لا يمكن أن تنهض الأمم بدون احترام أحكام القضاء، ولا شك أن التزام الجهات الحكومية بذلك أمر مهم حتى تكون نموذجا يحتذى، لو أرادت تطبيق القانون على الجميع كأحد المهام الموكلة إليها، ومؤخرا هالنا ما نشر في إحدى الصحف عن أن وزارة الشؤون البلدية تنتظر توجيهات عليا من أجل إلزام أمانة جدة بإعادة المخطط 282 إلى ملاكه وإلغاء قرارها بالإيقاف، لاسيما أن الحكم بات نهائيا. والحقيقة، أن الأمر في غاية الخطورة، من عدة جوانب نوردها استنادا إلى المنشور: أولا: كيف تنتظر الوزارة صدور توجيهات عليا حتى تلزم إحدى إداراتها باحترام أحكام القضاء، وهل مهمة الوزارة الانتظار أم تصحيح الخطأ فورا. ثانيا: كيف لا تحترم الأمانة أحكام القضاء، وتكون نموذجا يحتذى، وكيف تطالب المواطنين بعد ذلك باحترامه ومن سيستمع لها. ثالثا: إن حيازة السلطة لا ينبغي أن تكون مبررا على الإطلاق للتغول على حقوق المواطنين، طالما ارتضى الجميع اللجوء إلى القضاء. رابعا: نعتقد أن الحل الأمثل لذلك هو تفعيل أحكام القضاء، حيث تقضي الأنظمة في بعض الدول بحبس المسؤول عن أي إدارة حكومية يتجاهل تنفيذ أحكام القضاء النهائية. إن تصحيح الأوضاع يستدعي النهوض ضد الأوضاع المقلوبة، وقد يكون العلاج مؤلما لكنه ضرورة في أغلب الأحيان، لاسيما أن الأحكام والمماطلات من هذا النوع لا تعد ولا تحصى.