من أقوال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (ﻻتعد ما تعجز عن الوفاء به) حيث ورد خبر في جريدة الشاهد يوم السبت الموافق 10 سبتمبر الجاري وبالمانشيت العريض مفاده أن وزارة الشؤون قررت إنشاء شركة جديدة لتنظيم سوق العمل وتحديد حصص الدول من العمالة التي يبلغ عددها ما يقارب ثلاثة ملايين عامل وطبعا يهدف هذا الإجراء للحد من العمالة الهامشية التي جلبتها مافيا تجارة الإقامات وأغرقت فيها البلد مما سبب ضغطا على الكثير من المرافق والخدمات مثل الكهرباء والماء وكذلك المستشفيات وشبكات الطرق وغيرها من الخدمات . الشركة الجديدة يتكون مجلس إدارتها من وزارات الداخلية والخارجية والتخطيط والشؤون بالإضافة إلى عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة مثل الهيئة العامة للقوى العاملة . الجدير بالذكر أن وزارة الشؤون قد أحالت قانون إنشاء الشركة إلى إدرة الفتوى والتشريع ثم إلى مجلس الوزراء فمجلس الأمة ويتكون المشروع من 43 ماده تعالج آلية العقود الحكومية والأهلية ومن أهم مواده هي المادة التي تحدد نسبة عمالة الجالية على أن ﻻتزيد عن 20 % من عدد الكويتيين . كلام جميل لكن تطبيقه أشبه بالمستحيل فمثلا الجالية الهندية تصل إلى تقريبا مليون شخص فكيف ستخفض الشركة الجديدة عددهم إلى 200 ألف إذا اعتبرنا أن عدد الكويتيين تقريبا مليون لأن هناك اتفاقيات دولية ﻻتسمح بترحيل العمالة بهذا التعسف والقضية بحاجة إلى التخفيض بشكل تدريجي يحتاج إلى سنوات طويلة وطبعا خلال هذه الفترة يتغير الوزراء ويضيع هذا المشروع في دهاليز الحكومة كما ضاعت شركة العمالة المنزلية التي أقرها وصوت عليها المجلس قبل سنة وﻻزال الوضع على طمام المرحوم وﻻ زالت أسعار الخدم خيالية تصل إلى 1500 دينار وﻻزال أصحاب مكاتب الخدم يتحكمون ويفرضون الأسعار التي يريدونها بدون أي تدخل أو رقابة من الجهات الحكومية وحتى الشركة انقطعت أخبارها وتحولت إلى بيض الصعو نسمع فيه وﻻنراه . الطامة الكبرى ليست فقط في الروتين الحكومي القاتل ولكن أيضا في مافيا تجارة الإقامات فهؤﻻء لهم نفوذ قوي في الحكومة والمجلس وقادرون على عرقلة أي قرار أو مشروع يمس مصالحهم لأن تجارة الإقامات مدخل للكسب والثراء السريع . إن أي وزير يفكر في تغيير التركيبة السكانية وتخفيض العمالة سيكون مصيره الإقالة أو اﻻستقالة واﻻنضمام إلى طابور الوزراء السابقين وأتذكر أن الوزيرة السابقة لوزارة الشؤون د. ذكرى الرشيدي صرحت بأنها سوف تخفض عدد العمالة الهامشية بمعدل 100 ألف عامل سنويا وبعد عدة أشهر خسرت منصبها عندما تم إجراء تغيير وزاري، ولهذا ﻻيجرؤ أي وزير أن يقوم بنفس الإجراء إﻻ إذا كان قد قرر ترك المنصب . منذ سنوات ونحن نسمع عن إلغاء نظام الكفيل الذي هو كفيل بتخفيض عدد العمالة والهامشية والقضاء على تجارة الإقامات ورغم مطالبات جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان الكويت بإلغاء نظام الكفيل إﻻ أن الحكومة عاجزة عن اتخاذ قرار يلغي نظام الكفيل لأن هناك مافيا تعيش على تجارة الإقامات وتتحدى القوانين والقرارات التي كما قلنا تمس مصالحها . أنا شخصيا غير متفائل بهذه الشركة وهي فقط ديكور وتنفيع للبعض لتولي مناصب قيادية ﻻ يستحقها شأنها شأن كل الهيئات والمجالس العليا التي فقط تستنزف خزينة الدولة بالرواتب الخيالية واﻻمتيازات المالية بدون أي إنجاز ملموس. عندما تكون عندنا حكومة ومجلس أمة ليس لهما مصالح مع المتنفذين والتجار ويكون الهدف هو خدمة المواطنين والحرص على أمن البلد من تركيبة سكانية تنهب وتشفط خيرات البلد بمساعدة تجار الإقامات وهنا ﻻنقصد العمالة المنتجة والتي تقدم خدماتها للبلد في جميع المجاﻻت مثل الأطباء والمدرسين والمهندسين وغيرهم من الموظفين الشرفاء.إن الحل واضح ولكنه يحتاج إلى إرادة وإدارة وليس قرارات تبقى حبر على ورق وغير قابلة للتنفيذ وهذا الحل هو إلغاء نظام الكفيل وسحب البساط من تحت أقدام مافيا تجارة الإقامات وحتى الخدم أيضا ينبغي إلغاء نظام الكفيل لأن غالبية هؤﻻء الخدم ﻻيعملون عند كفلائهم ولكنهم يدفعون المقسوم عند تجديد الإقامة . إن قضية التركيبة السكانية هي قنبلة موقوتة ولو نظرنا إلى منطقة جليب الشيوخ لعرفنا الأضرار البالغة لهذه العمالة وهناك مدن جديدة على الطريق ستتحول إلى جليب ثانية مثل المهبولة وغيرها من المناطق السكنية. نأمل كما قررت الحكومة وقف العلاج بالخارج مع بعض اﻻستثناءات أن تقرر وقف استقدام العمالة من الخارج إﻻ بشروط مشددة وعن طريق شركة حكومية وإلغاء نظام الكفيل حتى نستطيع توفير مبالغ ضخمة تقلل من العجز في الميزانية بدون أن نرهق ونضغط على جيوب المواطنين برفع الدعوم وزيادة الكهرباء والبنزين. أحمد بودستور