×
محافظة المنطقة الشرقية

«تاريخ صربيا» يثير جدلا بين أعضاء «الشورى»

صورة الخبر

تحت ضوء شمس السابع من حزيران(يونيو) 1981، شــنّت إسرائيل اعتداء جويّاً مباغتاً على بغداد. وقصفت 8 طائرات مقاتلة - قاذفة من نوع «إف- 16» الأميركيّة الصنع، مُفاعِل «تمّوز» النووي، الذي كان أول مُفاعِل من ذلك النوع في العراق. وعادت الطائرات المغيرة جميعها الى إسرائيل، كاشفة زيف الدعاوى المتغطرسة عن القوّة التي دأب نظام صدام حسين على الترويج لها. دمر الهجوم الجوّي الإسرائيلي أجزاءً واسعة من المُفاعِل. وسقط نتيجة القصف عشرات القتلى من عراقيين وفرنسيّين وتشيكوسلوفاكيّين، وعشرات من الجرحى. كما نجم عن الغارة انطلاق تلوّث إشعاعي مضر ومميت.   قرار أممي عادل لم ينفذ تذكيراً، كان مُفاعِل «تموز» قيد الإنشاء عندما دمّره الطيران الإسرائيلي. وأثبتت المعطيات لاحقاً أنّه كان معدّاً لأغراض سلميّة، بينها بحوث الفيزياء النوويّة، وفيزياء الحال الصلبة، وإنتاج النظائر المشعّة وغيرها. وكان يفترض بذلك المُفاعِل أن ينتِجَ طاقة كهرباء بقرابة 40 ميغاواط/ ساعة. وتم العمل عليه بالتعاون مع الحكومة الفرنسيّة، بتكلفة لامست نصف بليون دولار. آنذاك، شجب مجلس الأمن بالإجماع الغارة العسكريّة الإسرائيليّة، وطالب تل أبيب بالامتناع في المستقبل عن أعمال مشابهة أو التهديد بها. ونص قراره رقم 487 في 19/6/1981 على حقّ العراق في الحصول على تعويضات من إسرائيل نتيجة هجومها على مُفاعِل «تموز». لحد الآن، لم ينفذ ذلك القرار الأممي العادل، لأسباب من بينها إهمال الحكومات العراقيّة المتعاقبة ملاحقة حق العراق في التعويض. انصرمت 35 سنة على القرار المذكور. وتغيّر خلالها نظام الحكم في بغداد، بل تعاقبت حكومات عراقيّة عدّة لم تفعل سوى إطلاق التصريحات والوعود. ولحد الآن، لم يتحرّك المسؤولون المتنفّذون جديّاً لأخذ حق العراق، لكنهم أطلقوا تبريرات متنوّعة ومتناقضة عن ذلك التقاعس. ووفق وسائل إعلام عراقيّة، كان النظام السابق ينوي المطالبة بتعويضات ماليّة، لكن حال دون ذلك عوامل تشمل الحرب العراقيّة - الإيرانيّة التي دامت 8 سنوات، ثم غزوه دولة الكويت في 1990 الذي عوقِب عليه بحرب تحريرها في 1991، وفرض عقوبات اقتصاديّة دوليّة على العراق دامت 13 عاماً وغيرها. وعقب سقوط النظام في 2003، أطلِقَتْ وعودٌ بملاحقة إسرائيل قانونيّاً على قصف مُفاعِل «تمّوز». وبصورة غير مؤكّدة، قيل أن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وجّه في 2009 وزارة الخارجية بمفاتحة الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتفعيل قضية مطالبة إسرائيل بدفع التعويضات وفق القرار الأممي المذكور. ولم تظهر دلائل فعليّاً على ذلك الأمر. وقيل أيضاً أن مجلس الوزراء طالب الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني(نوفمبر) 2014 بتفعيل قرار مجلس الأمن الدولي الذي يلزم إسرائيل بدفع تعويضات إلى العراق. ولم يظهر شيء عن نتيجة تلك المطالبة.   مأساة الجهل في أواسط حزيران 2016، أعلن النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي همام حمودي أنّ العراق يعتزم مقاضاة إسرائيل نتيجة قصفها مُفاعِل تموز وإلزامها دفع تعويضات ماليّة عن ذلك الاعتداء، من دون أن يحدّد موعداً لذلك. وكذلك خرج نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب عبد الباري زيباري بطرح آخر، معلناً أنّ العراق لم يستطع حتى الآن الحصول على الدعم الدولي اللازم لرفع دعوى قضائيّة ضد إسرائيل في شأن قصفها المُفاعِل النووي. في ذلك الوقت، أوضح الخبير القانوني والعسكري طارق حرب أن الموضوع لا يحتاج إلى مقاضاة أو دعوى أمام المحكمة، لأن قرار مجلس الأمن (487) في 19/6/1981 ألزم إسرائيل بتعويض العراق عن الأضرار التي أصابته نتيجة قصف مُفاعِله النووي. وأوضح حرب أن الموضوع يجب متابعته من جهات تشمل وزارات الخارجيّة والدفاع والعلوم والتكنولوجيا، لتحديد مبلغ التعويض، ثم مطالبة الأمم المتحدة بتحصيله. وأشار حرب إلى مفارقة تكمن في حصول إسرائيل على تعويضات من العراق بعد سقوط صدام حسين، على رغم أن العراق لم يلحق ضرراً بالبيئة فيها، بل إن الـ39 صاروخ «سكود» التي أطلقها نظام صدام على إسرائيل لم ينجم عنها سوى حال وفاة وحيدة!   (أكاديمي عراقي مقيم في السويد)