إذا كانت الكتابة محفوفة بكثير من الإشكاليات، وهي ضرب من التهوّر والمجازفة، وذهاب إلى المجهول، كما يقول الشاعر إبراهيم زولي؛ فإنها بالنسبة إلى القارئ رسالة ما، قد تكون معلوماتٍ، أو أفكاراً، أو وصفاً لشيء، أو نقداً لآخر. لا يمكن النظر إلى القراءة إلاَّ من كونها اندماجاً، أو التقاء وعي القارئ بوعي آخرَ، هو وعي الكاتب/المؤلف. وهو ما نجح في إيصاله الشاعر إبراهيم زولي في جديده الأدبي {مخرج للطوارئ} (الدار العربية للعلوم ناشرون)، وقد وسمه بـ{نصوص مفتوحة}، وإذا كان المقصود انفتاحها على القارئ ومن ثم الزمان والمكان فلا بد من أن يكون في ذهن من كتبها قارئٌ محتمل يتوجه إليه بما يكتبه ويتوقع منه فك شيفراته وإشاراته ورموزه، مع العلم باختلاف التلقي بين قارئٍ وآخر؛ وكذا بين كاتبٍ وآخر. وهنا يُطرح سؤال الكتابة ومن يكتب. يتحدث زولي {عن المبدع والكاتب الحقيقي، لا كتبة البلاط ومن يمتهنون حرق البخور أمام السلاطين}، وهو ما يمكن ملاحظته في النصوص التي يمتلئ بها الكتاب، بما فيها من ذكريات ومشاهدات ومواقف وإضاءات ونقد على مستوى الخطاب والممارسة في المشهد الأدبي والثقافي عموماً. يقول المؤلف في ثنايا عمله: {ليس من المبالغة، القول إنّ الثقافة في وطننا العربي لم تتعدّ كونها ديكوراً وواجهة، رغم ما نمرّ به من تحولات بنيوية من المحيط إلى الخليج، تحوّلات قامت بجَسرِ كثير من الفجوة بين السياسي والمثقف وحتى رجل الشارع. بيد أن السياسي لا يزال سيّد الصورة بامتياز. وفي تصوّري أن فوز مثقف عربي بجائزة نوبل لن يتصدّر المشهد الإعلامي الرسمي، وسيكون متأخراً عن استقالة وكيل وزارة للريّ في دولة عربية مثلاً. كل هذا وسواه يجعل الكثيرين شركاء في دم الثقافة والمثقف. يضمّ الكتاب العناوين التالية: من قلب المدفأة.. فتىً يقال له إبراهيم، حتى لا تتلعثم الشعلة، الوجوه.. ما يكفي لزراعة حقل، كان وأخواتها.. مصابيح تتوسّط شارع القلب، على قيد الحياة.. طفولة طاعنة في السن، الذكريات.. سرد عاطفي في نزهة صيد، الرقصة الأخيرة للمطر.