د. عارف الشيخ هناك فرق بين اللقيط وبين اللقطة، فاللقيط خاص بالأدمي، وقد تحدثت عنه في مقال خاص، أما اللقطة فخاصة بالأموال، واللقطة من اللقط، واللقط في اللغة بمعنى الأخذ. وعرفت اللقطة في الشرع بأنها مال محترم غير محرز، ولا يعرف الواجد مستحقه، فكونه مالاً محترماً يعني أنه مال لا يجوز لأحد أن يتصرف فيه إلا بإذن صاحبه، ويشمل هذا المفهوم حتى مال غير المسلمين الذين يعيشون في حماية الدولة (انظر سبل السلام شرح بلوغ المرام للصنعاني ج 3 ص 120). واللقط أي أخذ مثل هذا المال الذي لا يعرف له مستحق، له حكم عند الفقهاء، وقد ذكر ابن حجر أن حكمه الوجوب إذا خيف عليه الضياع، والندب عند عدم الخوف عليه، ويكون لقطه محرماً إذا التقطه ليتملكه لا ليرده إلى صاحبه، ويكون مكروهاً إذا التقطه الفاسق، ويكون مباحاً إذا استوى الترك واللقط. ثم يقول الحافظ ابن حجر: والأرجح من مذاهب العلماء أنه يدخل في الحكم باختلاف الأشخاص والأموال، فمتى رجح أخذه وجب أو استحب، ومتى رجح تركه حرم أو كرم، وإلا فهو جائز. (انظر فتح الباري ج 5 ص 111). على كل حال فلكل من اللقط والملتقط والملقوط حكم كما بينه الفقهاء في كتبهم، فاللقط وهو أخذ الشيء ووضع اليد عليه، يشترط فيه الأمانة والولاية ابتداء، والاكتساب والتملك انتهاء. ويجب الإشهاد عند التقاطه ولو عدلاً واحداً لحديث عياض الوارد: من وجد لقطة فليشهد ذا عدل لا يكتم ولا يغيب، فإن وجد صاحبها فليردها عليه، وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء رواه أحمد. وللملتقط أن يعلم الشاهد بصفات اللقطة إذا ضمن السرية، وله ألا يعلمه بها مفصلة لضمان الوصول إلى صاحبها الحقيقي. والملتقط من شروطه أن يكون حراً مسلماً مكلفاً أميناً، وأجاز بعضهم للذمي الالتقاط كالمسلم، وكذلك الصغير والمجنون، لأنهما من أهل الاكتساب (انظر المجموع للنووي ج 16 ص 176) والأحناف استثنوا التقاط المجنون (انظر حاشية ابن عابدين ج 6 ص 435). أما الملقوط فهو لا يخرج عن كونه حيواناً ويسمى ضالة، أو يكون غير حيوان ويسمى لقطة بشرط أن يكون مالاً محترماً كما قلنا، ولا يسمى المال المباح لقطة، لأنه عام ولا يخضع لملكية أحد بعينه. ولذلك قال الفقهاء بأنه لو اصطاد شخص سمكة في البحر، ووجد فيها درة، فهي للصائد، لأنها مال مباح، وليست لأحد معين، وإذا باع السمكة وهو لا يدري فإنها والدرة تكون للمشتري. ولكنه لو وجد مبلغاً من الدراهم في البحر فهو ليس لقطة، لأن البحر لا ينتج دراهم. وقال الفقهاء أيضاً: إذا ترك إنسان دابة في مهلكة فأخذها إنسان وأطعمها وسقاها وخلصها من الهلاك، فهي له، لأنها كالمال المباح للحديث الوارد: من وجد دابة قد عجز عنها أهلها أن يعلفوها فسيبوها فأخذها فأحياها فهي له. (رواه أبو داوود) وفي زمننا كثرت وسائل التعريف والنشر في الصحف والإذاعات وإدارات الأسواق والمجالس والهواتف وغيرها. والفقهاء اشترطوا سمة كمدة زمنية لتعريفها، لكن مع ذلك فإن التعريف يختلف من زمن إلى زمن بسبب العرف المتبع كما قلنا، واللقطة اليسيرة لا تحتاج إلى مثل هذا التعريف. وإذا كان التعريف مكلفاً مادياً كأن يكون في الصحف أو الإذاعة مثلاً، فإن التكلفة تكون على صاحب اللقطة على رأي بعض الفقهاء. وفي النهاية فإن اللقطة أمانة في يد ملتقطها، يضمنها متى كان سبباً في تلفها، وهي له بعد تعريفها المدة الكافية، يتصرف فيها بنية أنه لو جاء صاحبها ردها إليه.