لم ينعم ألاردايس طويلاً بمنصب مدرب المنتخب الإنكليزي، بسبب الفخ الذي نصبه الصحافيون له، بتصويره بشكل متخف وجره للاعتراف بالعديد من الأمور غير المشروعة. يبدو أن سام الاردايس، ليس المدرب الوحيد الذي اغرته الأموال، بل اتهم ثمانية من المدربين الحاليين والسابقين في الدوري الإنكليزي الممتاز بالحصول على رشاوى. واستدعي الاردايس، أمس الأول، إلى مقر الاتحاد الانكليزي للادلاء بشهادته، قبل ان يتوصل الطرفان الى اتفاق بفسخ العقد بينهما. لكن القضية لم تتوقف عند هذا الحد، إذ صور ثلاثة وكلاء لاعبين وهم يتحدثون عن الفساد في كرة القدم والحصول على اموال غير مشروعة من أجل التوقيع مع اللاعبين. وكشفت «دايلي تلغراف» عن تورط ثمانية من المدربين الحاليين والسابقين في الدوري الإنكليزي الممتاز واخرين من ناديين يلعبان في الدرجة الأولى. وقال الوكيل الإيطالي جوسيبي باليارا إنه فتح حسابات مصرفية في سويسرا لمصلحة مدربين وعمل من خلال وسطاء من اجل تغطية المدفوعات غير المشروعة، مضيفا في حديث مع الصحافي المتخفي الذي التقاه في مطعم «سان كارلو» في مانشستر: «هناك امر بإمكاني دائما الاعتماد عليه، وهو جشع المدربين». وأشار باليارا إلى أن هناك مدربا في الدوري الممتاز عمل معه في السابق كان يستخدم عبارات «مشفرة» للسؤال اذا كان سينال حصته من الصفقة، واحداها: «هل سأحصل على بعض القهوة؟». أما الوكيل الإنكليزي داكس برايس فكشف ان هناك احد المدربين الذي كان يرفع رواتب اللاعبين ويتفق معهم على ان ينال حصة شهرية قدرها 4 الاف جنيه استرليني (5200 دولار و4640 يورو) من كل واحد منهم. بدوره، كشف الوكيل الاخر سكوت ماكغارفي، الذي لعب سابقا مع مانشستر يونايتد، انه دفع لأحد المدربين 30 الف جنيه استرليني من اجل ضمان حصول انتقال احد اللاعبين، مشيرا إلى أن عملية الدفع كانت تحصل من خلال حساب مصرفي في موناكو. وتسببت «ثرثرة» سام ألاردايس غير المدروسة، في خسارة الوظيفة التي سعى اليها طويلا كمدرب للمنتخب الإنكليزي لكرة القدم. واضطر الاردايس، المعروف بـ«بيغ سام»، الى التقدم باستقالته مساء أمس الاول على خلفية تصويره بشكل متخف من قبل صحيفة «ديلي تلغراف» وهو ينصح صحافيين زعموا بأنهم رجال أعمال من شرق آسيا يملكون وكالة وهمية مختصة بعقود اللاعبين، بكيفية الالتفاف على القوانين التي تمنع أن تكون حقوق عقود اللاعبين مملوكة من طرف ثالث غير اللاعب والنادي. كما سخر ألاردايس بصراحته المعهودة من سلفه في المنتخب الانكليزي روي هودجسون، ومساعد المدرب السابق غاري نيفيل، وانتقد في الفيديو هشاشة نجوم المنتخب والقرار «الغبي» للاتحاد الانكليزي باعادة بناء ملعب ويمبلي. رفض التعامل بدبلوماسية في اغسطس الماضي اكد الاردايس للصحافيين انه لن يغير شيئا في شخصيته بالقول: «هذا هو سام الاردايس وليس اي شخص آخر، لم اكن لاصل الى هنا (تدريب المنتخب) لو قمت بالامور بشكل مغاير»، لكن رفضه التعامل مع الامور بشيء من الدبلوماسية ادخله في المشاكل، وتسبب في خسارته الوظيفة التي حلم بها طويلا. واضطر الاتحاد الانكليزي الى التدخل سريعا بعد الذي نشرته «ديلي تلغراف» لأن «سلوك ألاردايس كما ورد في الصحف ليس جديرا بمدرب منتخب إنكلترا، لقد اعترف بارتكابه خطأ جسيما في التقدير وقد اعتذر عن ذلك، وبالتالي ونظرا لجسامة هذه التصرفات، اتفق الاتحاد الانكليزي وسام الاردايس على فسخ عقد الاخير». وتابع: «هذا القرار لم يتخذ بخفة، لكن أولوية الاتحاد هي المحافظة على مصلحة اللعبة والتحلي بأعلى معايير السلوك والنزاهة». وبعيدا عن موضوعي السلوك والنزاهة، لم تكن الايام الـ67 التي امضاها ألاردايس مع المنتخب دون جدل وإن كان من نوع آخر، اذ أثار استغراب الكثيرين عندما اعلن انه قد يفكر في استدعاء القائد السابق جون تيري الى المنتخب رغم ان مدافع تشلسي اعتزل اللعب الدولي في 2012 تحت وطأة اتهامه بالعنصرية. ليست المرة الأولى كما تسبب الاردايس في جدل بالأوساط الإنكليزية، عندما تحدث عن إمكانية تجنيس لاعبين أجانب للدفاع عن ألوان المنتخب الوطني، لكنه لم يتمكن من التفكير حتى بتحقيق هذا الأمر، لأن مشواره مع «الأسود الثلاثة» انتهى بعد مباراة واحدة فقط سيودع بها منتخب بلاده بسجل نظيف، لأن الأخير فاز بها على سلوفاكيا خارج قواعده في تصفيات مونديال روسيا 2018. وهذه ليست المرة الأولى التي تسببت فيها وسائل الإعلام في إحراج ألاردايس، فقد اتهم عام 2006 مع ابنه كريغ بالحصول على أموال غير مشروعة من صفقات انتقال لاعبين، من خلال برنامج «بانوراما» الخاص بشبكة «بي بي سي». صحيح أن التحقيق الذي اجرته السلطات الحكومية البريطانية أظهر أنه لم يرتكب أي مخالفة لكنه تحدث عن شكوك بخصوص «تضارب المصالح» بينه وبين ابنه، اللاعب السابق الذي يعمل كوكيل لاعبين. وهدد ألاردايس الذي كان مدربا لبولتون واندررز في تلك الفترة، بمقاضاة «بي بي سي» لكنه لم يذهب بالقضية حتى النهاية. ساوثجيت مدرب مؤقت من جانبه، سيتولى غاريث ساوثجيت تدريب المنتخب الإنكليزي في المباريات الأربع المقبلة أمام كل من مالطا وسلوفينيا واسكتلندا وإسبانيا، لحين تعيين بديل دائم للمدرب المقال الاردايس. وسيقود ساوثجيت، المدرب الحالي لمنتخب إنكلترا تحت 21 عاما. وقال الاتحاد الإنكليزي في بيان «سيقود ساوثجيت المنتخب الوطني الاول في الاستحقاقات الأربعة المقبلة أمام مالطا وسلوفينيا واسكتلندا وإسبانيا، إلى حين تعيين مدرب جديد».