ذكرى اليوم الوطني من الفعاليات المناسبة لاعادة تجديد الروح الوطنية، واكتشاف القيم الجميلة في أنفسنا التي تساعدنا في النهضة التنموية، والعمل بيد واحدة وعقول متعددة من أجل اثراء الفكر الوطني الذي يخدم استراتيجيات النمو والتطور، فذلك أمر تاريخي لا يتصور ان نقف عنده لنستعيده كاملا دون ان نستلهم الدروس والعبر من التضحيات والفداء الذي منحنا كل هذا الجمال والعشق والفخر والمجد. في يوم الوطن ينبغي أن نتوقف عند عدة تحديات كبيرة في مقدمتها السؤال: ماذا فعلنا للوطن؟ وليس ماذا فعل لنا الوطن؟ لأن ذلك يعكس المعادلة ونمط التفكير بشأن التنمية والنهوض، والاوطان تفعل الكثير فيما يتعلق بوجودنا دون ان يشعر بذلك الخاملون الذين لم يستوعبوا الدرس التاريخي العظيم الذي وحد هذه البلاد، ووفر الأمن فيها - بفضل الله - ثم ببطولات قيادتنا وأجدادنا، فتحقق المجد الذي نفخر به عبر السنوات والأيام، ويتطلب منا أكثر من مجرد الاحتفال ورفع الأعلام، بأن نقف مع أنفسنا لنتعرف على ما قام به كل مواطن محب لوطنه على ما يجب أن يفعله ويقوم به، بدءا من تطوير ذاته وقدراته وأدواته وتفكيره بشأن القيمة المضافة التي يسهم بها في نهضة البلاد. ليس اليوم الوطني إجازة مفتوحة على المرح والفرح بما تحقق قبل ثمانية وستين عاما، وإنما النظر الى الأفق والمستقبل ومقبل الأيام والأعوام لنصنع ونبادر الى منجزات وطنية في جميع المجالات، وبين أيدينا رؤية السعودية التي تقودنا الى طموحات وطنية ترتقي بالوطن أكثر وتدفعه نحو اتجاه تنافسي أممي اكثر قوة وصلابة، وذلك لا يتحقق دون قوة دفع وطنية حقيقية، يعمل فيها كل مواطن بدوافع وطنية بالدرجة الأولى. فأمم وشعوب مثل: اليابان والصين وكوريا وألمانيا نهضت بعزيمة وإرادة شعوبها، فاليابانيون كانوا - عقب الحرب العالمية الثانية - لا يتوقفون عن العمل والانتاج من اجل نهضة بلادهم، ورفضوا حتى الاجازات، وذات الامر فعل الالمان عقب هزيمتهم في الحرب وتدمير بلادهم وكوريا بعد خروجها من الحرب الأهلية ومع جارتها، والصين التي وصلت بشعار «صنع في الصين» الى كل مكان في العالم. الإرادة الوطنية تصنع المعجزات، وتلك الدول دون موارد نجحت في أن تتصدر دول العالم في النهضة والتنمية الشاملة، وهكذا التاريخ انما هو دروس وعبر ونماذج ننظر فيها جميعا الى تجارب بعضنا والاستفادة منها، لكن يبقى الإنسان هو المحور الأساس في ذلك. فالوطن فكرة عميقة تحتاج لبذل جهد مضاعف من العامل في موقع عمله والموظف والمدير والمسؤول، وهي مسؤولية وأمانة جماعية وفردية، ومع ما يتحقق من نمو فإن هناك خطوات تم تجاوزها ومسافات تم قطعها، وبقي ما علينا كمواطنين نطمح الى المضي ببلدنا الى غاياته بعقولنا وسواعدنا وفكرنا، وكما تسلمنا وطنا فسيحا يحتضننا فاننا مطالبون على الدوام بمواصلة العمل من أجله. فالفداء ليس شعرا أو خطابة أو كلمات، وإنما اخلاص وصدق ووفاء وعمل وانتاج ومبادرات تبدأ من الحي الذي يسكن فيه المواطن الى القرية والهجرة والمدينة والوطن بأكمله، هكذا نحتفل بيوم الوطن مع ترسيخ كل المعاني الجميلة في العمل والصبر عليه والانتاج وتطويره.