جمال الدويري جملة مؤتمرات تشهدها الدولة هذا الأسبوع، معظمها تنشد الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة، وتكنولوجيا المياه والبيئة، هدفها يتمثل في تقليل استهلاك الطاقة، والانبعاثات، وتوفير الكلف التي يتحملها الأفراد والشركات نتيجة الاستخدام العشوائي للطاقة. الأمر لا يمكن أن يقابل إلا بالإيجابية، والتأكيد على أهمية مثل هذه المؤتمرات لإدراكنا حجم التحديات الآنية والمستقبلية التي تواجه الدول والشعوب نتيجة نقص إمداد الطاقة والمياه، وما ستؤول إليه الأوضاع في الدول والتجمعات السكنية ما لم تتنبه إلى هذا الخطر. الأمر في هذا الشأن لم يعد يقتصر على الطرق التقليدية لاستخدامات الطاقة والمياه، واتباع أساليب الترشيد المعتادة، كإطفاء لمبة أو إغلاق حنفية، بل بات يفرض أمراً حتمياً في إجادة الاستخدام والتزويد من المصادر نفسها. ففي ساعة الأرض، مثلاً، وهي تقليد جرت العادة عليه بإطفاء الأنوار لمدة ساعة واحدة في السنة، فإن إجمالي وفر إمارة دبي وحدها يبلغ 222 ميغاوات من الكهرباء، ناهيك عن باقي مدن الدولة التي تشارك في هذه الساعة، ولا تعلن عن إجمالي وفوراتها. وفي الشأن نفسه، أعلن برنامج الشيخ زايد للإسكان خلال الأشهر الماضية عن بدء تصميم نماذج لمساكن حكومية منتجة للكهرباء، ضمن المجمعات السكنية المستقبلية، عبر قيام البرنامج بتثبيت ألواح شمسية على سطح المسكن، لتحويل أشعة الشمس إلى طاقة كهربائية، ما يسمح له، تالياً، بالاعتماد على نفسه في إنتاج ما يحتاج إليه من الطاقة. هذا إلى جانب العديد من الأبراج التي باتت تشيد في أرجاء الدولة، وهي صديقة للبيئة، أهمها على الإطلاق برج خليفة الذي يستخدم ألواح الطاقة الشمسية لتسخين 140 ألف لتر من المياه يومياً، فضلاً عن تبريد ماء الشرب، وري المسطحات الخضراء. وهنا لا يمكن إغفال الدور الكبير لمدينة مصدر التي باتت مركزاً عالمياً لأبحاث وتطوير تقنيات الطاقة المتجددة، والتي توفر مشاريعها 1 جيجاواط من الطاقة النظيفة في الدولة، وتبنيها للطائرة الشهيرة سولار إمبلس، التي طافت الكرة الأرضية دون قطرة وقود. وإلى جانب ذلك فإننا سنشهد قريباً في دبي إنشاء مدينة مستدامة باسم زهرة الصحراء التي ستنتج 200 ميغاوات من الطاقة وتقلل البصمة الكربونية للمدينة بواقع 300 ألف طن، وتستوعب في مرحلتها الأولى قرابة 160 ألف نسمة. كل هذا بلا شك، يؤكد أن الإمارات كدولة تمضي في طريق طاقة المستقبل الصحيح، ولكن إزاء كل هذا، ألم يعد واجباً على الجهات المعنية تعزيز ثقافة الاستهلاك لدى العامة، خاصة أن معدلات استهلاك المواطنين للماء والكهرباء هي الأعلى عالمياً؟ jamal@daralkhaleej.ae