×
محافظة المدينة المنورة

نيران منزل شعبي تقضي على عشريني في العيص

صورة الخبر

منذ أمد بعيد، وتفجير النفس ظاهرة ازدادت اتساعاً وتطوراً في أساليبها لدرجة ان الناس لم تعد مرتاحة ومطمئنة على نفسها وأسرها عندما تكون خارج منازلها. تكفي صيحة واحدة من رجل معتوه في سوق أو مطعم أو مسجد يقول فيها مثلاً «الله اكبر» والتي يستخدمها الارهابيون بعد قتل الأبرياء، ليتدافع الناس بعدها هلعاً وخوفاً ظناً أن قائلها يحمل حزاماً ناسفاً يريد تفجير نفسه بالمتواجدين في الأماكن المزدحمة. ولقد عاش الناس الخوف في المساجد بعد تفجير مسجد صادق، لدرجة أن دخول اي مصلٍ من باب المسجد للصلاة تجعل المصلين الجالسين في المسجد ينظرون إليه ريبة وخوفاً من ان يكون حاملاً حزاماً ناسفاً ينتظر اللحظة المناسبة للتفجير. أريد من هذه المقدمة أن أقول ان الذي يفجر نفسه بحزام ناسف أو قنبلة وفي الاماكن المزدحمة بالسكان كالمطاعم والمجمعات التجارية والمساجد والحافلات وغيرها، لا يرى نفسه بأنه مجرم، وإنما يوصف نفسه بالعاقل المتعبد الذي يجاهد في سبيل الله. هؤلاء المجرمون يستخدمون الإسلام ذريعة لتبرير صواب سلوكياتهم المدمرة، فليس هنالك مفجرين لأنفسهم وبالناس الأبرياء من المسيحيين واليهود وحتى الهندوس والبوذيين أو من بلاد الواق واق. المسلم يفجر نفسه بالمسلمين، لأنه يعتقد أن هؤلاء المسلمين كفرة ومرتدين وخونة، وأنه يقوم بعملية جهادية يستحق عليها الثواب والجنة، وخصوصاً قتل الناس من الديانات الأخرى أو من المخالفين لمعتقداته. أما غالبية الذين يزاولون الفكر المتطرف وتفجير الذات، فهم من الشباب الذين تم استغلالهم بحرفية من قبل بعض رجال الدين المتشددين الذين يؤمنون بالإسلام السياسي، وبالعنف في سبيل الوصول إلى أهدافهم، والتي غالباً يعلنون عنها بخلاف ما يبطنون. ففي الوقت الذي يعلنون أنهم يحاربون اليهود وإسرائيل، التي اغتصبت الأراضي العربية، نجدهم غارقين في الطائفية والمذهبية، وقتالهم للمسلمين والعرب لا هدف له سوى الشحن الطائفي، وترسيخ مفهوم أن السنة والشيعة أخوة في الشيطان، بينما الكل له رب واحد، ودين واحد، ونبي واحد وثوابت أهم من الاختلاف على التفاصيل. إن الدعوة للعقلانية إن كانت مسؤولية الجميع إلا أنها أكثر واجبة على فقهاء الدين مهنياً واخلاقياً وفقهياً وتربوياً. لكن، للأسف، لا نجد لرجال الدين الدور الريادي والعملي في محاربة الإرهاب في هذا الزمن الذي كثر فيه اللا تسامح والتفجير والقتل وسفك الدماء البريئة. ولقد بث مقطع في التواصل الاجتماعي منذ أمد بعيد للقاء مع الشيخ القرضاوي يؤيد فكرة تفجير النفس بالناس كعملية مشروعة إذا كانت بتوجيهات الجماعة! هذا في الوقت الذي تنادي فيه وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية العربية بأهمية الوسطية والتسامح، وأن التقوى معيار التفاضل بين الناس امام الخالق، وإن القتل حرام في الدين... هناك تقصير واضح لدور المجامع الفقهية المحلية والإقليمية في توجيه الشباب، ومكافحة الإرهاب والغلو الفكري. فلقد اثرت وسائط النقل الإلكتروني والإعلامي المفتوح في عقول الشباب الذي يستغل الوسائل والتقنيات المتاحة من دون رقابة وبكل حرية تجعله يقع فريسة الأفكار المتطرفة، وبالتالي تزيد من أعباء الدولة في مكافحة التطرف والغلو في الفكر الذي أصبح اليوم مشكلة عالمية وليس فقط محلية. فإلى متى يطول الانتظار لكي يصحو المغفل والأحمق الذي يرتكب جريمة قتل الناس لأنه يريد الجنة؟ وهل سلوك العنف والتدمير غاية مشروعة لمن يختلف في الفكر والمعتقد؟ yaqub44@hotmail.com