دخلت التقنية حياتنا فغيرتها وانقسم المستخدمون لها بين مستقبل ومرسل، وبين عاقل يدرك ما يكتب، ومغفل يمشي وراء ما يدس بين السطور منشائعات وتحريض وفكر خفي مضلل وكلها هدفها واحد وهو المساس بالوحدة الوطنية، التي تعد ركيزة من ركائز مقومات هذا الوطن ومسلمة من مسلمات تطوره وتقدمه ودليلاً قاطعاً على تلاحم هذا الشعب مع قيادته، إذ تظهر لنا الوحدة الوطنية قصة التلاحم بين أبناء هذا المجتمع من تاريخ آبائنا وأجدادنا إلى يومنا هذا. حسابات وهمية يقول د.سعود المصيبيح أكاديمي وإعلامي: شهدنا عصورا متلاحقة في وسائل الاتصال حيث كانت الإذاعة ثم التلفزيون ثم الإنترنت بجميع أشكاله وسرعة انتشاره، ثم جاءت وسائل التواصل الاجتماعي من تويتر، وفيس بوك، ويوتيوب وواتس أب، والأنستغرام وغيرها، وهذه سرقت لب جميع شرائح المجتمع وخصوصا الشباب وهم يشكلون في مجتمعنا الأكثرية 83% أقل من 39 سنة حسب تقديرات المركز الوطني للشباب جامعة الملك سعود. وأضاف وخطورة هذه الوسائل أنها سهلة الوصول للفرد وبالذات مع التطور العجيب والمتلاحق والسريع في أجهزة الجوال والآيباد وغيرها بحيث لا يترتب على الدخول إليها تجهيزات كثيرة أو معرفة عميقة، خصوصا مع التطور التقني في بلادنا الغالية، حيث الإنترنت في كل مكان والواي فاي على الدوام والإنترنت بأسعار مقبولة جدا داخل شرائح الجوال. ولهذا سجلت مشاركات السعوديين في وسائل التواصل الاجتماعي رقما عالميا متقدما.مشيرا إلى أن هذا يعود للفراغ القاتل لكثير من فئات المجتمع وعدم استثماره فيما يفيد إضافة إلى قلة وسائل الترفيه فليس لدى الشاب أو الشابة في المنزل أو خارجه إلا هذه الوسائل وهذا أدى للأسف ليس للتأثر بأفكار سياسية ضد الوطن وإنما أيضا الدخول للمواقع الإباحية وتبادل الرسائل الخليعة. مضيفا، وبالنظر إلى واقع المملكة وما وصلت إليه من خير ونماء وازدهار واستقرار حتى أصبحت ضمن الدول العشرين الأعلى اقتصادا في العالم ولديها 150 ألف شاب وشابة يدرسون في أرقى الجامعات العالمية في أضخم استثمار بشري للموارد البشرية وهي تخدم الحرمين الشريفين ويفد إليها ملايين المسلمين يؤدون مناسكهم بيسر وسهولة وأمن وطمأنينة. وفيها عشرة ملايين وافد يعملون بها ويحولون إلى أهاليهم الرزق الحلال في كل بلاد الدنيا ومن يأتي لا يريد أن يترك هذا البلد بل يحرص لإحضار أهله وأسرته لتربية أولاده تربية طيبة حيث احترام المشاعر الدينية والتقيد بالقيم والأخلاق، ولهذا وطن عظيم كهذا لابد أن يتعرض إلى هجمات معادية حاقدة للتأثير على شبابه والطمع به والنيل من استقراره، ووجدوا ضالتهم في وسائل التواصل الاجتماعي للتشكيك في ثوابت الوطن وزرع الفتنة ونشر الشائعات والتأثير على الوحدة الوطنية، ولم يكن عملا فرديا غير منظم وإنما عمل يدار من استخبارات معادية تستغل سعوديين حاقدين ربما ينتمون لطوائف معينة متأثرين بأيدلوجيات ثورية متوترة، أو من عرب انتموا لأحزاب حركية مسيسة عاشوا في المملكة ويعرفونها جيدا، ويعرفون كيفية الدخول للعقلية السعودية بهدف الإساءة واستغلال الأحداث ضد هذا الوطن، فنجحوا كثيرا في زرع الفتنة والإرباك وتأثر الكثير بهم وساعدهم تقليدية تعامل جهات الدولة الإعلامية المعنية في التعامل مع هذه الوسائل وتشتت الجهات التي تتعامل مع هذا الوسائل وتردد بعضها، وتواكل جهات على جهات أخرى خوفا من المبادرة وتجنب اللوم عند الفشل. وتابع فكانت المواقف الوطنية ضعيفة ومشتتة يقابلها سيطرة واضحة وكبيرة من الأعداء على هذه الوسائل، ولهذا وبمناسبة اليوم الوطني أدعو لتوحيد الجهود وتحديد المهام وأهمها من الجهة المعنية للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي وليس أمامي حسب فهمي للهيكلة الإدارية سوى أنها وزارة الثقافة والإعلام ويكون هناك هيئة بمسمى هيئة الاتصال الاجتماعي يجري فيها استقطاب الشباب البارعين في هذه الوسائل يقودهم قدرة متمكنة لصياغة التوجه الوطني واستمزاجه من المسؤول والتعامل مع الأحداث والمواقف بالشكل المطلوب، لأن تجاهل هذه الوسائل واستمرار السيطرة عليها مؤثر جدا على السلم الاجتماعي وهناك مئات الآلاف من الحسابات الوهمية التي تنهش في استقرارنا ووحدتنا وتجربتنا التنموية. وعي مجتمعي فيما أوضح د. نايف المهيلب رئيس النادي الأدبي بحايل، أن شبكات التواصل الاجتماعي وسيلة حديثة وهي مصدر من مصادر التبادل في الخبرات والمعارف غير المكلف والمتناهي في السرعة، وتعتبر قفزة نوعية في تقنية المعلومات سهلت ويسرت تدفق المعلومات، ولكن تبقى هذه الشبكات وسيلة قد تكون مصدر شقاء للفرد والمجتمع. إذا لم يصطحبها وعي عال واستخدام رشيد. وقد تسيء إلى الوطن بأسره إذا تتبع المستخدم الأخبار دون تثبت أو تمحيص، فكم من كلمة قالت لصاحبها دعني، وكثير من الكلمات كانت قاتلة، فهي سهم لا يجب إطلاقه إلا بعد التأكد والتفكير في التبعات كما ان إطلاق الشائعات المغرضة غالبا ما تكون من حاقدين ومحترفين يستغلون العاطفة ويتلاعبون على إيقاعاتها يدفعهم الهوى والمآرب الضالة، ولا يملون من التهويل والتفخيم، بغية دفع الآخرين إلى القناعة وفرض نمط من السلوك والتفكير السلبي، وقد تلامس الشائعات المناطقية والقبلية بهدف ضرب الوحدة الوطنية، ومن هنا يترتب على جميع الجهات والمؤسسات الوعي والعمل بالعمل الوقائي أولا ثم العلاجي للوقوف على تلك الظاهرة بأدوات حديثة وبأسلوب حواري متحضر يكون الهاجس الوطني حاضرا. مرتكزات وطنية ويقول الكاتب جعفر الشايب: لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي شكلت نقلة نوعية في تشكيل الرأي العام وصناعة توجهاته المختلفة، وفي المملكة تحديدا هناك اتجاه واسع للاستفادة من هذه التقنيات الجديدة في استخدامها كوسائل إعلامية بعيدة عن الرقابة ومتأثرة بشكل كبير بمواقف الأشخاص والأحداث المحيطة بهم. وتعتبر المملكة من أكثر الدول التي تستخدم فيها وسائل التواصل الاجتماعي كالتويتر والفيس بك واليوتيوب، مع أنها لم تبلغ الأكثر تأثيرا في صناعة الرأي في المجتمع، وحسب مراجعة لي قبل فترة وجيزة تبين أن هناك في المملكة حوالي 7 ملايين مستخدم لديهم حسابات في توتر بينهم 4،7 ملايين مغرد نشط وبنسبة تبلغ 41% من مستخدمي الإنترنت، بينما تصل النسبة في أمريكا 23% والصين 19%، كما أن عدد مشاهدات اليوتيوب اليومية في السعودية تبلغ 190 مليونا أي بمعدل 27 مشاهدة لكل فرد يوميا. وأضاف إنّ هذا العدد الكبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من المؤكد انه يؤثر ويتأثر بصورة تفاعلية واسعة، وكما حدث عدة مرات فإن بعض الأخبار والقضايا التي طرحت في هذه الوسائل لفتت انتباه المسؤولين بشكل أسرع ونتج على اثر بعضها قرارات سريعة أيضا، وبمناسبة اليوم الوطني الذي من المفترض أن تعزز فيه مفاهيم الوحدة الوطنية وتطبيقاتها العملية على ارض الواقع، فانه من المهم أن تشكل هذه الوسائل أدوات ورسائل لبث الفكر الوحدوي المنفتح والجامع، موضحاً أنّ إطلاق مبادرات وطنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي هذه مستفيدة من اتساع تأثيرها وشعبيتها وسرعتها من شأنه أن يساهم في إبراز الموضوع الوطني بكل جوانبه في مختلف الأوساط. وأشار إلى أنّ من بين ذلك تنظيم حملات إعلامية لإبراز جوانب مضيئة من تاريخ المملكة وتنوع مكوناتها ثقافيا واجتماعيا ومناطقياً، وكذلك الترويج للتعريف بالمناطق المختلفة ومعالمها، وإبراز أهم الإنجازات على الصعيد الوطني علميا ورياضيا وفنيا وثقافيا، كما يمكن الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي بمناسبة اليوم الوطني في بث رسائل كتابية وصوتية وصورية تعزز الوحدة الوطنية وتعرف بأبرز الشخصيات التي كان لها دور في بناء الوطن، وتنبه إلى خطورة المساس بمرتكزات الوحدة الوطنية. التفاف الشعب حول القيادة أسكت الحاقدين الثقة المتبادلة عنوان العلاقة بين الشعب والقيادة خفافيش الظلام لن ينالوا من وحدتنا جيل بعد آخر يثبت هذا الشعب أنه «مجتمع الجسد الواحد» «نحن جميع واحد» أول رد على كل من يحاول شق الصف