نعم نحن مسؤولون عن خدمة الحرمين، وتوسعتهما، واستقبال الضيوف في المناسبات الدينية، نعم نحن نتشرف باستقبال الملايين من المسلمين سنوياً، ونقوم بخدمتهم، والحفاظ على سلامتهم، ونحمد الله أن وهبنا هذه المكانة، ومنحنا هذا الشرف، لكن من حقنا أن نحتفل بإنجاز حج هذا العام من غير حوادث عارضة، أو مخططة، وأن نفخر بأنه كان حجاً سلساً ومنظماً بشكل جيد، بفضل الله والتنظيم الجيد، ورجال الأمن النبلاء، الذين ضخت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً من عنايتهم الفائقة بكل حاج، كما لو كان الحاج الوحيد هذا العام. نعم نحن نجزم أيضًا، بأن غياب الفوضى جاء مع غياب إيران عن حج هذا العام، ليس بوفود حجاجها البسطاء، ممن تتم قيادتهم بعناصر مدربة لإحداث الفوضى والصخب، وإنما بهذه العناصر التي لم تكف عن أداء أدوارها منذ أكثر من ثلاثين عامًا، هؤلاء الذين يخدشون لحظة إيمانية نادرة، ويعبثون بطمأنينة حجاج بذلوا الكثير للوصول إلى هذا المكان المقدس، لأداء شعائر الحج، والعودة بسلام ومغفرة إلى أوطانهم. نعم لنا الحق أن نطبع قبلة امتنان على جبين كل رجل أمن شهم، وكل فرد من فرق الكشافة، والمتطوعين وغيرهم، ممن يحمل حاجاً على ظهره، أو يقبّل كفه، أو يسقي حاجاً قطع آلاف الأميال، أو يعيد مفقوداً إلى ذويه، أو يهدي وردة بيضاء لحاج يدخل بابًا من أبواب الحرم لأول مرة في حياته!. نعم لنا الحق في أن نفخر بهم، ونشيد بكفاءتهم وإخلاصهم، ولهم الحق بأن يفتخروا بوطنهم الغالي، وأن يُودِّعوا الحجاج بالتلويح لهم، وبثهم الأمنيات في أن يصلوا أوطانهم بالسلامة، ولهم الحق في أن يسيروا بعد نهاية المهمة العظيمة، وينشدوا بكل ثقة وجمال: لأجل الوطن نرخص الغالي/ ما دامت أرواحنا حيّة! ولنا الحق أخيراً أن نقف احترامًا لهذا الوطن العظيم، الذي يجابه على عدة جبهات، في البحث عن نجاح منقطع النظير في مكة، وفي تحصين الحد الجنوبي وحمايته بشجاعة رجال أشدّاء، وفي كلتا الحالتين وغيرهما كثير، نجابه عدوّا واحدًا، يسعى إلى إخلال استقرار دولنا العربية ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.