كان الهدوء يعمّ الحانة التي تقع في الطابق الأرضي لأحد الفنادق في عمان؛ لم يكن هناك زبائن عديدون، وكانت الأجواء ساكنة تحت ضوء خافت. الساعة تشير إلى 20:45 في أوروبا و21:45 في الأردن حين شغّل القائمون أجهزة التلفزيون، لينطلق منها نشيد دوري أبطال أوروبا. وفي هذا الوقت بالذات، اجتاحت لاعبات المنتخب الأسباني المكان وتسارعن من أجل الظفر بمقعد فارغ رغبةً في الاستمتاع بمباراة القمة بين أتلتيكو مدريد وبايرن ميونيخ. لم تكن لورينا نافارو تعرف بعد نتيجة المباراة؛ غير أنها اهتزت فرحاً وغمرتها السعادة عقب فوز فريقها المفضل على الخصم الألماني بهدف دون مقابل. وبعد يومين، قادت هذه اللاعبة بنفسها لاروخا لتحقيق الانتصار خلال مباراة افتتاح كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة الأردن 2016 FIFA. واعترفت نافارو لموقع FIFA.com من داخل أروقة ستاد عمان الدولي، حيث كانت قد سجلت للتو خماسية رائعة في مرمى البلد المضيف، قائلة "إنه أفضل أسبوع في حياتي على الإطلاق. تابعنا جميعاً مباراة أتلتيكو واحتفلنا بالهدف بطريقة لا تصدق. واليوم جاء دوري كي أسجل خمسة أهداف، وهو أمر أسعدني كثيراً". وكما تابع الجميع، فقد سجلت نافارو خمسة من الأهداف الستة التي انتصرت بها الترسانة الأسبانية على الأردنيات؛ غير أن هذا الأداء الباهر والفردي ليس هو الباعث المباشر للفرحة العارمة التي تنتاب هذه اللاعبة. وفي هذا السياق، قالت باندهاش وهي تُمسك بكرة المباراة، "إنها أفضل مباراة في حياتي، لأنها تندرج ضمن كأس العالم. إنها مباراتي الأولى في الحدث العالمي، حيث سجلت خمسة أهداف. يا له من إحساس رائع؛ آمل أن يتلو ذلك انتصارات أخرى وأن نقدم أداءً أفضل". هل هناك من أحد يُدرك تسجيل خماسية في مباراة أولى ضمن كأس عالمية؟ إنه أمر صعب تخيُّله، ربما حتى في الأحلام. وفي هذا السياق قالت لاعبة سي إف إف مدريد "حلمي البارحة كان تحقيق الفوز أولاً، ثم تسجيل هدف إن أتيحت لي فرصة ذلك؛ غير أننا كنا نريد الفوز في مباراتنا الأولى. لحسن الحظ، سارت الأمور على أحسن ما يرام وأفضل مما كنا نتوقع". وبإنجازها الباهر هذا التحقت نافارو بلاعبات قليلات استطعن أن يسجلن خماسية في بطولة FIFA، أبرزهن النجمتين ميشيل أكيرز وكريستين سينكلير. على الجانب الآخر من الشاشة ستحتفل اللاعبة الأسبانية بعيد ميلادها السادس عشر في نوفمبر/تشرين الثاني القادم؛ وقد أثبتت نافارو خلال مشاركتها الأولى في كأس العالم أنه يجمع بينها وبين النجمتين الأمريكية والكندية عامل مشترك. وفي هذا المقام، قالت "أعتقد أن بإمكاننا أن نعمل كثيراً لكن في النهاية الحس التهديفي يبقى دون أدنى شك أمراً فطرياً". وبالفعل أثبت اللاعبة اليافعة، وهي أقصر عنصر في التشكيل الأساسي، نظريتها هاته بعد أن افتتحت التسجيل برأسية مع أن قامتها لا تتعدى متراً و69 سنتمتر. واكتسبت نافارو حسها التهديفي منذ أن داعبت الكرة أول مرة وهي لم تكن تتجاوز الثالثة من العمر. وبابتسامة قالت هذه اللاعبة التي تتمنى أن تصير محترفة، "كان أخي يلعب كرة القدم وكنت أتابعه بشكل منتظم. وفي يوم من الأيام بدأت ألعب بالكرة. أعتقد اليوم أنني أصبح الأفضل في العائلة". وأردف نافارو التي تعشق ليونيل ميسي وسيرجيو أجويرو "صحيح أن العيش من كرة القدم في أسبانيا أمر صعب بعض الشيء، إلا أن الأمور تتغير شيئا فشيئاً. آمل أن أتمكن يوماً ما من امتهان كرة القدم؛ وإن كان ذلك في أسبانيا سيكون أفضل". ويبدو أن مستقبل هذه اللاعبة الاحترافي مضمونٌ إن استطاعت تسجيل خمسة أهداف في كل مباراة؛ وعندما تبث شاشات التلفزيون بعمان مباريات المسابقات الكبيرة، ستتحول لورينا دون أدنى شك إلى مُتابعةٍ تستمتع بالمستوى الكروي العالي.