تشير دراسة جديدة إلى أن المناطق البرية على الأرض انحسرت بطريقة مفزعة في العقدين الماضيين. خلُص الباحثون إلى أن العالم قد فقد عُشر إجمالي الأراضي البرية خلال 20 عاماً فقط، عبر مقارنتهم الخرائط العالمية الحالية بخرائط أوائل تسعينيات القرن الماضي. ووجدت الدراسة، المنشورة حديثاً في مجلة "كارنت بيولوجي" العلمية، أن الباقي على الأرض من الأراضي البرية أكثر من 30 مليون متر مربع (أو 11,5 مليون ميل مربع) مما يُشكِّل تقريباً رُبع المناطق الأرضية على الكوكب، ومن ناحية أخرى فقد الكوكب 3,3 مليون متر مربع منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي. وكان الانحسار في بعض المناطق أكبر منها في غيرها. إذ فقدت أميركا الجنوبية ما يقرب من 30% من مساحاتها البرية، وفقدت إفريقيا حوالي 14%. وفسَّر الأستاذ المساعد بجامعة كوينزلاند ومدير قسم العلوم والأبحاث في جمعية حفظ الحياة البرية والباحث الرئيس في الدراسة الجديدة، جايمس واتسون ذلك قائلاً إنَّ "المساحات البرية المقصودة هنا تُعرَّف بأنَّها أي منطقة على الأرض لم يسكنها بشر". وليس لـ"منطقة البرية" حد أدنى من الحجم، ولكن يُعِد العلماء غالباً المساحات الأكبر من 10 آلاف كيلومتر مربع "مهمة على مستوى عالمي" لما يمكن أن يتركه انحسارها من أثر على الأرض. وفقدان هذه المساحات البرية المهمة عالمياً هو ما يقلق باحثي الدراسة الجديدة كثيراً. إذ إن 2,7 مليون من الـ 3,3 مليون كيلومتر مربع من المساحات البرية كانت من الكتل البرية المهمة على مستوى عالمي. في أوائل تسعينيات القرن الماضي، كانت هناك 350 كتلة صحراوية كبيرة بما يكفي لتلائم معايير المناطق المهمة على المستوى العالمي. وتشير الدراسة إلى أن 37 من تلك الكتل قد انخفضت عن الحدّ منذ ذلك الحين، ومرَّت 74% منهم جميعاً بنوعٍ من أنواع الخسارة. في الحقيقة، وجدت الدراسة أن بعض أنواع الأنظمة البيئية على الأرض - والتي تشمل الغابات الصنوبرية الاستوائية وشبه الاستوائية، والغابات عريضة الأوراق الجافة الاستوائية وشبه الاستوائية وغابات الأيك الساحلية (المانجروف) - ليس بها الآن أي مساحات صحراوية مهمة على المستوى العالمي على الإطلاق. كما يشير الباحثون إلى أننا رغم فقداننا 3,3 مليون كيلومتر مربع من الصحراء منذ تسعينيات القرن الماضي، إلَّا أنَّنا لم نضَع سوى 2.5 مليون كيلومتر مربع فقط قيد الحماية في نفس الفترة الزمنية. اقتراحات وحلول ويقترح الباحثون أن جهود الحفظ الحالية تميل إلى استهداف مناطق متدهورة جداً بالفعل في محاولةٍ لإنقاذها، مع توجيه اهتمام أقل للمناطق السليمة التي ربما لا تزال في خطر الفقدان في المستقبل. وقال واتسون: "كان هناك تركيز ضخم على هذه الأنواع من الكائنات والمناطق الطبيعية المتدهورة، التي تواجه خطر الانقراض، وهذا أمر من الجيد فعله حقاً، علينا أن نفعل ذلك دائماً، ولكنَّنا أهملنا المناطق الجيدة التي تضمحل ببطءٍ". وهذه لا تمثِّل مشكلةً لأنواع الكائنات التي تحيا في هذه المناطق فقط. إذ تلعب المساحات البرية الكبيرة المتاخمة - خاصةً الغابات - غالباً دوراً رئيسياً كمصارف للكربون. ما يجعلها مصدّات مهمة في معركتنا ضد التغير المناخي. وعلى الجانب الآخر، عندما تتدهور هذه المساحات، تفقد كربونها، وتضيف إلى انبعاثات الغازات الدفيئة التي تتدفَّق إلى الغلاف الجوي بفعل البشر. ويقترح الباحثون مناهج عدة تستهدف حماية المساحات البرية أفضل في المستقبل. إذ ينبغي أن تعترف الاتفاقات والمؤتمرات الدولية بالخدمات البيئية التي تقدِّمها هذه المساحات البرية السليمة ومنحها أولوية. كما ينبغي أن تخصِّص برامج التمويل الدولية -مثل صندوق المناخ الأخضر- موارد أعظم لحماية هذه المساحات. وينبغي تشجيع الدول بصورةٍ فردية على تطوير سياسات وطنية أكثر صرامةً تستهدف الحفاظ على مناطقها الطبيعية. وأخيراً حذَّر الباحثون في الورقة البحثية أنَّ عدم أخذ المشكلة على محمل الجد قد يؤدي إلى "آثار لا رجوع فيها بصورةٍ كبيرة على كلٍّ من البشر والطبيعة. إذا استمرَّت هذه الاتجاهات، ربما لن تتبقى أي مساحات برية مهمة على المستوى العالمي خلال أقل من قرنٍ". - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Chicago Tribune الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط .