تبدأ اليوم السبت بالعاصمة الفنزويلية «كاراكاس» فعاليات اجتماع قمة الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز والتي تستمر على مدى يومين بمشاركة قادة وممثلين عن 120 دولة عضو في الحركة من بينها المملكة العربية السعودية، لمناقشة البنود المدرجة على جدول أعمالها ومن بينها تقرير الاجتماع الوزاري الذي عقد الخميس والذي تضمن عددا كبيرا من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية محل اهتمام الحركة منها ملفات تخص السلم والأمن الدوليين. وعلى مدار تاريخها لعبت حركة دول عدم الانحياز دورا رائدا في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ، وقد تأسست الحركة من 29 دولة من الدول التي كانت تعيش تحت سيطرة الاستعمار الغربي، واتخذت قرارها في مؤتمر باندونج الذي عقد في اندونيسيا في عام 1955، بإنشاء هذه الحركة، التي مثلت إفرازا للحالة السياسية التي عاشها العالم في ظل واقع منقسم بين صراع الولايات المتحدة وحلفائها في المعسكر الغربي، و المعسكر الشرقي الاشتراكي الذي يقوده الإتحاد السوفيتي من جانب آخر. وأول من نادي بتأسيس هذه الحركة رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو، والرئيس المصري جمال عبد الناصر والرئيس اليوغوسلافي جوزيف بروز تيتو، والهدف من إنشائها هو خلق كيان سياسي دولي يضمن لدول الحركة اتخاذ مواقع تعبر عن مصالح شعوبها بشكل محايد بعيدا عن الانحياز لإحدى الكتلتين اللتين كانتا تسيطران فعليا على الساحة السياسة الدولية.. علاوة على الدفاع عن الدول المستعمرة ويقف في وجه سطوة الدول الاستعمارية، وتسببت جهود الحركة في نجاح كثير من الدول والشعوب في الحصول على حريتها وتحقيق استقلالها، وتأسيس دول جديدة ذات سيادة. وكان من نتائج مؤتمر باندونج أنه تم الإعلان عن المبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول، كبيرها وصغيرها، وهي المبادئ التي عرفت باسم «مبادئ باندونج العشرة»، والتي جرى اتخاذها فيما بعد كأهداف ومقاصد رئيسية لسياسة عدم الانحياز ، وبات تحقيق تلك المبادئ هو المعيار الأساسي للعضوية في حركة عدم الانحياز، وعرفت بما يسمى «جوهر الحركة» حتى بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي. ومن أبرز مبادئ الحركة التي خرج بها إعلان مؤتمر باندونج احترام حقوق الإنسان و سيادة جميع الدول وسلامة أرضيها، كما دعا الإعلان جميع أعضاء المؤتمر إلى إقرار مبدأ المساواة بين جميع الأجناس، والمساواة بين جميع الدول، كبيرها وصغيرها، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول واحترام حقوق الدول في الدفاع عن أرضيها، وعدم استخدام الأحلاف الدولية لتحقيق مصالح خاصة، وتعزيز السلم العالمي والتعاون المشترك بين دول العالم. وفي عام 1960، وفي ضوء النتائج التي تحققت في باندونج، حظي قيام حركة دول عدم الانحياز بدفعة حاسمة أثناء الدورة العادية الخامسة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي شهدت وحدها انضمام 17 دولة إفريقية وآسيوية جديدة ، وكان رؤساء بعض الدول والحكومات في ذلك الوقت، قد قاموا بدور بارز في تلك العملية، وفي مقدمتهم جمال عبد الناصر من مصر، وقوامي نكروما من غانا، و جواهرلال نهرو من الهند، وأحمد سوكارنو من اندونيسيا، وجوزيف بروزتيتو من يوغوسلافيا، الذين أصبحوا، فيما بعد، الآباء المؤسسين للحركة، ورموز قادتها.