بين ويلات الحرب ودوي المدافع والقنابل ورائحة الموت التي تطاردهم، إلى ساحة السلام والتلبية والتكبير بالمشاعر المقدسة، كان حال أبناء الشام القادمين لأداء فريضة الحج لهذا العام من داخل سوريا. آهات آلام، والحسرة والفقد، ترتسم على محياهم، فمن منهم لم يعان منزله من القصف وهدد بالترويع والاعتقالات، إلى حد قول الحاجة جميلة محمد اليوسف (65 عاما) وإحدى سكان محافظة حلب في سوريا، إن الأمر طبيعي في ظل ما يتخذه نظام بلادها تجاه كل معارض له. الحاجة جميلة هربت من حارتها في حلب مع أسرتها إلى إحدى الضياع، ليطالها قصف «داعش» لمنزلها فيدمره كليًا لتفقد معه كل محتويات منزلها وأقارب لها كانوا يقطنون في منازل مجاورة لها. الحاجة جميلة قالت إن العناية الإلهية التي نجتها من القصف مع أسرتها، حيث كانوا يوجدون لدى أحد أقربائهم قبل أن يسمع الجميع دوي الانفجار، ليتولى بعد ذلك نجلها يحيى شحاتة زمام الحديث، مكملاً: «خرجنا من حلب رفضًا للاستبداد وتجنب القصف، ليصاب منزلنا في الضيعة بمدافع (داعش)». ابن جميلة قال إنهم عانوا كثيرًا قبل وصولهم إلى السعودية، حتى حطت أقدامهم في المشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج، حيث قال إن رحلتهم إلى تركيا لا تستغرق ساعات، وأخذت منهم ما يقارب 15 يوما، في ظل الحواجز الأمنية للنظام و«داعش» بعد أن خرجوا تهريبا من بلادهم إلى الحدود التركية، ومن ثم الالتحاق بالبعثة السورية للحج. في الطرف الآخر، كان عمار الجمال أبو ياسر، ابن الـ25 ربيعًا من الغوطة الشرقية، الذي أصيب بشلل جراء استهدافه من قناصة النظام السوري، على حد قوله، يشير إلى أنه تعرض للإصابة من سنتين ونصف قبل أن يتم التوجه به إلى الأردن للعلاج. وأشار أبو ياسر إلى أن الإصابة التي أفقدته السير لم تزده إلا رضاء بقضاء الله وقدره، وقال: «سأظل صابرا مع إخوتي السوريين الشرفاء مدافعًا عن حق سيادتها ضد الاستبداد والقهر»، منوهًا بالتسهيلات التي قدمتها السعودية لهم منذ قدومهم إليها مع بعثة الحج السورية لأداء الفريضة، وأن الخبثاء من السوريين هم من حرموا أبناء جلدتهم في المناطق التي يسيطرون عليها من أداء الفريضة، وليست السعودية.