عبد اللطيف الزبيدي ميادين المعلوماتية والبرمجيات والجرافيك، لا حدود للابتكار فيها، فأين الشباب العربي من ريادة هذه الآفاق العلمية الفنية؟ فتح هذه المجالات أمامه مروحة صينية من الإنجازات الاقتصادية والتربوية والثقافية والتقانية، فضلاً عن شق دروب التنافس على الصعيد العالمي، وتبقى القيمة العليا إنقاذ طاقات الأمّة من دوّامة التطرّف والعنف والتدمير. لا بد من نهاية لهذا الليل العربي، فقد عجزت أنظمة كثيرة عن حماية شعوبها، ولم تدر شعوب عدّة كيف تصون أوطانها، وحتى نعود إلى المأثور تكالبت علينا الأمم، فأين شباب العرب من هذه المأساة؟ عشرات الملايين منشغلة ليل نهار بالحواسيب والهواتف، ونحن في استسقاء، لعلّ سحائب المعلوماتية تجودنا بغيث برمجيات عربية، عسى أن ينير شاشات حواسيبنا محرّك بحث عربيّ، وسائط تواصل اجتماعي عربيّ، حتى تتنفس لغتنا من تحت خضم الإنجليزية وغيرها، فيكتشف الناس أن لهذه الشعوب لسانا له تاريخ ومكانة. لغتنا ليست عاجزة، نحن الذين نقوّيها أو نضعفها، نرفع شأنها وشأوها أو نتركها للسقوط الحرّ. كيف تدرك هذه الحشود من شباب العرب، الأبعاد الاقتصادية التنموية النجومية الكامنة في إبداع خارق مثل غوغل، الذي يعادل أو يفوق ميزانيات مجموعة من الدول العربية المتعثرة؟ كيف كانت البداية، وكيف هي إمبراطورية محرك البحث اليوم؟ سيكون الرد سهلاً جداً وصعباً للغاية في آن: الشباب العربيّ بلا بوصلة. لكن المؤسف هو أن النظام العربيّ هو الذي يفتقر إلى البوصلة. هو الذي قزّم الشعوب واختزلها في عمليتيْ إصدار شهادة الميلاد والشهادة الأخرى. سامح الله أبا العتاهية: لِدوا للموت وابنوا للخراب.. فكلّكمُ يصير إلى يبابِ. الغريب هو أن فئات من الشباب العربيّ، الذي لا نعرف عنه فرط الولوع بالتراث الأدبيّ، طبّق هذا البيت على عدد من البلدان حرفيّا. أغلب الظن أن الإحصاء الدقيق غير متوافر، ولكن لنا أن نتخيّل كارثة الرقم الذي يعنيه قضاء مئة مليون شاب عربيّ أربع ساعات فقط يوميا مستخدما الحاسوب أو الهاتف الجوال، في عام واحد، إنه 146 مليار ساعة. محال أن يكون عدد الساعات يوميا أربعاً لا غير. أضف ما شئت وأعد العملية الحسابية. فهل يتفضل ذلك الجهد الضائع، على شعوبنا ببرمجية أو رسوم متحركة، أو حتى بوكيمون إيجابيّ يوصلنا بسلام إلى شاطئ العلوم والمعلوماتية والتقانة؟ لزوم ما يلزم: النتيجة الديموغرافية: المسنّون فاتهم القطار، والصغار قطارهم لم يوضع بعدُ على السكة، والشباب بلا قطار، فما هذه المحطة العربية العجيبة؟ abuzzabaed@gmail.com