أفهم أن يلقي باحث محاضرة حول أزمة الشهادات غير المعترف فيها «الأون لاين» أو المزورة التي مازالت تغزو المجتمع، وأن يقدم نماذج وأمثلة كأن يقول: «إن أكثر القطاعات التي تشهد حضورا للشهادات الوهمية، قطاعات التدريب والجودة وما لحق بها، إضافة إلى الاستشارات الأسرية، وتدريب ما قبل الزواج وما بعد الزواج، والذكاء العاطفي»، وأن يخبرنا الباحث في محاضرته عن أن ما كشفه في ملف الشهادات الوهمية لا يتعدى قمة جبل الجليد، وأن هناك أسماء كبيرة متورطة في ملف تزوير الشهادات الوهمية، وأن يروي للحضور طرفة «راعي إبل أقام حفلا كبيرا لحصوله على شهادة دكتوراه من إحدى الجامعات الأجنبية» من باب الدعابة حتى لا يمل الحضور في محاضرته. فالباحث لا يملك سوى المراقبة والتسجيل، ومن ثم وضع حلول نظرية للأزمة، عل أصحاب القرار ينفذون ما هو نظري أو يعدلون به قبل أن ينفذ لحل أزمة الشهادات الوهمية. مع ملاحظة أن لدينا أزمة مع المسؤول إذ دائما ما يقمع «الباحث والمواطن وكاتب المقال» بجملة «التنظير سهل»، وكأن هؤلاء لديهم السلطة، ليطبقوا ما ينظرون له، أو من المفترض أن نقوم بالعمل قبل أن نفكر أو نضع حلولا نظرية للمشكلة. ما لا أفهمه أن تخبرنا جريدة «الحياة» أن من ألقى المحاضرة في مدينة الأحساء هو عضو مجلس الشورى الدكتور «موافق الرويلي» الذي كان من المفترض ألا ينظر مثل البقية بصفته ينتمي لجهة «تشرع»، وأن يخبر الحضور عما فعله مجلس الشورى في هذه الأزمة، وما التشريعات والقرارات التي أصدرها المجلس لتنفذها «السلطة التنفيذية» لحل الأزمة. ولكن ــ وللأسف ــ كان عضو مجلس الشورى منظرا آخر، وضحية لمضايقات وإزعاجات حدثت له بسبب إثارته ملف «الشهادات الوهمية» كما قال هو. ويبقى السؤال المهم: هل المجتمع يحتاج لمجلس آخر غير الذي به الدكتور «الرويلي»، ليقوم بمهامه التشريعية لإيقاف أزمة «الشهادات الوهمية» المتفشية، فيما يتفرغ الدكتور «الرويلي» وباقي أعضاء المجلس القديم للتنظير وكشف ما تبقى من قمة جبل جليد «الشهادات الوهمية»، مع الدعاء له بألا يستمر ضحية «للمضايقات والإزعاجات» مع كل أزمة يكشفها في محاضراته؟