بصدق، لقد أعجبني جدا المقطع العفوي الذي تمّ تصويره وتناقله لعدد من المعلمين في مدرسة بمحافظة صبيا، وتفاعل طلابهم معهم بحيوية، وبرأيي كان يجب على وزارة التربية والتعليم بدلا من فتح تحقيق مع معلمي تلك المدرسة لمعاقبتهم، أن تبدأ بدراسة وتحليل ذلك المقطع تربويا؛ لتعرف إيجابياته من سلبياته، ومدى أهمية هكذا نشاط لبث الحيوية التربوية والوطنية في نفوس طلابها، وتستفيد من التجربة. لقد كانوا يرقصون وينشدون أغاني وطنية حماسية عبر الإذاعة المدرسية، هذه الحيوية التي كان عليها المعلمون بنشيدهم ورقصهم، أشعرت الطلاب الذين تكوموا في ساحة صغيرة بمدرسة تبدو متواضعة البنية التحتية، مما يجعلها كفيلة بنزع الحماس من نفوسهم؛ لأن يعيشوا فيها أياما دراسية ممتعة ونشيطة، فكان هؤلاء خير من زرع في نفوسهم الشعور بالمرح والحيوية عبر نشيدهم الوطني ورقصهم التراثي الممارس في حياتهم الطبيعية، فما فعله المعلمون لا يختلف عما نشاهده في أفراحنا الاجتماعية، ومهرجاناتنا الوطنية كالجنادرية التي نعيشها هذه الأيام، ويكلف حفل افتتاحها من حيث التخطيط والتلحين والتصميم لرقصة العرض وملابس الراقصين والمطربين الكثير من المال، وهنا يأتي السؤال: لماذا تعاقب وزارة التربية والتعليم منسوبي المدرسة، وتفتح معهم تحقيقا على شيء ممارس ومعروف في حياتنا الطبيعية واحتفالاتنا الوطنية؟! بمعنى أكثر وضوحا، لماذا يجب على وزارة التربية والتعليم أن تخلق هذه الازدواجية في نفوس أبنائها وبناتها بشكل مستمر، وهذا له من الأثر السلبي في جعل مخرجاتها التعليمية مزدوجة الشخصية لا تعرف أين تقف بأقدامها؟! إن هؤلاء لم يقدموا رقصا ماجنا، ولم ينشدوا سوى أغنيات وطنية تنمي الإحساس في الطلاب بالوطنية، وتكسر الحاجز النفسي السيئ وتقربهم من طلابهم الذين بتنا نقرأ الكثير من الحكايات عن اعتداءات منهم على معلميهم؛ نتيجة سوء العلاقة بين الطرفين! ربما بعض ممن يحسبون التربية والتعليم بالمسطرة في الوزارة، ما زالوا يؤمنون ونحن في القرن الـ21 بالمدرسة التقليدية في التربية والتعليم، وهي مدرسة بال أمرها وفنيت في دول العالم الأول، وقد يبررون هذا العقاب للمعلمين أنه بسبب كسرهم لهيبة المعلم! هؤلاء بكل صراحتي المعهودة سأقول لهم، أنتم خارج الزمن، وتعيشون زمن الكتّاب واستخدام العصا رمزيا! فالدراسات الحديثة تُثبت وتُحفز المعلمين والمعلمات على كسر الحواجز العالية بينهم وبين طلابهم، وعلى أن الغناء والمناشط المسرحية هي من أهم الوسائل التربوية التي يجب اتباعها إن أردنا الوقوف بواقعية على الأرض، لا معلقين بين السماء وبينها، فلا تعرف مخرجات الوزارة الفرق بين الرأس والقدم! وهو حال الكثير من الطلاب والطالبات اليوم مع الأسف الشديد. وبالاختصار المفيد، إن معاقبة المعلمين والتحقيق معهم سيكون له من الأثر السلبي على الطلاب ليس في تلك المدرسة بل كل الطلاب والطالبات الذين شاهدوا ذلك المقطع، وسيكرس في أنفسهم الازدواجية والنفاق الاجتماعي، فكيف يُعاقب من رقصوا رقصات تراثية على أغنيات وطنية يشاهدونها في إعلامهم بالمناسبات الوطنية؟! ثم هل يستحق من ينشد هذا الغناء الوطني من قلبه ويرقص للوطن أن يعاقب؟! أترك الإجابة لوزارة التربية والتعليم!.