كعادته ينجح الفيلسوف الإسباني في التغلب على الرجل الاستثنائي بأفكار جديدة مختلفة تماما عما كان يتوقعه الجميع وأولهم جوزيه مورينيو. مورينيو وضع استراتيجيته وأفراده المناسبين لها بناء على فكرة يُطبقها بيب جوارديولا "الأظهرة الوهمية"، وما إن لم يطبقها الأخير تخيل ماذا حدث لفريق الأول. دعنا نتفق قبل أن نتعمق في حالات المباراة على أمر ما وهو الـhalf-spaces المساحات التي تتواجد بين الظهير وقلب الدفاع المجاور له. المساحة التي يتمركز بها اللاعبين رقم 14 و15 في الفريق الأحمر. نعود للمباراة.. على الورق وعلى أرض الملعب في اللحظات الأولى من الطبيعي أن تجد واين روني متواجد أمامه فرناندينيو، سيلفا امامه فيلايني ودي بروين مع بوجبا وبالتالي لا يمكن أن يحدث الخلل في منطقة وسط الملعب لكلا الفريقين إلا إذا أخفق أحد الثلاثي من هُنا او من هُناك في رقابة الآخر ستظهر الكارثة. شاهد هذه الحالة فيلايني وبوجبا يراقبان سيلفا بينما يتواجد دي بروين حرا تماما لينطلق في المساحة التي ذكرناها في البداية الـhalf space ولكن لم يتم تمرير الكرة. نعم دي بروين وسيلفا وخاصة الأول كانا لديهما الحرية الكاملة للتحرك والاختراق - في كل مكان في الملعب – لا الأمر مع بيب لا يُترك بهذه العشوائية فكل شئ مدروس، نعم ستأتي بحرية يا كيفين ولكن ستنطلق في المساحة (half space) الموجودة بالفعل في دفاع يونايتد والتي لن يقدر جوزيه على إغلاقها بل سيساعدنا في استغلالها إذا اختار ذلك.. كيف هذا ؟ جوارديولا على أرض الملعب أجبر مورينيو على اختيار أحد الحلول. أمامك أمرين لا ثالث لهما، تترك لي الأطراف أفعل بها ما أريد أم تترك لي العمق، المساحات بين الظهير وقلب الدفاع أستغلها كما شئت؟ مورينيو سهّل الأمر على بيب واختار غلق الأطراف دائما فظهرت المساحة المطلوبة في ظل حرية انطلاق لدي بروين وسيلفا.. لن تصدق أن في كل هجمات سيتي كان هناك لاعبا على الأقل متمركز في تلك المساحة بلا رقابة. لنوضح اكثر بحالات من المباراة، هذا دي بروين يتمركز بين الخطوط في وسط ملعب يونايتد بكل حرية. بعد هذا التمركز سيأتي التحرك والانطلاق في المساحة بين الظهير وقلب الدفاع. بالطبع تسأل نفسك وتتعجب من وجود تلك المساحة التي من الممكن غلقها بكل بساطة بتغطية الظهير الايمن فالنسيا للداخل قليلا، هذا صحيح ولكن هنا تتضح جزئية خيارات بيب التي أجبر مورينيو عليها. بيب يضع جناحين ستيرلينج ونوليتو أقصى الملعب يمينا ويسارا، فإذا انضم ظهيرك للعمق سامرر لهما ومن ثم أستغل الأطراف، وإذا لم ينضم الظهير ستظهر لي المساحة لأستغلها بانطلاقات سيلفا ودي بروين. حاول فيلايني التغطية في تلك المساحة وهو دوره بالتأكيد ولكنه دائما ما كان متأخرا. وإن نجح في التغطية في إحدى الحالات على سيلفا ان يأتي دي بروين لاختراق نفس المساحة وفي وجود سيلفا وكأن جوارديولا يقول له سأخترقها مهما فعلت! الآن تتساءل ما الفائدة من تلك الثغرة ؟ نعم أضاع لاعبو سيتي كافة الفرص التي خلقوها من هذا التحرك ولكن الهدف الثاني هو المكافأة، شاهد الكرة مع ستيرلينج يمينا، دي بروين ينطلق في نفس المساحة فيأخذ معه الدفاع وينطلق سترلينج للعمق بعمل تمريرة ثنائية تصطدم بالدفاع وتذهب في قدم دي بروين في نفس المساحة ليراوغ ويسدد في القائم ويحرز منها إيهيناتشو الهدف الثاني. أما عن الهدف الاول فالخطأ كان من بوجبا الذي لم يعتني بالكرة ويرتد مع دي بروين لوسط ملعبه لينجح الأخير في خطف الكرة الساقطة وإحراز الهدف، بفضل تمركزه في البداية تماما خلف بوجبا وفيلايني كالعادة. أخطاء يونايتد ليست بجديدة فمورينيو عانى من تلك المساحة أمام ساوثامبتون ولكن الخصم لم يحسن استغلالها. ولكن يُحسب له في الشوط الثاني قلب موازين الملعب وإجبار بيب على تثبيت خماسي خلفي يلعب به دائما في بعض الحالات فقط في المباراة وهو أمر مفاجئ للبعض..شاهد في الدقيقة 10 من بداية المباراة فرناندينيو لاعب الارتكاز بين قلبي الدفاع ستونز وأوتامندي في ظل وجود الظهيرين فأصبح شكل الفريق 5-4-1 ولكن كما أكدت ينفذها في بعض الحالات فقط لغلق المساحات بين لاعبي دفاعه. أخيرا إن كنت تظن بأن برافو مخطئ من وجهة نظر بيب جوارديولا فأنت المخطئ الوحيد، ما فعله برافو يعتبره بيب ثقة كبيرة وقدرة على تنفيذ أفكاره مهما كانت حجم الضغط عليه ولك أن تعلم أن برافو هو من مرر الكرة في الهدف الأول قبل إرسالها طولية وهو من مررها في الثاني في ظل ضغط من إبرا ليعطي فريقه حلولا وكأنه لاعب إضافي عن العدد المسموح.