وعلى صعيد الأوضاع في قارتنا الافريقية، تؤكد مصر على أهمية توفير الدعم للحكومة الصومالية من أجل اتمام الاستحقاقات الانتخابية خلال العام الحالى. وفي بوروندي، تسعى مصر إلى إيجاد حلول لتلك الأزمة السياسية من خلال مجلس السلم والأمن الأفريقي وبدرجة أكبر من خلال مجلس الأمن، حيث تعمل على التعامل مع الأزمة بالشكل المناسب لتهدئة الأوضاع السياسية وتمكين كافة الأطراف البوروندية من تعزيز الحوار السياسي السلمي بعيداً عن استخدام العنف. كذلك، سعت مصر منذ اندلاع الأزمة في جنوب السودان للمشاركة في الأطر الإقليمية للتعامل معها، حيث انخرطت مصر مع طرفي الصراع والأطراف الإقليمية والدولية لتحقيق السلام، وتسعي مصر حالياً من خلال رئاستها لمجلس السلم والأمن الأفريقي، إلى إسهام المجلس بدور أوسع في ذلك، وتعزيز التعاون مع الآلية المشتركة للمراقبة والتقييم. وتطالب مصر بالعمل في إطار حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية لجنوب السودان بشكل يعيد الاستقرار الى جوبا. أما بالنسبة لجمهورية السودان، فإن مصر تُقدر جهود الحكومة السودانية التي أسفرت عن التوقيع على خارطة الطريق التى طرحتها الآلية الإفريقية رفيعة المستوى في ابريل الماضي. السيد الرئيس لقد أضحت ظاهرة الإرهاب بما تمثله من اعتداء على الحق فى الحياة خطراً دامغاً على السلم والأمن الدوليين، في ظل تهديد الارهاب لكيان الدولة لصالح إيديولوجيات متطرفة تتخذ الدين ستاراً للقيام بأعمال وحشية والعبث بمقدرات الشعوب، الأمر الذي يستلزم تعاوناً دولياً وإقليمياً كثيفاً. ولقد حرصت مصر دوماً على التأكيد على أن التصدي للإرهاب لن يحقق غايته إلا عبر التعامل مع جذور الإرهاب، والمواجهة الحازمة للتنظيمات الإرهابية، والعمل على التصدي للأيديولوجيات المتطرفة المؤسسة للإرهاب ومروجيها. وأبرز هنا مبادرة مصر خلال رئاستها لمجلس الأمن فى مايو الماضي لبلورة آلية دولية لمجابهة الأيديولوجيات المغذية للإرهاب. وتدعو مصر لاتخاذ المجتمع الدولي كافة التدابير للحيلولة دون استغلال الإرهاب للتقدم المعلوماتي والتكنولوجى الذي ساهم في إضفاء أبعادٍ خطيرة على ظاهرة الإرهاب والتطرف الفكري جعلها أكثر تفشياً فى عالم اليوم، الأمر الذي يستوجب العمل من أجل وقف بث القنوات والمواقع الالكترونية التي تُحرض على العنف والتطرف. السيد الرئيس يمر العالم بمفترق طرق؛ فلم تعد تهديدات السلم والأمن الدوليين تقليدية، بل أصبحت تمس ثوابت الحضارة الإنسانية. وكذلك لم تعد التحديات الإنسانية والبيئية والاقتصادية والتنموية والصحية منحصرة بالحدود الدولية، بل أصبحت عالمية، لا يستقيم معها الوصاية الفكرية، واحتكار العلم والمعرفة. وأنوه هنا إلى أن ميثاق منظمة التربية والثقافة والعلوم " اليونسكو" تضَمن أن "الحروب تتولد فى عقول البشر"، وأنه فى تلك العقول "يجب أن تُبنى حصون السلام". وأؤكد امامكم من هذا المنبر، أن آفة هذا الزمان هو الإرهاب الذي تبثه دعاوى التطرف والعنف في عقول البشر. ومن ثم، فإن علينا أن نغرس فى تلك العقول قيم التعايش وقبول الآخر. ولما كانت الثقافة انعكاسا لمنظومة القيم التي يحيا بها الإنسان، فعلينا أن نسخر الثقافة والقدرات التكنولوجية والمعرفية لصالح التنمية وتحقيق السلام. لذلك فإنني أدعو الأمم المتحدة إلى إيلاء اهتمام أكبر للتعامل مع الجوانب الثقافية المتعلقة بالتنمية وتحقيق السلام والقضاء على الفكر الهدام، بما في ذلك النفاذ للمعرفة ونقل التكنولوجيا والتصدي للأيديولوجيا المتطرفة، وذلك بالمشاركة الكاملة لمنظمة "اليونسكو"، التي تقدر مصر الأهمية المضاعفة التي يكتسبها دور هذه المنظمة في عالم اليوم، وضرورة العمل على تعظيم الاستفادة منها للمساهمة في تحقيق واقع أفضل وأكثر أمناً واستقراراً وتفاهماً يتسع للجميع. السيدات والسادة على البشرية أن تستعيد جوهر إنسانيتها، فتتشارك في العلم والمعرفة والتكنولوجيا دون احتكار، وتتحد في مواجهة التهديدات. وكما كانت مصر دوماً مثالاً لتراكم الحضارات، فإنها تجدد أمامكم اليوم التزامها بالإسهام المتواصل في تعزيز التعايش داخل الأسرة الدولية، والوصول إلى عالم أكثر أمناً ورخاءً لأجيالنا القادمة.