانية في اوكرانيا بعد سلسلة تحركات لدعم المعارضين والناشطين المطالبين بالديموقراطية في روسيا وفي الجمهوريات السوفياتية السابقة. ولفت يان كوهلر الخبير في الجامعة الحرة في برلين الى ان المانيا اضحت اكثر نشاطا بشكل واضح في المنطقة، معتبرا ان المعتقدات الديموقراطية والمصالح الاستراتيجية تتقاطع هنا. وفي كانون الاول/ديسمبر الماضي تمكن وزير الخارجية الالماني الاسبق هانس ديتريتش غينشر من اقناع بوتين بالافراج عن المعارض ميخائيل خودوركوفسكي. وعقد خودورفسكي الذي وصل على متن طائرة خاصة بفضل علاقات غينشر، مؤتمرا صحافيا في المتحف الواقع امام نقطة العبور الشهيرة بين برلين الشرقية وبرلين الغربية خلال الحرب الباردة تشيك بوينت تشارلي. وفي هذا المكان تحديدا عبر الناشط الاوكراني ديمترو بولاتوف الذي خطف وعذب من قبل انصار حكومة كييف، علنا عن موقفه قبل اسبوع. وكان شتاينماير مارس ضغوطا شديدة على نظيره الاوكراني للسماح لبولاتوف بمغادرة البلاد. وفي السنوات الاخيرة نشط الالمان ايضا بشكل كبير من اجل المعارضة يوليا تيموشنكو حتى وان لم يتمكنوا من الافراج عنها لتلقي العلاج في برلين. والتدخل الالماني في اوروبا الشرقية ليس وليد الامس على ما ذكر كريستيان فيبرفورث خبير القضايا الروسية في المجلس الالماني للشؤون الخارجية. فقد سبق ان لعبت برلين دورا ناشطا اثناء الثورة البرتقالية في 2004 في اوكرانيا وكذلك اثناء حل النزاع بين روسيا وجورجيا في 2008. وقال الخبير ان خبرة المانيا الجيدة بالمنطقة لا تقتصر على نحو عشرين دبلوماسيا، مشيرا ايضا الى الدور الهام الذي تلعبه العلاقات الاقتصادية. واوضح هناك بكل بساطة من الخبرة في المانيا بخصوص روسيا اكثر من اي دولة اوروبية كبرى اخرى.