توجد بوطني الحبيب عشرات الفرق التطوعيَّة في كل المدن، وتقوم بدور مميَّز ورائع في المساعدة والمساندة، سواء في المناسبات المختلفة أو المواسم، أو وقت حدوث الأخطار -لا سمح الله-، أو وجود الأحداث، وقد شاهدنا ما قامت به الفرق التطوعيَّة من عملٍ دؤوبٍ، وجهدٍ مباركٍ خلال السيول التي ضربت جدَّة لفترتين قبل أعوام، حيث قاموا بجهودٍ كان لها صداها الإيجابي والمميَّز. ونرى العديد من الشباب والفتيات يقمن بأدوارهم في موسم الحجِّ من أبناء العاصمة المقدَّسة، أو من أبناء المدينة المنورة، وعادت بي الذاكرة إلى عقودٍ من الزمان عندما نشأت فينا هذه السمة ونحن أطفال، وكبرت معنا وتربَّينا عليها في المدينة المنوَّرة عندما كنَّا نساعد الحجيج، والزوَّار، والمعتمرين القادمين من شتَّى بلدان العالم. كبرت معنا المهمَّة، وقد كانت تلك السنين بداية أولى للعمل التطوّعي في السعوديَّة، والذي لحقته سنوات أخرى تطوَّر فيها العمل ليكون شاملاً للعديد من القطاعات والجهات، ونمت في داخل عدد من الشرائح العمريَّة حُبّ عمل الخير، وعشق هذا العمل من مبدأ إنساني، ومنطلق خلقي يهدف إلى مساعدة الغير، وإلى تبني المبادرات الساعية إلى مساندة مَن يحتاج المساعدة ويريد العون. نحتاج إلى إعادة ترتيب لتفاصيل العمل التطوعي، سواء من الجهات المشرفة على هذا المفهوم الرائع، أو من خلال الأفراد، أو المؤسسات التي تقوم بالتطوّع، وصولاً إلى ما نرتجيه من تخطيط إستراتيجي للتطوّع، ووصولاً لأن يتحوَّل التطوّع لدينا إلى أسلوب حياة، وسلوك مُعمَّم بين أفراد المجتمع كله، حتى نصل إلى تحقيق الأهداف المرجوَّة من ذلك. نتطلع إلى صياغة لأنظمة التطوّع لدينا، وأيضًا وضع تصوُّر واضح للعمل التطوّعي، وأيضًا نشر هذه الثقافة المميّزة بين أبناء المجتمع، سواء في المدارس، أو الجامعات، أو في قطاعات الدولة، أو في ملتقيات ومناسبات الشباب المختلفة، وأيضًا من خلال تفعيل دور التطوّع في مؤسسات المجتمع المدني، التي يُعوَّل عليها كثيرًا في رفع مستوى العمل التطوّعي لديها، والاستفادة من الكفاءات الموجودة التي تقوم بالتطوع أحيانًا بشكل فردي، يحتاج إلى دعم معنوي، وإلى مؤازرة وعون حتَّى تتشكَّل لدينا هوية جديدة للتطوّع ترفع من الأداء، وتُسهم في إيجاد رفع مستوى مساحة العمل التطوّعي حتى تصل إلى كل المناطق، وتكون حاضرة في كل المحافل «في السراء والضراء». نحن أمام هيكلة جديدة، وغدٍ مشرق، ومن وجهة نظري فإن التطوّع من أهم أساسيَّات وضروريَّات أي مجتمع متحضر، ومن الضرورة أن تُوضع له اللجان، وتُرصد له الخطط الكفيلة بإخراجه من منظور فردي أو محدود الجهد، إلى مفهوم مجتمعي شامل وكبير، يكون له أساسه ومرئيّاته وخططه، وعمله المؤسّساتي الذي ينعكس بنتائج باهرة تعود على الفرد والمجتمع بالخير والصلاح والسداد، ويكون سندًا للدولة في تنفيذ خططها، وتحقيق أهدافها حاضرًا ومستقبلاً. sbt@altayar.info