ما نعاني منه اليوم من ضغوط مالية استدعت التقشف الحكومي ليس سببه انخفاض أسعار النفط بالدرجة الأولى بل هو حصاد سياسات اقتصادية عجزنا فيها طيلة عقود من الزمن عن الخروج من عباءة الدولة الريعية، بدليل أننا احتفلنا ذات يوم ببلوغ أسعار النفط ٤٠ دولارا، واعتبرنا ذلك وقتها سعرا عادلا بعد الهبوط الحاد الذي شهدته أسعار النفط في أواخر ثمانينات القرن الماضي! وربما استمر حصاد نتائج هذه السياسات الاقتصادية ما لم تتمكن رؤية ٢٠٣٠ من تبديل جلد الرؤية الحكومية الاقتصادية لكيفية إدارة الاقتصاد وتوظيف طاقات المجتمع الإنتاجية للخروج من عباءة النفط والتحرر من الاعتماد عليه والتخلص من ثقافة الوظيفة «الميري» الحكومية، والنمطية الإدارية والإنتاجية التي طبع بها غالبا كل مكتب وكل موظف أياً كانت مرتبته ومسؤوليته! وقد يكون تقليص النفقات وممارسة التقشف أحد الحلول المرحلية لمواجهة الضغوط المالية، لكن الحلول الرئيسية يجب أن تعالج الأسباب الجذرية التي تسببت في كبر حجم الحكومة وتمدد مسؤولياتها وتوسع مصروفاتها، وربطت أداء القطاع الخاص بمستوى إنفاقها! *** كنت أنتظر أن يصاحب صدور القرارات الأخيرة خروج المسؤولين المختصين في وزارتي المالية والخدمة المدنية لتفسير القرارات وآثارها على الموظفين، بدلاً من ترك المجتمع يغرق في تفسيرات وتحليلات واجتهادات غلب عليها التجاذب والتناقض مما زاد من إثارة البلبلة وإرباك المجتمع!