في مثل هذه الظروف يمكن قياس المواطنة الصادقة وفرزها وتمييزها عن أي شعار فارغ من أي معنى وقيمة، وذلك من خلال السلوك، وطريقة تعامل الفرد مع الأخبار، والتي غالبا ما تتلبسها الإشاعة خاصة حينما يكون الوطن في مثل هذه المواجهات، وهنا تحديدا يأتي دور المواطن الذي يستشعر قيمة مواطنته، ويستشعر أيضا دوره الأمني في قطع الطريق على أولئك المتربصين الذين لا يريدون لبلادنا إلا السوء، وذلك بتوخي الحذر من تداول الأخبار على عواهنها قبل التثبت من المصادر الرسمية. سلوك المواطن في تعامله بوعي مع مثل هذه الحالة هو التعبير الصادق عن عمق مواطنته، وعن مدى فهمه للدور الذي يجب أن يضطلع به حماية للنسيج العام، وقطعا لدابر أي بلبلة أو محاولة لتعكير صفو حياة الناس، فالاستهداف الذي كان مبيتا فيما سبق أصبح الآن مكشوفا، وصار بوسع أي عاقل أن يدرك حجم المؤامرات التي تتعرض لها بلادنا، مما يستدعي استحضار أقصى درجات الحيطة، حتى لا نكون كمواطنين أفرادا أو جماعات الممر الآمن لأولئك الذين يتربصون بنا الدوائر، ممن أعيتهم الحيلة لضرب وحدة هذا الوطن، حين أنفقوا كل جهودهم لجرّ أقدامه إلى أتون النزاع، ولما باءتْ كل محاولاتهم بالفشل على صخرة لحمة هذا الشعب، وتمسكه بوحدته وقيادته، انكفؤوا يفتشون عن ذرائع أخرى لعلها تكون المدخل البديل لتحقيق مآربهم. ولأن البعض قد ينساق بنية سليمة وراء بعض الأخبار التي تفتقر للمصداقية مما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد يساهم في بثها ونشرها على سبيل السبق، دون أن يعي أنه إنما يقدم خدمة مجانية لمن يقف خلفها، وربما أيضا يسهم بطويته النقية في كشف خاصرة الوطن لأعدائه، وإعطائهم الفرصة للنيل منه، لهذا بات من واجبنا جميعا أن نشد على أيدي بعضنا البعض، وأن نذكر بعضنا أننا مطالبون في كل لحظة بالتصدي للشائعات بالتأكد من مصادرها، أو على الأقل، وهو أضعف الإيمان جعلها تقف عندنا دون أن تتعدانا إلى من قد يتوهم فيها الصدق، ويدفعها إلى مديات أبعد، وهذه مسؤولية وطنية محضة، وواجب وطني بامتياز، وهي في أحيان كثيرة بمثابة قطع الطريق على من يريد أن يتسلل إلى حمانا، وأن يبذر في أوساطنا الوهن والفتنة والشك والريبة، ليفكك لحمتنا، وينفذ بسمومه وأحقاده وضغائنه إلى صفاء واقعنا، خاصة وأننا اعتدنا بفضل الله في ظل قيادتنا الحكيمة العمل تحت ضوء الشمس، وإيصال المعلومة من الجهة المسؤولة كما هي وفي وقتها للمواطن، وبمنتهى الشفافية، ما يجعلنا أكثر حصانة ضد الإشاعات المغرضة، وأجدر على التعامل معها بما تستحق، ورغم أننا ندرك وعي مجتمعنا السعودي ولله الحمد بهذه المسألة، إلا أن واقع المتغيرات والأحداث التي تدور من حولنا تقتضي التذكير من حين لآخر بضرورة التنبه للإشاعات، واليقظة الكاملة للتعامل معها بوعي وتعطيلها بالعودة إلى المصادر الموثوقة، وهو أدنى حقوق الوطن علينا، وأول واجباتنا تجاه وحدته وأمنه وسلامته واستقراره.