أكد العلامة عبد الله بن بيه رئيس المركز العالمي للتجديد والتنشيط في لندن، أنه يجب على الأمة أن تتجاوز الحزبية "الضيقة"، مشيرا إلى أن الاختلاف مذموم إذا كان بغيا أو تحزبا، مطالبا العالم بأن يكون وسيطا لا خصما، مشددا على أن أهل سورية والعراق لا يحتاجون "بشرا"، بل هم في حاجة ماسة للمساعدات، واصفا الترويج للقتل بداعي الجهاد في مواقع التواصل "دعاية سيئة للإسلام وأهله"، مطالبا العلماء والعقلاء والحكماء من المسلمين بإيقاف نزيف الأرواح في الأمة الإسلامية. وأوضح أن الأمة تمر بفتنة كبيرة، وتسير إلى آفاق مجهولة، ومشاريع مشبوهة، والمؤلم أن هذا يحدث، وكأن ليس للأمة وكلاء وعقلاء وحكماء ورشداء، والمطلوب أن نخرج من فوق الأمواج العاتية، ونزيح عن وجوهنا غبرة النزاعات، والرؤى الضيقة، ونعمل على إطفاء هذه الصراعات والنزاعات، وإطفاء الحرائق يسبق تحديد من المخطئ والمسيء والظالم والمظلوم، جاء ذلك في الحلقة الرابعة من برنامج همومنا والحلقة الثالثة من سلسلة اللقاءات التي يجريها البرنامج مع الشيخ عبد الله بن بيه. وكشف ابن بيه أن التفكير التسطيحي لا يقارن بالتفكير الاستراتيجي، مطالبا بضرورة تجاوز الحزبية الضيقة، والبحث عن آفاق العيش والحياة للجميع، وأن نتجاوز أنانيتنا، وتعلية مصالحنا الفردية، على مصالح الأمة. فالأمة بحاجة إلى تنقية الصدور وتنقية الألسن وتنقية المسلم من أيدي بعض، وأن نتجاوز هذه الأزمة بعقول كبيرة وبفهم واسع للمصالح العامة ونسير في مسيرة التاريخ لأننا بهذه الطريقة نعود إلى دائرة التخلف، ولهذا فقد تحوّل ما يسمى الربيع إلى جهام وسحب فارغة وغير ممطرة، بل حملت الفرقة والصراع والنزاع. وطالب ابن بيه المشايخ والعلماء وعلماء الدين بألا يكونوا طرفا في هذه الصراعات والتنافسات، لأن برأيه العالم يجب أن يكون وسيطا والوسيط يجب ألا يكون خصما، وقال إن القاضي إذا خاف الفتنة فهو لا يحكم بما وصل إليه بل يدعو إلى الصلح. وطالب الأمة بأن تستمر في إيجاد الفرص وبناء ما يمكن بناؤه وتجنب ما يمكن تجنبه والمحافظة على الخريطة التي لا تزال سليمة حتى لا تصل إليها هذه النيران. وأشار إلى أن التجزئة وتقسيم المقسم والتفرق لا تخدم أحدا، وبالتالي سيقضي على الجميع، لافتا إلى أهمية الجماعة، مطالبا الأمة بتجاوز الحزبية الضيقة، مستشهدا بقول ابن القيم عن الاختلاف: "إن الاختلاف يكون مذموما إذا كان بغيا أو تحزبا"، مبينا أن هذه التحزبات وإن كانت بالنسبة لنوايا أهلها طيبة أو قد تكون اجتماعا على الخير؛ لكنها يجب ألا تصب في خانة التفرقة والفساد والإقصاء المتبادل. وذكر الشيخ عبد الله بن بيه أنه علينا ألا نبحث عن الظالم والمظلوم، فالمظلوم قد يكون ظلم نفسه بهذه الطريقة، الذي نبحث عنه كيف نطفئ هذه الحرائق؟ وكيف نتجاوز هذه المرحلة الحرجة السيئة وكيف نتجاوز أنانيتنا لصالح الأمة ولصالح الأوطان، فالناس ينظرون إلى جماعة معينة تقول كذا والأخرى تقول كذا، ويتبادلون الحرب الكلامية. وقال: "ستون عاما من إمام جائر خير من ليلة ويوم بلا إمام"، والتجارب تدل على أن الجهود المبعثرة التي لا تصب في قنوات منضبطة من شأنها أن تزيد الطينة بلة وفرقة ونزاعا وتشتتا وتجزئة للمجزأ، وبالتالي على المختلفين أن يرتفعوا بهممهم ومشاريعهم لتكون في مصالح الأمة ليطفئوا النار. وحول سفر الشباب إلى سورية والعراق، قال الشيخ عبد الله بن بيه إن أهل سورية والعراق لا يحتاجون إلى مادة بشرية، بل يحتاجون من يساعدهم للخروج من هذه الأزمات، مؤكدا أن الجهود البشرية أحيانا تكون مضرة، وعندما يصلون إلى هناك يتفرقون إلى جماعات يقتل بعضهم بعضا، ثم بعد ذلك يسوق هذه الأمة أو النظام السوري هذه في المحافل الدولية. ووصف من يروّج في مواقع التواصل بعد السفر إلى سورية والعراق ويقتل أحدا، ويبث ذلك على تلك المواقع، بأنها دعاية سيئة ضد الإسلام هذه الأفعال لا يفعلها إلا عدو للإسلام، سواء حب أو كره، في الحقيقة، سواء تعمد أو أخطأ هو في هذا في غاية الخطأ، لأنه لا تجربة له ولا خبرة ولا يعلم أن الإسلام لا يمثله تمثيلا ليس من الإسلام في شيء، والله- سبحانه وتعالى- يقول: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين".