صعّد النظام السوري المدعوم من روسيا، منذ مساء أمس الأول، غاراته على حلب الشرقية، ملوحا بهجوم بري، في خطوة قال محللون إنها تفاوض بالدم، حيث تحاول موسكو انتزاع تنازلات أميركية من إدارة الرئيس باراك أوباما التي تعيش حالة ارتباك قبل مغادرتها السلطة. غرقت الأحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال سورية، أمس، في جحيم الغارات الكثيفة التي شنتها طائرات سورية وروسية، متسببة بدمار هائل وسقوط قتلى، بعد ساعات من إعلان الجيش السوري الموالي لنظام الرئيس بشار الأسد بدء هجوم في المنطقة يشمل تدخلا برياً. وأفادت التقارير المحلية بمقتل أكثر من 81 شخصاً منذ مساء أمس الأول في "حلب الشرقية". وقال مراسل لوكالة "فرانس برس" في مناطق المعارضة في حلب إن "القصف عنيف جدا"، لافتاً إلى أن طائرات حربية تشن غارات تليها مروحيات تقصف بالبراميل المتفجرة، قبل أن يبدأ القصف المدفعي. ولفت إلى أن طائرات استطلاع تحلق فوق الأحياء الشرقية لالتقاط الصور قبل أن يقوم سرب من الطائرات الروسية والسورية بالقصف. وبات متطوعو الدفاع المدني مع كثافة الغارات عاجزين عن الاستجابة والتحرك لانقاذ الضحايا، خصوصا بعدما استهدفت الغارات صباحا مركزين تابعين لهم في حيي هنانو والانصاري. وتسببت الغارات بدمار كبير، بينها ثلاثة أبنية انهارت بكاملها في حي الكلاسة الذي يتعرض لغارات عنيفة منذ 48 ساعة، على رؤوس قاطنيها جراء غارة واحدة. ويأتي هذا التصعيد بعد إعلان الجيش السوري، مساء أمس الأول، بدء هجوم على الاحياء الشرقية في حلب التي يحاصرها منذ شهرين تقريباً. وفرت عائلات من أحياء تشكل جبهات ساخنة في شرق حلب في اليومين الاخيرين الى أحياء اخرى، لكن لا طريق أمامها للخروج من المدينة. ويعيش نحو 250 الف شخص في مناطق المعارضة في المدينة التي تشهد منذ صيف العام 2012 معارك وتبادلا للقصف بين قوات النظام في الاحياء الغربية والفصائل المعارضة الموجودة في الاحياء الشرقية. وطلب الجيش في بيان أصدره، أمس الأول، من المواطنين "الابتعاد عن مقرات ومواقع العصابات الإرهابية المسلحة"، مشيرا الى أن "لا مساءلة أو توقيفا لأي مواطن يصل إلى نقاط الجيش السوري". واوضح انه تم اتخاذ "كل الإجراءات والتسهيلات لاستقبال المواطنين المدنيين وتأمين السكن ومتطلبات الحياة الكريمة"، موضحا أن "الإجراءات والتسهيلات تشمل أيضا المغرر بهم الراغبين بالعودة الى حضن الوطن". وأوضح مصدر عسكري سوري في دمشق لوكالة "فرانس برس" أن العمليات البرية في حلب لم تبدأ بعد. وقال: "حين أعلنا بدء العمليات البرية، فهذا يعني أننا بدأنا العمليات الاستطلاعية والاستهداف الجوي والمدفعي، وقد تمتد هذه العملية لساعات أو أيام قبل بدء العمليات البرية"، مشيرا الى أن "بدء العمليات البرية يعتمد على نتائج هذه الضربات". وذكر أن الضربات الجوية التي ينفذها الطيران منذ يوم أمس الأول تستهدف "مقرات قيادات الارهابيين". ويصنف النظام السوري كل المجموعات التي تقاتله من الفصائل المعارضة والجهادية بأنها "إرهابية". وأكد ضابط سوري على جبهة حلب لـ"فرانس برس" ان "القوات البرية لم تتقدم ميدانيا بعد". وبحسب مصدر عسكري ثان في دمشق، فإن "هدف هذه العملية هو توسيع مناطق سيطرة الجيش" في حلب، لافتا إلى "وصول تعزيزات أخيرا الى حلب تعزز القدرة على القيام بعملية برية". اجتماع جديد في نيويورك، التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري مجددا نظيره الروسي سيرغي لافروف غداة فشل اجتماع لمجموعة العمل الدولية حول سورية هدف الى إعادة إرساء الهدنة التي تم الاتفاق عليها في وقت سابق من هذا الشهر بين واشنطن وموسكو وانهارت بعد اسبوع من تطبيقها. وقال الموفد الدولي الى سورية ستيفان ديميستورا، أمس الأول في نيويورك "ما يحصل هو أن حلب تتعرض للهجوم، والجميع عاد الى حمل السلاح". وحض كيري روسيا على إبداء "جدية"، مطالبا دمشق "بوقف استخدام" طيرانها الحربي. فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أن استجابة موسكو للمطالب الدولية بمنع تحليق الطيران الحربي السوري "غير كافية". وكانت موسكو رفضت الطلب بالمطلق وقالت انه غير قابل للتنفيذ. ويقول محلل سوري قريب من دمشق ان "المعارك بدأت إثر فشل الاجتماع الدولي"، مضيفا: "إنها المفاوضات بالنار في حلب". ويضيف "على الأميركيين أن يفهموا أنهم ما لم يفوا بالتزاماتهم (اتفاق الهدنة) وتحديدا لناحية فك الفصائل (المعارضة) ارتباطها عن جهاديي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، فإن الروس والجيش السوري سيتقدمون". الأمم المتحدة في سياق متصل، أعلنت الامم المتحدة، أمس، أنها تبحث عن طريق بديل لإرسال مساعدة الى الاحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب والتي تتعرض لقصف عنيف، فيما لا تزال 40 شاحنة محملة بمساعدات انسانية عالقة في منطقة بين تركيا وسورية. وقال المتحدث باسم مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ينس لاركي، في تصريح صحافي: "نحاول أن نرى بكل الوسائل الممكنة كيف يمكننا الوصول الى القسم الشرقي من حلب". ووصف المتحدث بـ"المأساوي" وضع نحو 250 ألف شخص يعيشون في هذا الجزء من حلب، المدينة الثانية والعاصمة الاقتصادية السابقة لسورية. وكانت الامم المتحدة أعربت حتى الان عن املها في ان تتمكن من ايصال مساعدة انسانية لهم من خلال سلوك طريق الكاستيلو، شمال المدينة. واوضح ان الامم المتحدة تدرس الآن امكانية الوصول الى الاحياء الشرقية للمدينة من خلال سلوك طريق اطول انطلاقا من دمشق. «الوحدات» تجتمع بمملوك أفادت وكالة "رووداو" الكردية، بحدوث اجتماع بين وفد من "وحدات حماية الشعب" الكردية (YPG)، مع رئيس مكتب الأمن الوطني السوري، اللواء علي مملوك، في دمشق، بحث الأوضاع بمحافظة الحسكة، بعد المعارك التي جرت في المدينة بين "الوحدات" والنظام السوري في الشهر الماضي. وأشارت الوكالة الى أن الوفد نفسه كان زار قبل أيام قاعدة حميميم العسكرية في اللاذقية، وذلك في إطار جولة شملت أيضا القاهرة. «فتح الشام» تحرم القتال إلى جانب الأتراك حرمت جبهة "فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، قتال الفصائل إلى جانب الجيش التركي أو التنسيق معه، ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أو الأكراد، بريف حلب الشمالي. وجددت الجبهة اعتبارها أن "أميركا عدو كافر صائل مباشر على المسلمين يحرم التعامل معه بأي نوع من أنواع التعامل، تحت أي مبرر وذريعة، مهما تأول المتأولون". وأخيراً أصدرت حركة "أحرار الشام" الإسلامية، و"مجلس شورى أهل الشام" و"المجلس الإسلامي السوري" كل على حدة بيانات تعلن فيها جواز الاستعانة بأنقرة لقتال "داعش" و"قوات سورية الديمقراطية" التي تشكل "وحدات حماية الشعب" الكردي عمادها.