×
محافظة المنطقة الشرقية

الباطن يواصل تميزه ويقصي التعاون

صورة الخبر

في مقال له نشر في الاسبوع الماضي بعنوان «شيعة الكويت والصراع الإيراني - السعودي»، حذر الاستاذ خليل حيدر من استمرار سلبية الشيعة الكويتيين والخليجيين والعرب أمام التطاحن السياسي الإعلامي، السري والعلني بين السعودية وإيران. وطالبهم بدور إيجابي مهدئ في التشابك السعودي - الإيراني المتواصل. ورغم أنني أحترم الاستاذ حيدر وآراءه، وأتفق معه في ما حذر منه، إلا أنني أختلف معه في وصف أبعاد الأزمة وفي اختيار منهجية التصدي لها. فالأستاذ حيدر، تطرق إلى الارتباط الطائفي لدى الشيعة تجاه أحد محاور الصراع الاقليمي، من دون التنويه إلى الحالة المماثلة لدى نظرائهم. كما أنه حمل النخب الشيعة مسؤولية افتقارهم إلى مشروع وطني لتنوير قواعدهم «الشعبية على الصعيد السياسي والمذهبي داخل الكويت والدول الخليجية»، من دون التلميح إلى النقص المشابه لدى المفكرين غير الشيعة من الاسلاميين والقوميين. كما أن الاستاذ حيدر لم يشر إلى الدور السلبي للحكومة في الملفات المرتبطة بسلامة النسيج المجتمعي، وتقاعسها عن ترميم وتعزيز الثقة المتبادلة بين أطياف المجتمع. فنحن الكويتيين، كما وصف الاستاذ حيدر، الشيعة، بحاجة إلى تقييم وتقويم مفهومنا للوطنية الذي أذيب في بوتقات المشاريع الاقليمية. ولكنني أتساءل: من المتسبب في نشأة الأزمة؟ ومن المسؤول عن معالجتها؟ كل الأزمات الطائفية التي عصفت بالكويت، كان الدور المحوري فيها لحزب أو أكثر من الأحزاب السياسية التي تتبنى ايديولوجيات دينية - باختلاف مذاهبها - متطابقة مع ما تحتضنها أطراف الصراع الاقليمي. وجميعها محصنة من النقد الداخلي - ضمن حدود الطائفة - وتتغذى على التجريح من خارج الطائفة، كما حصل في أول انتخابات برلمانية بعد أزمة التأبين. والحصانة التي تتمتع بها هذه الاحزاب السياسية الدينية ليست نابعة فقط من قدرتها على إخراج الناقد عن البيت الطائفي واتهامه بخدمة أعداء المذهب، بل معززة بقدرتها على استجلاب العطايا الحكومية ومن بينها المناصب القيادية. أي أن هناك دوراً مركزيا في ترسيخ حصانة ونفوذ التيارات السياسية ذات الايديولوجيات الاقليمية. تساءل الأستاذ حيدر: «أين الدور السياسي لأعضاء مجلس الأمة الحاليين والسابقين، ورجال القانون والمحامين، والصحافيين وأساتذة الجامعات والكليات وحتى أصحاب الحسينيات»؟. أقول له، أن جلهم اتعظ ممن سبقه في مواجهة التيارات السياسية الدينية المسنودة من قبل الحكومة. فمنهم من تخلى عن دوره الإصلاحي وهادن تلك التيارات، وآخرون انقلبت احوالهم فأصبحوا يتوددون إليها طمعا في رضاها وخشية من غضبها وحرصاً على مستقبلهم السياسي والمعيشي والاجتماعي. المراكز الدينية والمساجد، خير دليل على الرعاية الحكومية لتلك التيارات، فهي من جهة ترخص المزيد من المساجد والمراكز لتلك التيارات فضلاً عن الموافقات على توسعة ما لديها، وفي الجهة المقابلة تضيق على غيرها. ومن الأمثلة على ذلك التوجه، استحداث ضوابط مشددة للسماح بإقامة خيام أو أكشاك خاصة لمناسبة عاشوراء، بذريعة عدم إعاقة السير أو إشغال مساحات من أملاك الدولة. ولكنها في التطبيق، تضيّق على الحسينية الرئيسة في ضاحية صباح السالم - على سبيل المثال - وهي تعلم علم اليقين بأن تلك الحسينية تستضيف ما يقارب الثلاثة آلاف معز في ليالي عاشوراء، وهي بذلك ساهمت في السنوات الماضية في تخفيف الزحام عن شوارع المناطق الداخلية المطوقة بالطريق الدائري السادس. ولا بد من الإشارة إلى أنه، رغم أن هذه الضوابط تطبق على الجميع، إلا أن ضررها على التيارات الدينية محدود جداً نظراً لوفرة البدائل وسعة المراكز المرخصة لديها. ولذلك، فإن كثيراً من الشيعة المنتسبين لتلك التيارات، رفضوا اعتبار إزالة البلدية للمضايف الحسينية قبل عامين عملاً استفزازياً لمشاعر الشيعة، كما أنهم رحبوا بالضوابط الحكومية المشددة لإقامة الخيام والأكشاك في ذكرى عاشوراء. أقول للأستاذ العزيز بو عبدالعزيز: صح لسانك... ولكن لا تلم النخب الشيعية التي استضعفتها الحكومة، بل أدعو الحكومة - التي أخرجت المارد من المصابيح المستوردة - إلى تصحيح أخطائها قبل فوات الأوان، وناشدها أن «تفسح» المجال للعمل التطوعي للمجاميع الشبابية التي تقلد المرجعيات الدينية التقليدية التي تعزز الارتباط بالمصطفى وأهل بيته، عليهم الصلاة والسلام، عوضاً عن «دعمها» التجمعات التابعة لأحزاب مرجعية تمجد رموزها. وطالبها بتمكين الشباب - الموالي لأهل البيت - من التعبير عن حبهم لسيد الشهداء من خلال الخدمة في المضايف الحسينية الشخصية - بإشكالاتها الثانوية - عوضا عن دفعهم نحو المراكز الدينية الحزبية... «اللهم أرنا الحق حقنا وارزقنا اتباعه». abdnakhi@yahoo.com