×
محافظة المنطقة الشرقية

صحيفة الشرق – العدد 1751 – نسخة الدمام

صورة الخبر

تعكس التسديدة المُحكمة والدّقيقة التي نفذها رادولف فورتينو خلال مباراة إيطاليا أمام جواتيمالا جانباً من شخصية هذا اللاعب وتجسد معاني اللقب الذي يُطلق عليه: روبوكوب أو الرجل الآلي؛ فملامح الفتى الإيطالي هذا تبدو خالية من الأحاسيس ويعلوها البرود. وصرّح فورتينو لموقع FIFA.com بعد وصول فريقه إلى بوكارامانجا عشية مباراة زملائه الأخيرة ضمن مرحلة المجموعات أمام فيتنام قائلاً: "لا أعرف بالضبط من أين جاء هذا اللقب. لكنني أعتقد أنه ترسخ في مقابلة نعتني خلالها أحد زملائي يُدعى ليما بالرجل الآلي." ولعل الأكيد أن هذا اللقب لا يزعج لاعب الأزوري، الذي رأى النور في ساو باولو، ما دام لا يُحيل بتاتاً على شخصية الكائن الخيالي والكارتوني سايبورج. وبهذا الخصوص، اعترف قائلاً:"أنا سعيداً للغاية بهذا اللقب: فأنا أستعمله في صفحتي على فيسبوك." ويظل هذا اللقب مقبولاً مادام لا يعكس غياب الشغف والعشق الكروي عند خوض مباراة ما، رغم أن تسديدة فورتينو الثالثة أمام ممثل أمريكا الوسطى التي حقق بفضلها أول ثلاثية له في كأس العالم والواحدة والخمسين لمنتخب بلاده، بدت وكأنها موجهة بالليزر. غير أن المؤكد أن أسلوب فورتينو في اللعب بعيد كل البعد عن الأداء الآلي؛ فهو يزاوج بين السرعة واللياقة البدنية والقدرة على التسجيل بقدميه. ويشعر هذا اللاعب براحة أكبر حين يشغل إحدى الأجنحة، ويعزي هذا الميول لطبيعة شخصيته التي انصهرت دون عناء في العقلية الإيطالية. وأصبحت هذه الرقعة من الميدان لصيقة بفورتينو بعد أن اختار الالتحاق بإيطاليا سنة 2007. وبهذا الخصوص، أوضح فورتينو، الذي قضى أول موسم له بعيداً عن بلاد الأزوري رفقة سبورتينج البرتغالي، قائلاً: "اليوم أصبحت أعتبر إيطاليا بلدي الأول، وليس فقط الثاني. إيطاليا والبرازيل هما ثقافتان مختلفتان؛ فالناس في بلاد السامبا يتميزون بالانفتاح، ودائماً مستعدون للمرح، بينما في إيطاليا الناس منكفئين على ذواتهم ربما بسبب برودة الطقس." وأضاف هذا اللاعب وهو يشير بأصبعه لزي الأزوري في بهو الفندق ضاحكاً: "كانت الفترة الانتقالية سهلة بالنسبة لي، لأنني خجول بعض الشيء وشخصيتي انطوائية وطبعي متحفظ. لكنني لاحظت أن عملية الإندماج قد تكون أكثر صعوبة للعديد من الناس، مثل زميلي (باوليستا هومبيرتو) هونوريو." وبدت طباع فورتينو هذه في كرة الصالات، حيث قال هنا: "في نظري، الثقافتان البرازيلية والإيطالية تنعكسان في الملعب؛ فالإيطاليون يتميزون بالتركيز أكثر بينما البرازيليون دائماً ما يحتفلون ويرقصون مع الموسيقى حتى قبل بداية المباراة." تسلق السلم في وقت من الأوقات الماضية، لم يكن هذا اللاعب، البالغ من العمر 33 عاماً، يعرف سوى هذه المقاربة؛ فعلى غرار العديد من أبناء ساو باولو، كان يقضي وقته في لعب كرة القدم حين يفرغ من المدرسة. غير أنه كان عليه أن يشق طريقه في عالم كرة قدم الهواة الذي يتميز بالندية والتنافس. ولم يكن أمام والدي فورتينو سوى أن يباركا مساعي ابنهما واحترام رغبته في مواصلة مساره الرياضي، خاصة وأنهما كانا مشغولين للغاية؛ فالوالدة تشتغل في مؤسسة بنكية بينما يعمل الأب طبيب أسنان. وبطبيعة الحال بعد أن أنهى الدراسة توجه هذا الفتى لعالم الساحرة المستديرة التي عبرت به المحيط الأطلسي ليحط الرحال بإيطاليا. وبعد أن اكتشفه أحد الأندية الجديدة في ساو باولو عقب اندهاشه بمهاراته الكروية التي أظهرها في أزقة حيّه، أصبح فورتينو يمثل ولايته في بطولات كرة الصالات الوطنية، قبل أن يخالط لاعبين دوليين كانوا يدافعوا آنذاك عن القميص الوطني، مثل لياندرينهو ومارينهو. وبهذا الخصوص، قال: "تعلمت الكثير منهما، حيث كنت أحلل كل حركة يقومان بها. لقد ساعدني ذلك في الوصول إلى هذا المستوى من مساري الكروي." ولعب فورتينو أيضاً إلى جانب حارس مرمى اسمه روجيريو سانتانا حين كان يدافع عن ألوان فريق سانتا في بساو باولو. وكان لقاؤه بهذا اللاعب مهماً لمساره الكروي. وبالحديث عن مواهب فورتينو رفقة نادي سيسيليا أوجوستو، فقد ساعد سانتانا فورتينو في إشعال رغبة مغادرة بلد يعشق كرة الصالات إلى آخر مفتونٍ بالدوري الإيطالي الممتاز. وكان هذا التحول فأل خير على فورتينو، علماً أن فريقه أنهى نسخة تايلاند 2012 في المركز الثالث، وفاز هو بحذاء adidas الفضي، بالإضافة إلى تتويجٍ بكأس الأمم الأوروبية لكرة الصالات سنة 2014. وفي ضوء الضغط الكبير الذي تتعرض له من أجل تحقيق أفضل النتائج، ستحاول الكتيبة الإيطالية، التي ضمنت تواجدها بدور الستة عشر ضمن نهائيات كأس العالم كولومبيا FIFA، أن تتجنب البلد المضيف. ولعل فورتينو وزملاؤه متحمسون وهم يصبون لتقديم أداء أفضل مما حققوه في النسخة الماضية من الحدث العالمي. وختم فورتينو حديثه قائلاً: "منتخب البلد المضيف تؤازره الجماهير المحلية؛ لذلك ليس في صالحنا أن نلعب ضده." ويبدو رغم الاختلافات الحاصلة بين الثقافتين البرازيلية والإيطالية أنهما يلتقيان في مشترك واحد وهو اللعب من أجل الفوز.