نحن في حالة هروب دوماً من واقعنا الذي يلقي علينا مهمات صعبة في تحمل فضول الغرباء وتقصي الأقرباء وكراهية القطيع إن كنت تختلف عنه، وهلم جرا، بتنا نهرب بأول طائرة إلى أي بلد يحترم الحريات حتى نعيش الحياة البسيطة التي نحلم بها. حين يتبجح عليك مجتمعك بالتنمر، والكراهية والنبذ لا تملك إلا أن تكرهه، أن تكون ناقماً عليه وحاقداً على أفراده، محتجاً على عاداته وتقاليده، ولربما دينه، لأنك تجد أن الآخرين يقومون بمهمة نصحك وتقويمك محتجين بأن "الدِّين أفيون الشعوب" والحجة الأقوى على الإطلاق. لست أطبل لدول الغرب لأنها ليست أفضل منا، ولكنها اكتشفت مبكراً طبيعة النفس البشرية القابلة للعنف والتهكم ومضايقة الآخر واختراق خصوصيته، لذا سنت القوانين لتهذبه، ومن هنا منعت التنمر وجرّمت الكراهية، معتبرة أن أي شخص يطلق عليك أي تعليق عنصري محل اتهام ويعرض نفسه للمساءلة القانونية، مما جعل الكثيرين منهم يتحاشون تجريحك، ليس لرقيهم الفكري وإيمانهم باحترام الآخر، ولكن خوفاً من الوقوع تحت طائلة القانون. ولذلك نحن في حالة هروب دوماً من واقعنا الذي يلقي عَلينا مهمات صعبة في تحمل فضول الغرباء وتقصي الأقرباء وكراهية من القطيع إن كنت تختلف عنه، وهلم جرا، بتنا نهرب بأول طائرة إلى أي بلد يحترم الحريات حتى نعيش الحياة البسيطة التي نحلم بها. لأن البساطة، في مجتمعنا، حكر على المساكين، والغلو ثقافة المتدينين، والمحبة سر لا نعلنه إلا على المرضى والمحتاجين، الغرب ليس أفضل منا، ونحن نمتلك عقولاً تضاهيه ذكاء وإبداعاً، ولكن مشكلتنا أننا نعيش في مجتمعات تنتهك الخصوصية وتجرم الأفراد على اختلافهم، ومن هنا تأتي المعضلة التي لا يمكن حلها إلا بسن قوانين تجرم الكراهية ومن يعلن عنها. قفلة: تذكر دوماً أنك جرم صغير في عالم كبير، لا تملك الحق في إطلاق أي أحكام على الأشخاص، كما لا تملك الحق في تحديد خياراتهم، فقط تخيل: لو كان الأمر بالمعكوس أكنت سترتضيها على نفسك؟