×
محافظة المنطقة الشرقية

جامعة الجوف تعلن عن فتح باب القبول للفصل الثاني

صورة الخبر

قال أحدهم: لا تعزّوني، بل هنئوني، فيما كان ردّ (الدّهماء وإن كانوا بجلابيب طلبة علم): ما جئنا يا أبا معزين وإنما جئناك مهنئين.. لحظة صمتٍ مطبقةٍ ملأت المكان فسادتهُ كما هي العادة إبان رهبة حضور الموت ثم ما لبث القوم ممن غصّت بهم المقاعد أن ضجّوا بـ: «التكبير» ما يجعلك تظن بادي الرأي بأنّ: «الموت» قد صَغُرَ في عيون المُكبّرين!!- ولم يكن ثمة أحدٌ منهم عند التحقيق إلا وقد أقفل باب بيته على فلذة كبده.. وليس من يفعل ذلك إلا من كان يَخشى أن يُشفّع في ابنه مع سبعين من أهل بيته!!.. أولم يكن هذا الشيخ أو خِدنه مؤمناً بما قد صحَّ عنه صلى الله عليه وآله وسلم- من الآثار في هذا الباب..؟! لست أدري بحقٍ أيُّ شيءٍ هؤلاء الناس..! لربما إذن بأن الواحد منهم قد كان يخصّ عشيرته الأقربين بشروحٍ للأحاديث -المتعلقة بالحور والشفاعة- فيما ظلَّ يخص العامة بما تطرب له: «الجماهير» عادةً وبما يستكثر بها تحايلاً سواد من يلثمون رأسه، ويده قُبلا.. وما يدرينا لعله كان كذلك معصوما بهذا الفقه: «العشائري» عن تخطئته ونحن نلوم.. وأيّاً يكن الأمر فهو بهذا إنما كان يُناقض نفسه ولعلّ الأحاديث الظاهرة التي لا تقبل تأولاً قد اُختصَّ فيها أبناء الآخرين ليس إلا- ذلك وأنه لو كان قد آمن حقّاً بما قد جاء من أجله مهرولاً ومبشّراً ومهنئاً فلن يكون بوسعه أن يحرِم نفسه وأبنائه- فضائل/ ودرجات عُلَى في الآخرة هم به أولى من سواهم!.. هذا إن كان من الصادقين وحسُنَ أولئك رفيقا.. ولست بالذي أحسبه قد كان كذلك.. وذلك بسببٍ من غلواء شهوة: «الجماهير» التي يعزُّ عليه أن يدفعها بكلتا راحتيه ناهيك عن جرم الخشية من مخالفتها.! وقال آخر مغرداً بـ: «تويتر»: أُبشركم باستشهاد ابني (..) في حين أنه قبل ذاك قد ظنّه: «معتمراً» ليس إلا.. لولا أنّ فاجعةً قد فاجأته عبر وريقةٌ أو اتصال من لدن الابن يعتذر من خلالها عصيانه أمر والده !.. إذ ختم الولد البار! الوريقة بما خطّته يمينه كاتبا بقلم أحمر متعرّج: الموعد في: «الجنة مع الأحبة محمد وصحبه»! وهذه الحكاية التي كثيراً ما تكررت وبنفس «السيناريو» ستظلّ بالضرورة دلالة لا تحتاج إلى قدرةٍ في الاستنباط على أنّ الأب المُبشِّر والمُبَشَّر- لم يكن يعلم شيئاً عما كان الابن يعتزم القيام به.. وهو ما يشي ثانيةً بالحزن العظيم الذي سيكون عليه الأب لاحقاً صبّره الله- وهو الذي لم يشأ أن يُفصح عنه إبان: «تعزيته» من قبل الآخرينغير أنّه لو أظهر شيئاً من هذه الحقيقة التي لا ريب بشريّةً- في أنها قد كانت تعتمل بداخله كأي أبٍ قد كُلِم بفقد ابنه وبطريقةٍ لم يخترها له.. أقول: لو أنّه أظهر شيئاً من هذه المعاني الحزينة، والنادمة لكانت سبباً- من حيث يدري أو لا يدري- في أن يكفّ كثيرٌ من أبنائنا في من كانوا في مثل سن ابنه رحمه الله- عن التفكير في المضي جهلاً/ وقدما إلى حيث تكون المحرقة الكبرى تلك التي مابرح: «كلاب النار» داعش ومن لَفَّ حول حماها!! يلهبون سعيرها بحطب فكرهم: «الخارجي» في حين ليس لها من وقودٍ يضرمونها اشتعالاً سوى صغار السعوديين.! وبأي حالٍ.. فلست بدعاً بما كنتُ قد اجترحتُهُ من عنوان: «المقالة» ذلك أنّ مخاضها فكرةً وعنواناً إنما تولّد مما يلي: * ما صنعه البخاري في صحيحه من تبويبٍ يشي كما هي العادة عن عظيم فقهه- إذ قال: «باب لا يقال: فلان شهيد. قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم-: «الله أعلم بمن يجاهد في سبيله، والله أعلم بمن يُكْلَم في سبيله» * ثم خَلًص في نفس الباب من خلال حديث طويلٍ- إلى حكمٍ عامٍ إذ كان ضابطه آخره وفيه ما يلي: «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة». * وفي مسلم من حديث عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: فلانٌ شهيدٌ، فلانٌ شهيدٌ، حتى مرّوا على رجل فقالوا: فلانٌ شهيد. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-: «كلاّ، إني رأيته في النار في بردةٍ غلّها أو عباءةٍ». * لست أغيّب هاهنا مسألة: «إحسان الظن» إذ هي الأصل كما وأنّ لها كامل الاعتبار تعاملاً مع أي مسلمٍ كائنٍ من يكن، غير أنّ مقتضيات الفقه بالمتعلق الغيبي هي من تدفعني باتجاه: «عدم القطع يقيناً»- ومن ثَمّ امتناع الاحتفال به كما ولو أنه جاء بصدق الخبر الموحى به- ومع هذا فلا ضير بل هو المعتبر شرعاً كما ألمحت توّاً- في التعامل مع قتلى مثل هذه المعارك بالأحكام الظاهرة فقهاً- التي تعطى حكم الشهيد.. وإلى هذا كان توكيد ابن حجر حيث قال: «قوله (أي البخاري): باب لا يقال فلان شهيد؛ أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي وإن كان مع ذلك يعطى حكم الشهداء في الأحكام الظاهرة». * وفي حاشية السندي على صحيح البخاري: «قوله: (باب لا يقال فلان شهيد) أي: بالنظر إلى أحوال الآخرة، وأما بالنظر إلى أحكام الدنيا فلا بأس». * وعطفاً على كلّ ما سبق يمكن القول: إنه لا يصح -لا ديانةً ولا فقها بالتنزيل ولا درَكاً بالواقع- أن يتمّ إجراء الوعد الأخروي للشهداء وفق ما جاء بالقرآن وصحيح السُّنة- على حالات من يُقتل بين ظهراني اليوم/ أو في بلاد المسلمين بعامةٍ.. ذلك أنه أمر يفتقر بالضرورة الغيبية للقطع وهو ما لا يمكن أن يتأتى يقينه إلا: «وحياً» وليس بمُتَأَتٍّ ألبتة.. ذلك أنه قد انقطع خبر الصادق- بموت محمد صلى الله عليه وآله وسلم -.. في حين ليس لـ: «الرؤى والمنامات» سبيل إلى التحقق، من ذلك وإن رغم أنف المهوسين بالأحلام، الأمر الذي وإن غلّبنا معه الاستصحاب لـ : «أصل إحسان الظن» إلا أنه يتوجب علينا في الوقت نفسه أن نستحضر الخوف على من نظنه قد قتل: «شهيداً» وهو ليس كذلك لينال كثيراً من: «استغفارنا له».. ولنا فيمن كان يقاتل تحت راية محمد صلى الله عليه وآله وسلم كمثل قزمان وسواه- أكبر دليل على عدم المجازفة بابتذال إطلاق لفظة شهيد على أيما أحد. * والذي أوشك على الجزم به.. هو: أن من أبرز من يحرض: «الشباب السعودي/ المراهق غالبا- على النفرة للجهاد زعموا..هي استشراف: «الشهادة» التي يتم لها التسويق دون خلفية شرعية معتبرةٍ وذلك من خلال مجالس العزاء لمن خسره أهله مقتولاً في: «الشام» أو من خلال السيل المنهمر الذي يتدفق ليلاً ونهاراً من خلال: «تويتر» ولقطات: «اليوتيوب» التي كثيراً ما يقع منها/، وفيها التزوير والتدليس!.. في الأثناء التي لزم فيها الصمت من كان يتوجب عليهم: «ديانةً» الإبانة عن مثل هذا الخلل الشرعي في التعامل مع: «المصطلحات الشرعية» حتى تمت استباحتها من كلّ أحد. مع أن الجميع يدرك أنه لا يجوز بأي حالٍ تأخير البيان عن وقت الحاجة.! وأي حاجةٍ أعظم مما نحن فيه.