فهد العتيبي- سبق- جدة: تعيش خريجة البكالوريوس أم محمد في مكة المكرمة حياة ملؤها المعاناة والعوز، حتى وصل بها الحال إلى أن تجلس وزوجها وأبناؤها في الحرم المكي ثلاثة أيام؛ يقتاتون على حسنات المحسنين. وبما أنهم سعوديون لجأت السيدة للجهات الرسمية والمعنية، إلا أنها لم تجد وظيفة حتى الوقت الحالي. ولجأت أم محمد كذلك - تحتفظ سبق بكامل إثباتات حالتها - إلى جمعية البر الخيرية بحي الحمراء في مكة المكرمة، إلا أن نص النظام حال دون استفادتها. واستمرت رحلة الأسرة من جمعية لأخرى، إلا أنهم تاهوا بين الأنظمة والقوانين التي دفعتهم للتسوُّل وطلب الحليب وقوت يومهم من المارة والمحسنين؛ ما جعلهم يرهنون إثباتاتهم الرسمية لمكاتب إيجار السيارات؛ حتى يسددوا ما عليهم من إيجار لها. المواطنة أم محمد متزوجة، ولديها خمسة أطفال، وتعاني ظروفاً قاسية؛ وجلست في الحرم المكي ثلاثة أيام مع زوجها وأطفالها وهم يحملون ملابسهم معهم في كيس نفايات. وقالت أم محمد: ذهبتُ إلى الجمعية الخيرية في حي الحمراء بمكة المكرمة، والتقى زوجي مدير الجمعية، وقال له: أنا وعيالي نعيش في الشارع. فرد عليه المدير قائلاً: إيش تبغاني أسويلك؟ مرجعكم جدة!. وأضافت: ذهبنا إلى جدة، ووجدت فاعل خير، ورجوته كي يستأجر لنا شقة مفروشة، وبالفعل استأجرها لنا لمدة أسبوع إلى أن نجد حلاً، ثم ذهبنا للجمعية الخيرية الواقعة في الروابي، وأحالونا إلى الشؤون الاجتماعية، وتوجهنا للشؤون، وهناك شكوت حالتي لهم، ولكن دون جدوى؛ إذ حولوني لجمعية الفيصلية في حي الرويس بجدة، ومنها تمت إحالتي إلى الجمعية الخيرية في شارع التلفزيون، حيث أخبرتني الموظفة لديهم بأن التسجيل عندهم موقوف لمدة ثلاثة أشهر، وحينها سألتها: أين أذهب؟ فردت علي: اصبري فهذه هي التعليمات التي عندنا!. وذكرت أنها عادت مجدداً للشؤون الاجتماعية، وطلبوا منها إحضار صك إعالة؛ ما دفعها لاستدرار عطفهم بالتسول عند المساجد وعند السوبر ماركت؛ حتى توفر مصروف أبنائها؛ إذ إن أحدهم يدرس، وإذا تعبت تمنعه من الذهاب للمدرسة؛ بسبب عدم توافر المصروف؛ كونها كانت قد أجرت عملية قيصرية، وتسبَّب تجوالها بحثاً عن لقمة العيش في التهاب العملية، وزيادة الألم، فيما يبلغ عمر طفلها الرضيع خمسة أشهر، وتسقيه بدلاً من الحليب ماء في الرضاعة؛ من أجل إسكات جوعه. وأوضحت أم محمد أنها خريجة بدرجة البكالوريوس، تخصص تربية إسلامية، ولديها شهادة حاسب آلي، وكانت قد قدمت في جدارة، وكذلك في الخدمة المدنية، وفي مكتب العمل، إلا أن كلمتهم واحدة كما ذكرت، هي: سنتصل عليك! وأكدت أنها كانت قد جمعت مبلغ ٢٥٠٠ ريال؛ حتى يتمكن زوجها من استئجار سيارة، ويعمل عليها كداداً، مشيرة إلى أنها ذهبت لديرتهم؛ من أجل استخراج صك إعالة، لكن رفض الشيخ، وأعطى زوجها صك وصاية بشرط عدم التصرف فيه إلا بعد موت الزوج. وقالت: بعدها تعب زوجي، وتأخرنا في الديرة، وجاء صاحب المكتب، وسحب السيارة المستأجَرة أثناء وجودنا بالمستشفى. مفيدة بأنه قدّم بلاغاً بذلك، وباتوا مجهولي الإثباتات كارت العائلة وبطاقة الأحوال ورخصة القيادة والصك الصادر من المحكمة؛ إذ إن مكتب استئجار السيارات هو من احتجز الإثباتات الخاصة بزوجها؛ كونه مطالباً بدفع مبلغ أربعة آلاف ريال قيمة استئجار السيارة لديهم. ووصلت الحال المتردية بالمرأة وأسرتها إلى قيامها بتبريد الماء عن طريق هواء جهاز التكييف منذ تسع سنوات، ولا تزال الأسرة تعاني دون حل ولا وقفة من جهة رسمية معها تنتشلها من حالها المزرية. وناشدت أم محمد الجهات المعنية أن تنقلها من واقعها المؤلم وأبناءها مع زوجها إلى واقع مفرح بهيج، وأن تجد العيش الهانئ، وتعيش مطمئنة دون عناء أو تسوُّل أو استدرار عواطف المحسنين عليهم. المحامي القانوني عبدالكريم القاضي علَّق على حالة أم محمد الإنسانية قائلاً: تتقدم المرأة للجمعية الخيرية بطلب دراسة حالتها من قِبلها، وإصدار توصيات لوزارة الشؤون الاجتماعية بتصنيف حالتها من الدرجة الأولى؛ لمساس حاجتها للإعانة المستمرة الشهرية بحسب عدد أفراد أسرتها، وتقارير زوجها المثبتة للحالة، أو تتقدم بتظلم لإدارة الجهة بعدم العناية والاهتمام بتقدير حالتها المتعلقة شأنها المعيشي، ومن ثم إلى الديوان الملكي؛ وستجد الإنصاف والحل بإذن الله.