×
محافظة المنطقة الشرقية

أيقظوه فوجدوه.. ميتاً!

صورة الخبر

البداية عندما حاولوا إحراق إبراهيم عليه السلام بالنار؛ لأنه كان يحمل فكرًا مخالفًا لأهله. حاولوا إحراقه لكتم صوته ورسالته. منذ ذلك الوقت أصبح الحرق منهج إلغاء فكرة الخصوم.. في عام 1812 قال الشاعر الألماني الشهير هاينريش هاينه، الذي تعرضت أعماله للحرق، جملةً معبرةً، هي: «أينما تحرق الكتب فسينتهي الأمر بحرق البشر أيضًا». وصدقت عبارة هاينه بشكل كبير؛ فما سجل التاريخ عمليات تصفية للكتب إلا تلتها تصفية للكتّاب والشعراء؛ فبعد أعوام قليلة من عملية حرق الكتب بدأت المحارق النازية المعروفة بالهولوكوست. ويذكر التاريخ واحدة من أعظم عمليات الإرهاب بحق الأدب عندما شهدت مدينة برلين الألمانية قبل 80 عامًا واحدة من كبرى عمليات حرق الكتب خلال حقبة النازية. ففي عام 1933 تجمع نحو 70 ألف شخص في أحد ميادين برلين، وقامت مجموعة من الطلبة بنقل أكثر من 20 ألف كتاب لتحرق أمام عيون الجميع، لرفض فكر كل ما هو غير مؤمن بالنازية، ولو كان ألمانيًّا. وكلف ألمانيا هذا الإرهاب النازي خسارة مئات العقول الفذة الألمانية التي رفضت النازية.. ‎مع بداية الحكم المسيحي، وغلبة صحوتهم, قاموا بحرق مكتبة القسطنطينية بعاصمة الدولة البيزنطية, وفقدت المكتبة 120 ألف مخطوطة بعدما كانت حافظًا للمعرفة القديمة لليونان والإغريق لأكثر من ألف عام، حتى نالت منها الحروب. ‎وأيضًا طال إرهاب الحرق مكتبة بغداد التي أسسها هارون الرشيد، ورعاها ابنه المأمون؛ لتكون مركزًا للفكر العربي الإسلامي. ضمت المكتبة كتب التراث الإسلامي والسير والتراجم، وكتب الكيمياء والطب والرياضيات والفلسفة والأدب. وحوت المكتبة مرصدًا فلكيًّا للتحقيق في كشوف بطليموس، وأقام فيها مجموعة من المترجمين لنقل العلوم? تم تدمير المكتبة على أيدي المغول عند اجتياحهم بغداد، وألقوا بجميع محتوياتها وأكثر من 300 ألف كتاب في نهر دجلة، حتى حوله مداد الكتب للون الأسود. هذا إلى جانب ست وثلاثين مكتبة عامة أخرى ببغداد تم إغراقها. لماذا يحرقون الكتب؟ هم يحرقون التاريخ ومن يؤرخه لمحوه، ولتعود الأمم للصفر، وليتمكنوا من كتابة تاريخ آخر، ومصادرة رواياتهم وحقائقهم. إن الإرهاب لا يمكن أن تنمو بربوعه قصيدة، فإن أردت تدمير أمة فعليك بقتل مثقفيها، وإسكات شعرائها، وعزل أهلها عن المعرفة، وتسطيح تفكيرهم؛ فالتطرف والإرهاب والحرق لم تَبنِ دولاً، ولم تنشر علمًا، ولم تُنمِّ مجتمعات. يذكر التاريخ أن في زمن الفاشية الهتلرية سقط اسم كاتب ديمقراطي نمساوي سهوًا من قائمة الممنوعين، فكتب عنه برتولد بريخت في قصيدته (حرق الكتب): «عندما حملت الثيران الكتب إلى المحرقة ذهب وبحث عن كتبه من بين الكتب المحمولة فلم يجدها فاستشاط غضبًا؛ فهرع إلى مكتبه، وخط إلى الحاكمين سطرًا على عجل: (أحرقوني! أحرقوني! لا تسيئوا إلي!?. ‎ألم أقل الحقيقة فيما كتبت؟ لِمَ تعاملونني ككذاب؟? آمركم أن تحرقوني!)». ويذكر التاريخ الحديث «داعش» المنظمة الإرهابية بإحراقها المكتبة المركزية شمال شرق بعقوبة في العراق، إضافة إلى حرقها مكتبة أخرى تضم 1500 كتاب. أيضًا تربعت إيران على رأس الدول المعدمة لكل شاعر أو كاتب يخالف مذهبها القائم على نشر المذهب التوسعي الطائفي. - أحلام الفهمي