×
محافظة المنطقة الشرقية

«كارافاجيو» يواجه «تشرشل» في تحدي ريف ستيكس

صورة الخبر

في الشارع الضيق الذي يربط القرى التاريخية العائدة إلى القرون الوسطى في منطقة تشنكويه تيريه (Çinque Terre) أي المناطق الخمس، الرابضة على هضاب المنطقة الساحلية في مقاطعة ليغورا في شمال غرب إيطاليا، بات يتعين على الزوار التكيف مع تدابير جديدة تحد من تحركهم. فهذا المسلك الصخري المعلق بين البحر والجبل والذي لا يتعدى عرضه 30 سنتيمتراً في بعض المواضع، يقدم على أنه من المحطات الضرورية في الكتب السياحية، ما يتجلى بوضوح عبر العدد الكبير من الزوار الذين يعجّ بهم بين قريتي مونتيروسو وفيرناتسا في هذا اليوم الصيفي المشمس. غير أن الطالب الصيني هاردي يانغ (18 سنة) الذي أتى مع عائلته من مقاطعة يونان لا يبدو مستاء البتة، إذ يقول: «لا أجد الكلمات للتعبير عن روعة هذا المكان، كما تعلمون ثمة ازدحام في كل مكان في الصين». وتضم منطقة «تشنكويه تيريه» المسجلة على قائمة «يونيسكو» للتراث العالمي، حوالى 5 آلاف نسمة غير أنها جذبت 2,5 مليون سائح السنة الماضية. ويوضح رئيس المنتزه الوطني فيتوريو أليساندرو أن عدد السياح في هذه المنطقة مرشح للازدياد بنسبة تصل إلى 20 في المئة هذه السنة، بسبب تردد سياح كثيرين في التوجه إلى بلدان شهدت اعتداءات، مثل تونس وتركيا واختيارهم إيطاليا وجهةً بديلة. وتشهد مناطق سياحية أخرى في إيطاليا مثل البندقية وفلورنسا وكابري تدفقاً مماثلاً، ما دفع بالبعض إلى المطالبة بتدابير للحد من الدخول إلى بعض المواقع التي وصلت إلى قدرتها الاستيعابية القصوى. وحذر رئيس بلدية البندقية لويجي برونيارو أخيراً من «خطر تحول العلاقة بين الزوار والسكان إلى نزاع بين الطرفين»، مطالباً مع مسؤولين محليين آخرين بالحد من الدخول إلى بعض المواقع، في تدبير تعتزم حكومة يمين الوسط جدياً اتخاذه. وفي متنزه «تشنكويه تيريه»، أعلن اليساندرو هذه السنة خطة للتحكم بأعداد الزوار مع فرض نظام جديد يقوم على بيع بطاقات دخول إلى الموقع في مقابل 7,5 يورو مع إلزام السياح دفع مبلغ أكبر للتنقل بالقطار مما يدفعه السكان، على أن يستخدم الفائض في صيانة الشوارع. ودفعت المبادرة ببعض منتقديها إلى التلويح بفرض قيود على عدد الأشخاص المسموح بدخولهم المنطقة، ما قد يؤدي إلى تضييق حركة السياح عبر وضع عوائق على الطرق أو منعهم من التنقل بالقطارات التي تنقل الحشود لتذوق الطعام الإيطالي والأسماك المشوية في موانئ الصيادين. ويقول أليساندرو: «لا نضع بوابات ولا عوائق، المتنزه مفتوح للجميع ومحطات القطارات مفتوحة». غير أن مساحة الـ43 كيلومتراً مربعاً التي يمتد عليها المتـنـزه تمثل «أرضاً صغيـرة وهـشة وبـالتـالي يـجـب حقاً وضع ضوابط منطقية للحركة». ويضيف رئيس المتنزه: «لا يمكن الحفاظ على طبيعة المكان إلا إذا كان يعيش فيه سكان، وإلا تحول إلى مجرد ديكور سينمائي». وتركز الجهود حالياً على توسيع حركة القطارات بهدف التوصل إلى توزيع أفضل خلال النهار لحركة الانطلاق والوصول. لكن على رغم زيادة عدد الزوار، سمح هذا النظام بالحد من الازدحام المروري في الشوارع وتفادي تسجيل كثافة خطيرة على أرصفة المحطات الصغيرة. ويبقى المطلوب مواجهة تحدي سفن الرحلات السياحية وما تجلبه من موجات لسياح متعطشين للاستكشاف. ويوضح أليساندرو أن «هؤلاء الأشخاص يترجلون ضمن مجموعات كبيرة ويتنقلون صفوفاً متراصة خلال فترات قصيرة للغاية. هذه السياحة المستدامة يجب أن تشكل مصدر إفادة للمنطقة وللمضيفين والزوار لكن عندما تتسم السياحة بهذا المقدار من السرعة والجنون، فإنها لا تترك شيئاً للإفادة منه محلياً». وتلفت المرشدة السياحية المولودة في المنطقة كيارا غاسباريني إلى أن سمعة «تشنكويه تيريه» شكلت مصدر فائدة للسكان بموازاة الاهتمام المتزايد بالمنطقة في البلدان الآسيوية، ما أدى إلى تمديد الموسم حتى كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) اللذين يتسمان بكونهما أكثر هدوءاً في العادة من ناحية الدفق السياحي.