×
محافظة المنطقة الشرقية

الابتزاز جريمة أخلاقية وفوضى تقنية

صورة الخبر

في كل مرة يتعرض مدرب للخسارة يخرج للصحافة متعذرا بأنه لا يملك عصا سحرية. كنت أسخر من هذا العذر لسنوات لاعتقادي أن تلك العصا غير موجودة وأن المدربين الأجانب اخترعوها فقط ليتملصوا من تحمل المسؤولية. ولكن المستويات المبهرة والمفاجأة التي يقدمها النصر هذا الموسم جعلتني أعيد النظر في حقيقة العصا السحرية. فتحول النصر من فريق عادي خلال المواسم الماضية لفريق يكتسح كل من يقابله هذا الموسم لا يمكن أن يحدث دون تلك العصا العجيبة. أول مرة شاهدت كارينيو لم أستطع مسك نفسي من الضحك .. وقلت في نفسي والله المقلب. اعتقدت أن النصر خُدع، فشكل كارينيو لا يوحي بأنه مدرب كرة قدم .. بل هو أقرب لنجوم السينما. عندما تسلم مهمة تدريب النصر كان الفريق في وضع سيئ. فقد تفنن سلفه ماتورانا في تدمير شخصية النصر، ومسخ هويته. ولكن كارينيو رتب الأوراق سريعا، وأعاد الفريق للطريق الصحيح. فكر أولاً في الدفاع وأهمية ألا يخسر، ونجح في ذلك. لا يبدأ مدرب بالدفاع ويندم. لم يتوقف عند ذلك بل بدأ بصناعة النجوم. المدرب الكبير هو من يصنع من لاعبين عاديين نجوماً. كارينيو المدرب الوحيد الذي جاء للسعودية وعصاه السحرية معه .. يضعها على رأس اللاعب فيتحول لنجم فوق العادة. قبل كارينيو لم نكن نعرف شايع شراحيلي؛ ولكنه اليوم واحد من أهم اللاعبين السعوديين. لاعب يركض من الخط للخط. فهو المدافع الخامس، والمهاجم الثالث. هو اللاعب الوحيد في الكرة السعودية الذي يزيد الخيارات لدى أي لاعب يملك الكرة. فشايع دائما اللاعب الأقرب للكرة أو للاعب الذي معه الكرة. تجده يتابع كرة مرتدة من حارس الخصم، وبعدها بثوان ينقذ كرة مرتدة من حارس النصر. أعاد كارينيو حسين عبدالغني للتوهج بعد أن انطفأ نجمه. لم أشاهد عبدالغني بهذا المستوى منذ الألفية الماضية. أصبح اليوم أحد أفضل صناع اللعب في النصر، واللاعب الأكثر تأثيرا في الكرة السعودية. فكل كرة تمر بقدم حسين تتحول لهجمة خطيرة. حتى سلوكه تغير، وأصبح أكثر انضباطاً واتزاناً. في مباراة النصر الماضية في الدوري أمام الاتفاق تعرض حسين للتصفيق، ولكنه تحكم في أعصابه بشكل يثير الإعجاب. هذا ليس عبدالغني .. هذا كارينيو. عوض خميس، عمر هوساوي، محمد السهلاوي، حسن الراهب، وآخرون أصبحوا نجوماً تساوي الملايين بعد ان عاشوا في الظل لسنوات. إذا أردت أن تعرف قيمة كارينيو فتابع النصر بعد أن يعود من استراحة ما بين الشوطين. الجرعة المعنوية والفنية التي يحصل عليها اللاعبون تجعلهم يهاجمون بضراوة حتى يسجلوا .. حسم النصر عددا كبيرا من مبارياته بداية الشوط الثاني. عندما تشاهد ما يفعله كارينيو مع النصر تعرف أن التدريب مهنة صعبة لا يبدع فيها إلا رجل قادر على خلق التوازن بين قوة الشخصية والقرب من اللاعبين .. وقانا الله وإياكم شر التعلق بالتدريب ونحن لا نملك ما يملكه كارينيو.