هاجمت قوات الحكومة السورية وحلفاؤها القطاع الذي تسيطر عليه المعارضة من مدينة حلب على عدة جبهات يوم الثلاثاء في أكبر هجوم بري حتى الآن في إطار حملة عسكرية ضخمة جديدة أنهت وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا. وتقول الولايات المتحدة إن الهجوم على حلب يثبت أن الرئيس بشار الأسد وحلفاءه الروس والإقليميين قد تخلوا عن عملية السلام الدولية سعيا لتحقيق انتصار على أرض المعركة في الحرب المستمرة منذ نحو ست سنوات. وتقول واشنطن التي اتفقت مع روسيا على وقف لإطلاق النار هذا الشهر والذي انهار بعد أسبوع واحد إن موسكو ودمشق ارتكبتا أعمالا "وحشية" وجرائم حرب باستهدافهما مدنيين وعمال إغاثة وشحنات مساعدات بغارات جوية. ويعتقد أن أكثر من 250 ألف مدني محاصرون داخل الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة من مدينة حلب الذي تعرض لقصف مكثف على مدى الأسبوع الماضي أدى إلى مقتل مئات الأشخاص الكثير منهم تحت أنقاض مبان انهارت بسبب القصف باستخدام قنابل خارقة للتحصينات. ولم يعد بالداخل سوى 30 طبيبا يتعاملون يوميا مع مئات الجرحى الذين يتلقون العلاج على الأرض في مستشفيات خالية من الإمدادات. ودعت منظمة الصحة العالمية إلى "فتح ممرات إنسانية فورا لإجلاء المرضى والجرحى" من الجزء الشرقي من المدينة. وخلال هجوم يوم الثلاثاء سعت قوات موالية للحكومة تشمل الجيش السوري ومقاتلين من إيران والعراق ولبنان لمهاجمة مدينة حلب القديمة قرب القلعة التاريخية وحول العديد من المداخل الرئيسية للمدينة. وقال معارضون إن القوات تقدمت من ريف حلب إلى الشمال والجنوب مما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة. وقال الجيش والمرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب الحرب إن الجيش حقق بعض المكاسب لكن المعارضين شككوا في ذلك قائلين أنهم تصدوا له. * "مواجهة وحشية" وقال مقاتلون بارزون من الجانبين إن القوات الموالية للحكومة تحتشد في عدة مناطق في حلب التي كانت أكبر مدن سوريا قبل الحرب وقسمت الآن إلى قطاع غربي يسيطر عليه الجيش وقطاع أصغر محاصر تسيطر عليه المعارضة. وقال قائد جماعة شيعة عراقية تقاتل في صفوف الأسد لرويترز إن قوة ضخمة تقودها قوات النمر الخاصة التابعة للجيش السوري بدأت التحرك بمركبات مدرعة ودبابات للهجوم على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وقد يحقق سحق المعارضة المسلحة في المدينة أكبر نصر للأسد حتى الآن في الحرب ويوجه صفعة قوية لأعدائه. ولم يتضح ما إذا كانت هناك خطة لشن هجوم شامل على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في وقت قريب. فذلك قد يتطلب هجوما ضخما للجيش مدعوما بمقاتلين شيعة من لبنان والعراق ومن الحرس الثوري الإيراني وقوة جوية روسية. وكانت إستراتيجية الحكومة في مناطق أخرى مثل دمشق وحمص هي استخدام الحصار لسنوات والقصف لإجبار المعارضين على الاستسلام في نهاية الأمر بدلا من محاولة اقتحام مناطق جيدة التحصين. غير أن حلفاء الأسد يقولون الآن صراحة إنهم تخلوا عن عملية السلام ويراهنون بدلا منها على انتصار عسكري. ونسبت صحيفة الأخبار اللبنانية عن حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله قوله "لا آفاق للحلول السياسية... والكلمة الفصل للميدان." ونقل عن علي شمخاني رئيس مجلس الأمن الوطني الإيراني قوله إن مصير حلب لن يتحدد إلا "من خلال مواجهة قوية." وقال سكان في حلب إن الغارات الجوية الوحشية في الليالي السابقة هدأت بعض الشيء. وقال المرصد إن 11 شخصا على الأقل قتلوا في غارات جوية يوم الثلاثاء في اثنين من أحياء حلب. وذكر التلفزيون الحكومي أن الجيش استعاد حي الفرافرة بالمدينة القديمة في حلب وأن وحدات هندسية تزيل الألغام من المنطقة. وقال مصدر بارز من المعارضة إن الجيش سيطر على بعض المواقع قرب هذه المنطقة لكنه أجبر على الانسحاب. ولم يتسن التأكد من أي من التصريحين. وقال المصدر المعارض إنه تم صد الجيش بعد قتال عنيف على أربع جبهات أخرى ووصف ما حدث بأنه أكبر موجة من الهجمات البرية منذ الإعلان عن الهجوم الأسبوع الماضي. وقال زكريا ملاحفجي عضو المكتب السياسي لجماعة فاستقم النشطة في حلب إن الجيش حشد قوات المشاة والمركبات الثقيلة في المدينة. وأضاف أن محاولات التقدم تم التصدي لها حتى الآن. وقال المسؤول المعارض البارز إن القوات الموالية للحكومة تحتشد قرب حي الشيخ سعيد الذي تسيطر عليه المعارضة على المشارف الجنوبية للمدينة قرب الموقع الذي دار فيه أعنف قتال هذا الصيف في حلب.