شركات الوساطة المالية العاملة في ورطة حقيقية، وتبحث عن طريقة لتفاديها بأقل مستوى من الخسائر، واقع تعكسه الأنباء المتزايدة في السوق هذه الأيام، حول احتمالية تراجع إيرادات 14 شركة وساطة مالية بنحو 50 في المئة خلال العام الحالي.تراجع إيرادات هذه الشركات يراه البعض طبيعياً، في ظل تسجيل سوق الكويت للأوراق المالية أسوأ التعاملات منذ بداية العام، ما أدى إلى قلق كبير بين ملّاك شركات الوساطة المالية الذين تكبّدوا مبالغ ضخمة لتغطية الخسائر الباهظة التي سجلتها شركاتهم طيلة الفترة الماضية، وخوفهم من استمرارها خلال الفترة المقبلة.وتشير الأرقام التي حصلت عليها «الراي» إلى أن سوق الأوراق المالية سجل أسوأ تعاملات لثمانية أشهر متصلة منذ العام 2011 تقريباً، بحسب معدلات الأموال المتداولة يومياً وأسبوعياً وربما شهرياً، والتي تدنت بشكل يدعو إلى القلق، وأدت إلى هروب كبير من رؤوس الأموال.وفي هذا السياق، يظهر للعيان تزايد عدد الشركات المعروضة للبيع في قطاع الوساطة، إذ إن الملاك لم يجدوا بديلاً عن العرض بعدما تكبدوا مبالغ ضخمة لتغطية الفارق، وقد ذهب البعض منهم للبحث عن اتفاق للاندماج مع شركات تعمل في القطاع نفسه، على غرار السيف والوسيط، والعربي وكفيك للوساطة.ويرى مراقبون أن استمرار الوضع بهذا الشكل، سيتسبب في كارثة للقطاع، ما لم تشهد حركة السوق تطورات جديدة خلال الأشهر المتبقية من عمر العام الحالي، علماً أن التعافي الملحوظ الذي شهدته التعاملات في آخر جلستين لتصل السيولة الى 7 ملايين دينار، لا يرقى إلى طموح المتداولين حتى الآن.وكانت شركات الوساطة المالية قد سجلت خلال العام الماضي، أسوأ إيرادات لها منذ سنوات طويلة وتحديداً منذ العام 2011، ما يجعل القطاع أمام وضع جديد، يتمثل في تسجيل الشركات لمستوى سلبي قياسي جديد، ليصبح العام الحالي أسوأ من العام الماضي.ويتضح أن قطاع الوساطة المالية يواجه أزمة حقيقية، لاسيما أن الباب الأساسي لتدفقاتها النقدية، يتمثل في العمولة البالغة 1.25 في الألف التي تتقاضاها عن التعاملات اليومية للسوق، والتي تدهورت أحوالها بشكل لافت خلال العام 2015 (حجم السيولة المتداولة يقدر بنحو 3.9 مليار دينار فقط). وتتقاضى شركات الوساطة المالية 70 في المئة من إجمالي العمولة، بعد خصم 30 في المئة لصالح البورصة والكويتية للمقاصة (29 في المئة للسوق) و(1 في المئة للمقاصة).وبلغ اجمالي إيرادات القطاع خلال 2015 نحو 6.4 مليون دينار، مقارنة بنحو 9.7 مليون دينار حققتها خلال 2014، أي بانخفاض يصل الى 34 في المئة، فيما يُنتظر أن يواجه القطاع أزمة جديدة مع نهاية العام الحالي، الأمر الذي تترجمه مساعي بعض الشركات نحو الاندماج، بعد أن تأثرت كثيراً بوضع السوق، وغياب التدفقات التي تغطي الرواتب، والإنفاق الشهري من إيجارات ومصاريف مختلفة.وكانت إيرادات قطاع الوساطة قد بلغت ذروتها، في عز الطفرة التي كانت تعيشها، لا سيما خلال العام 2007، الذي شهد إيرادات لم تتكرر حتى الآن وبلغت 57 مليون دينار، أي بمتوسط 4.75 مليون دينار للشركة الواحدة. وقد شهدت إيرادات شركات القطاع مزيداً من التراجع منذ ذلك الحين، لتصل اليوم إلى أسوأ معدلاتها، بعد جولة من التذبذب منذ الأزمة المالية، إذ يرى البعض أن عام 2008 الذي شهد وقوع الأزمة المالية العالمية كان أفضل من العام الماضي، إذ بلغت الإيرادات خلاله نحو53 مليون دينار، بينما وصلت في 2009 إلى 32.5 مليون. وتراجعت الإيرادات خلال العام 2010 إلى نحو 19 مليوناً، وانخفضت بعدها بنسبة 50 في المئة تقريباً لتبلغ في العام 2011 نحو 9.5 مليون دينار. من جهة أخرى سجلت شركات الوساطة إيرادات تقدّر بنحو 11.3 مليون دينار عام 2012، و17.7 مليون دينار خلال العام 2013، قبل تراجعها إلى 9.7 مليون دينار عام 2014، و6.5 مليون دينار العام الماضي.