عمون - لقمان اسكندر - وسط إقليم ينتحر، تُجري المملكة انتخابات مجلس النواب الثامنة عشر منذ تأسيس المملكة و22 منذ الإمارة، في توافق وطني، كان عزيرا منذ سنين، فما الذي ينتظره الأردنيون بعد العشرين من أيلول؟ يؤرخ الأردنيون لهذه الانتخابات، بصفتها الأولى من نوعها منذ الانتخابات التي نظموها في العام 1989 بانطلاق النهج الديمقراطي. وتتعدى فكرة الانتخابات المقولة الشائعة في كونها عرس وطني، إلى ما هو أبعد من ذلك. فما يقوله الخطاب الرسمي والأهلي، عما سيجري يوم الثلاثاء المقبل، هو أنها كيماء وطنية تسعى للتحول إلى عمليات تحصين سياسية وأمنية واجتماعية لجغرافيا محاطة بحزام من نار. الحكاية أوسع من مشهد نهوض الأردنيين صباح الثلاثاء حاملين حقائبهم السياسية أو العشائرية أو الحزبية لانتخاب ما يزيد على 1250 مترشحا ومترشحة، إضافة إلى ما يزيد عن الـ 200 قائمة. نحن هنا نتحدث عن إعادة تشكيل واحدة من أهم مؤسسات الدولة البرلمان، يراد منها ولها أن تتحصن فتُحصن المملكة، في لحظة حرجة من لحظات الأمة العربية، عامة والإقليم خاصة. وبينما يُقصف الناس بعضهم حولنا بالصواريخ والطائرات، حتى قُتل أكثر من نصف مليون شخص في سوريا وحدها، قتل وشُرد عشرات الآلاف من العراقيين، يقف الأردنيون بعد غدٍ في صفوف انتخابية ليقترعوا من يرونه مناسبا من مترشحين لعضوية مجلس النواب. مناخ معقد لم يخض الأردنيون تجربتهم الديمقراطية في مناخ معقد، كما هو الحال اليوم، رغم أن المملكة ذاتها خاضت مناخات كانت سابقا أشد تعقيدا، لكن الجديد هو في الانتخابات نفسها. من حيث الاندفاع الشعبي، لم تشهد المملكة انتخابات مثيلة، إلا في انتخابات عام 1950 بعد إعلان وحدة الضفتين، التي شهدت حضورا حزبيا كبيرا على الساحة الأردنية. وأدى ذلك إلى اتسام هذه الانتخابات لمجلس النواب الثاني بالحماسة الشديدة، وظهور مجلس قوي برزت فيه المعارضة التي ضغطت لتعديل الدستور لجعل الحكومة مسؤولة أمام البرلمان، ونقل الحياة البرلمانية إلى تجربة يجري فيها تحقيق الفصل الحقيقي بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية. كما خاض الأردنيون تجربتهم الأخرى في العام 1989م، وفيها بدأت مرحلة سياسية جديدة في المملكة نحو النهج الديمقراطية، فحضر حينها أشهر المجالس النيابية في الاردن وأقواها حتى الآن على الأقل مجلس النواب الحادي عشر، الذي سن خلال عمره تشريعات جديدة لها في مقدمتها قانـون الأحــزاب السياسيـة عـام (1992م) وقانون المطبوعات والنشر. سينتظر الأردنيون إعلان نتائج الاتنتخابات بمرور يوم الاقتراع في هدوء بانتقال تاريخ المملكة المعاصر من المجلس النيابي السابع عشر إلى ما بعده، ليسير مع صانع القرار في حقول الغام المنطقة لينجو وننجو معه.