كشف جو هوكي وزير الخزانة الأسترالي أمس أن الشركات متعددة الجنسيات التي تنقل إيراداتها حول العالم للتهرب من التزاماتها الضريبية ستكون هدفا أساسيا في محادثات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية بدول مجموعة العشرين اليوم في سيدني. وبحسب "الفرنسية"، فقد أضاف هوكي أنه على مسؤولي مجموعة العشرين الاتفاق على مبدأ هو أن "المكان الذي تكسب فيه المال يجب أن تسدد فيه الضرائب" بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات. في الوقت الذي أعلن فيه مع نظيره الأمريكي جاكوب ليو الاتفاق على تسريع وتيرة تبادل المعلومات الضريبية بين البلدين بهدف محاصرة عمليات التهرب الضريبي. وذكر ليو في مؤتمر صحفي مشترك مع هوكي أن التبادل الآلي للمعلومات أصبح معيارا عالميا بسرعة، وأعتقد أنه على مجموعة العشرين تشجيع كل دول العالم على تبني هذا المعيار. وتضم مجموعة العشرين أكبر الاقتصادات الصاعدة والمتقدمة في العالم وهي الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك وروسيا والسعودية وجنوب إفريقيا وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأكد هوكي عزم بلاده التصدي للضغوط المحتملة من الدول الأوروبية بهدف فرض ضريبة وقواعد جديدة على المعاملات المالية في أعقاب الأزمة المالية العالمية، مضيفاً أنه لا ينبغي أن يكون التركيز منصبا دوما على إضافة قواعد جديدة، بل يجب تنحية فكرة فرض مزيد من القواعد لصالح تحسين القواعد. وأضاف هوكي أنه سيدعم محاولات تعزيز قاعدة ممولي الضرائب من خلال ضمان عدم استغلال الشركات متعددة الجنسيات لأنظمة تحويل الأموال وغيرها من أجل التهرب من التزاماتها الضريبية. ووفقاً للوزير فإنه يجب التأكد من عدم وجود ثغرات في أنظمتنا الضريبية ويتعين التأكد من تبادل المعلومات الضريبية فيما بيننا، وأنه لا توجد كمية من القواعد والقيود يمكن أن تحمي الناس من فقدان أموالهم ولا يجب أن يكون هذا موجودا، وأنه يأمل في التخلي عن الدعوة إلى مزيد من التدخل الحكومي في النظام المالي ومحاولة تقليل المخاطر. ورفض هوكي الاكتفاء بـ "كلام فارغ" ورأى من المهم جدا أن يتفق وزراء المال وحكام المصارف المركزية على أهداف للنمو تفوق التوقعات الحالية، لأننا لن نتجاهل زعزعة الاستقرار أخيرا في أسواق المال الدولية خصوصا انعكاسها على اقتصادات هذه الدول الناشئة. وهي أجندة تناسب الولايات المتحدة التي ستدعو إلى تشجيع النمو على ما قال مسؤول كبير في الخزانة، وإن كان المسؤول توقع أن تشكل التقلبات الكبيرة في عملات عدد من الدول الناشئة أحد محاور البحث الرئيسة في الاجتماع، إلا أنه ينسبها بصورة خاصة إلى عوامل داخلية خاصة بهذه البلدان. على جانب آخر، تشارك جانيت يلين الرئيسة الجديدة للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للمرة الأولى بعد توليها المنصب في اجتماعات العشرين، في وقت تعاني فيه الدول الناشئة من الانعكاسات الجانبية لوقف المركزي الأمريكي برنامج الدعم للاقتصاد. وبعد إنذار أول في صيف 2013، عادت عملات العديد من الدول الناشئة إلى التراجع في الأسابيع الأخيرة، من الأرجنتين إلى روسيا مرورا بإفريقيا الجنوبية وتركيا، وسبب هذا التراجع هو خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عملياته الشهرية لشراء أصول والترقب الناتج عن زيادة معدلات الفائدة الأمريكية، ما يحض المستثمرين على إخراج رساميلهم من الدول الناشئة لتوظيفها في الولايات المتحدة. وتقف الشكوك حول متانة هذه الاقتصادات الناشئة وهيئاتها السياسية خلف هذا الانحسار في الرساميل غير أن الاحتياطي الفيدرالي المكلف بالمقام الأول بالسهر على الاقتصاد الأمريكي يتهم أحيانا بقلة الاكتراث حيال الأضرار الجانبية الناتجة عن سياسته. وكانت جانيت يلين اكتفت بالقول بهذا الصدد بعيد تولي مهامها في منتصف شباط (فبراير) إن التقلبات لا تطرح في المرحلة الراهنة خطرا جوهريا على الآفاق الاقتصادية الأمريكية، وإن الاحتياطي الفيدرالي يراقب باهتمام هذه التحركات. وذكر آدم هيرش الخبير الاقتصادي في مركز أبحاث "أميركان بروجرس أكشن فاند"، أنه على الرغم من إقرارها بصعوبات الدول الناشئة فهي تبدو وكأنها تقول هذه ليست مشكلتي، وهو أمر لن تقبل به الدول النامية أعضاء مجموعة العشرين. ورأى راجورام راجان حاكم البنك المركزي الهندي في نهاية كانون الثاني (يناير) أنه يجدر بالولايات المتحدة الاهتمام بتأثيرات سياساتها على باقي العالم، مضيفاً أنهم يودون العيش في عالم تأخد فيه الدول بعين الاعتبار انعكاسات سياساتها على الدول الأخرى بدلا من أن تفعل فقط ما يناسبها هي نفسها. وبحسب مصدر في الحكومة الفرنسية فإن هناك إجماعا أيضاً بشأن المصارف المركزية الكبرى على أنه يجب الاهتمام بشكل جماعي بتأثيرات سياساتنا على الاقتصادات الأخرى، وأن هذه ستكون فرصة للاحتياطي الفيدرالي لشرح أهدافه كما يفعل في كل مرة. وكانت جانيت يلين مثلت الاحتياطي الفيدرالي خلال اجتماع سابق لمجموعة العشرين في تموز (يوليو) في موسكو، حيث حلت محل سلفها بن برنانكي، غير أن فيليب مارتن أستاذ الاقتصاد في معهد العلوم السياسية في باريس رأى أن التعاون المالي يعتبر في غاية الصعوبة؛ لأن المصارف المركزية لديها تفويضات وطنية. وحذر من أن الدول الناشئة لا يمكن أن تتوقع الكثير من اجتماع سيدني، وأعتقد أنها ستمارس نوعا من الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لكن النتيجة ستكون ضئيلة جدا. وعلى الرغم من تباطؤ النمو في الصين، القوة الاقتصادية الثانية في العالم، والتقلبات في الدول الناشئة، إلا أن اجتماع مجموعة العشرين ينعقد في ظروف مواتية للاقتصاد العالمي، فقد رفع صندوق النقد الدولي ولو بشكل طفيف في نهاية كانون الثاني (يناير) توقعاته للنمو للعام 2014 وذلك لأول مرة منذ نحو عامين وبات يتوقع أن يحقق الاقتصاد العالمي نموا بنسبة 3.7 في المائة بعد 3 في المائة عام 2013، غير أن أوروبا قد تواجه مخاطر انهيار في الأسعار، وهي ظاهرة خطيرة تولد دوامة يصعب الخروج منها، وهو ما تثبته اليابان التي تواجه مثل هذه الدوامة منذ 15 عاما. من جهة أخرى من المتوقع أن يحتل التعاون الضريبي بين الاقتصادات الكبرى في العالم ومكافحة التهرب الضريبي نقطة أساسية في اجتماع سيدني. ومن جانبها، ذكرت كسينيا يودايفا مسؤولة كبيرة في البنك المركزي الروسي أمس أن اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين يجب أن يناقش تداعيات خفض التحفيز النقدي الأمريكي على الأسواق الناشئة. وأضافت يودايفا النائبة الأولى لمحافظ البنك المركزي الروسي في مؤتمر في سيدني أنه لا بد من التعاون بين البنوك المركزية العالمية لاستعادة استقرار الأسواق. وأشارت يودايفا، إلى أن إحدى المسائل التي أرى أن على وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية مناقشتها في الاجتماع وعلى مدى العام هي وضع الأسواق الناشئة وتأثرها بخفض التحفيز الأمريكي. وحذر البنك المركزي الروسي من أن المستثمرين سيبتعدون عن الأسواق الناشئة على الأرجح مع قيام البنك المركزي الأمريكي بسحب التحفيز النقدي. وسيؤدي ذلك إلى توقف الأموال التي كانت تتدفق على الاقتصادات النامية. من جانبه قال علي باباجان نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون المالية إن الدول المتقدمة الأعضاء في مجموعة العشرين تحتاج إلى إصلاح أنظمتها المالية وتخفيف الحاجة إلى أن تدعم البنوك المركزية اقتصاداتها بسياسة نقدية.