ظاهرة جديدة فرضت نفسها على الساحة المصرية والعربية خلال السنوات الثلاث الماضية، وتحديداً مع اندلاع ما يسمى بـ"ثورات الربيع العربي"، في مصر وعدد من الدول العربية، وهي اقتحام الفنانين عالم السياسة. وقال نقاد تحدثوا إلى "الوطن"، إن تلك الظاهرة اتخذت مساحة واهتماماً أكبر داخل مصر، خاصة وأنها "هوليوود الشرق"، كما أن انشغال بعض فنانيها ومخرجيها بالسياسة، وانخراطهم في الأحزاب السياسية، أمر يظهر بقوة مقارنة بأي بلد عربي آخر. وعلى الرغم من أن المتخصصين أكدوا أن العديد من فناني العالم انشغلوا بالسياسة، إلا أن ذلك لم يعرقلهم عن استكمال مسيرتهم الفنية، لذلك كان من الغريب انصراف العديد من فناني مصر الذين انشغلوا بالسياسة عن الأعمال الفنية، فتوقف بعضها، وتأجل البعض الآخر، تحديداً بعد ثورة 25 يناير 2011. ومن أبرز الفنانين والمخرجين المصريين الذين ألهتهم السياسة عن أعمالهم الفنية، المخرج خالد يوسف، الذي ابتعد عن الأعمال الفنية لمدة ثلاث سنوات متصلة، لم يقدم خلالها عملاً فنياً واحداً، وهو ما أكده بنفسه، مشيراً إلى أنه يتشوق كثيراً للعودة إلى الفن مرة أخرى، وكذلك الفنانة آثار الحكيم، وتيسير فهمي، وشيريهان، وخالد النبوي، وحسين فهمي. وعربياً، انشغل فنانون سوريون بالسياسة، خاصة فيما يتعلق بالشأن الداخلي في بلادهم، ومنهم المطربة أصالة التي تعترف بأن انشغالها بالسياسة قلل من إنتاجها الفني، وكذلك الفنانة رغدة التي شغلتها المؤتمرات السياسية عن التمثيل، بينما ابتعد البعض الآخر عن الساحة بسبب مواقفه السياسية، مثل ميادة الحناوي، ودريد لحام. من جهتها، قالت الناقدة الفنية نهى جاد، إن "هناك نوعين من الفنانين ممن انغمسوا في عالم السياسة خلال السنوات الثلاث الماضية، الأول يمثله المخرج خالد يوسف، الذي خصص وقته وجهده من أجل قضية هامة، وهي الدفاع عن الحريات، والخروج بوطن ديموقراطي، خاصة بعد مشاركته في "لجنة الخمسين" التي أعدت دستور مصر، وبالتالي ابتعد تماماً عن تقديم أية أعمال فنية طوال الفترة الماضية، وكذلك شيريهان، وتيسير فهمي، وآثار الحكيم، وفي المقابل هناك فنانون نجحوا في عمل توازن في هذا الأمر، فمارسوا العمل السياسي من ناحية، وحرصوا على تقديم أعمال فنية من ناحية أخرى، ومن أبرزهم خالد الصاوي، وخالد صالح، وخالد النوبي، وعمرو واكد، حيث كان لكل منهم تواجد حقيقي على الساحة الفنية، رغم مشاركتهم في كافة الفعاليات السياسية". إلى ذلك، قال الناقد طارق الشناوي إن انشغال بعض الفنانين بالسياسة أمر عادي، ليس في مصر فقط، وإنما في الكثير من بلدان العالم، لافتاً إلى أن الفنان ما هو في نهاية الأمر إلا مواطن يعيش في وطن، ويتأثر بالأحداث، شأنه شأن أي إنسان آخر، وأن كان الفنان ينظر إلى الأحداث من زاوية أخرى. وأكدت خبيرة العلوم الاجتماعية الدكتورة عزة هيكل أن غالبية الفنانين في الزمن الماضي مثل عبدالحليم حافظ، وأم كلثوم انشغلوا بالسياسة، وكانوا مهمومين بأوجاع الوطن في فترة من الفترات، إلا أنهم قاوموا بفنهم، وكانت أغنياتهم الوطنية وقودا للحماس والتفاؤل.