بيروت: كارولين عاكوم ونذير رضا تختصر ردود فعل مناصري «8 آذار» المنتقدة لحكومة «المصلحة الوطنية» والتي وصلت إلى حد وصفها بـ«الهزيمة»، حجم الاستنكار الواسع في صفوف «جمهور المقاومة». وهذا الاستياء لم يأت نتيجة جلوس حزب الله و«تيار المستقبل» على طاولة الحكومة فحسب، بل انسحب على اختيار شخصيات «استفزازية» تولت أبرز الوزارات. وكان كلام أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، الذي توجه إلى قاعدته لتبرير هذه المشاركة في كلمته أول من أمس، خير دليل على هذا الاستياء، بعدما كان فريقه رفع سقف شروطه ليعود ويقبل بثمانية وزراء ويفوز خصومه بأكثر من «الثلث المعطل». وحاول نصر الله الإجابة عن هواجس جمهوره من أن يؤدي تولي مدير عام الأمن الداخلي السابق أشرف ريفي وزارة العدل إلى إطلاق سراح المتهمين بتفجيرات الضاحية، ومنهم عمر الأطرش ونعيم عباس، قائلا: «عندما يعترف الشخص فلا أحد يستطيع إطلاق سراحه أيا كان وزير العدل». وأكد نصر الله أنه لا يشعر بأي «حرج» من مشاركته في الحكومة، مشيرا إلى أنه «لم يضع يوما فيتو على أحد، وكنا دائما نقول إننا نريد الحوار وحكومة وحدة وطنية»، علما أن «فيتو» حزب الله على تولي مدير عام الأمن الداخلي السابق أشرف ريفي وزارة الداخلية كاد يطيح في اللحظة الأخيرة، بحكومة تمام سلام، قبل أن تؤلف. وبينما بررت بعض الأصوات لحزب الله هذا القرار، على ضوء التفجيرات التي تتعرض لها الضاحية الجنوبية في الفترة الأخيرة، كانت لافتة الأصوات المستنكرة التي رفعت من «داخل البيت»، من قبل شخصيات بارزة محسوبة على فريق «8 آذار». ومن هؤلاء، مدير عام الأمن العام السابق جميل السيد، أحد الضباط الأربعة الذين أوقفوا في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ورئيس «تيار التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب.. فقد أعلن السيد قطع علاقته التشاورية بفريق «8 آذار»، اعتراضا على قبولهم بريفي وزيرا للعدل، بينما عد وهاب أن «أداء فريق (8 آذار) لم يقنعه وإدارة معركة الحكومة كانت سيئة من قبلهم». وقال في حديث تلفزيوني: «لست جزءا من قطيع وما يربطني بفريق (8 آذار) السياسة فقط. أتقاضى دعما ماليا بسيطا منهم وهذا لا يعني أن يسلبني حريتي». وفي موازاة إشادته بـ«وفاء» فريق «14 آذار» لكوادره، انتقد وهاب اختيار فريق «8 آذار» لوزرائه. وأجمعت انتقادات جمهور «8 آذار» على اعتبار وزير العدل أشرف ريفي، أبرز الوزراء «الاستفزازيين» بالنسبة إلى فريق حزب الله، انطلاقا من دوره الأساسي في التحقيقات بقضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري والتي أدت إلى اتهام خمسة عناصر من حزب الله، ومن ثم مواقفه الهجومية على حزب الله، على خلفية اشتباكات طرابلس في الفترة الأخيرة. إلا أن عضو كتلة حزب الله النيابية النائب الوليد سكرية يرى لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنازل حزب الله وحلفائه عن الصيغة الحكومية التي كان يتمسك بها (9+9+6) يأتي بهدف إطلاق عجلة الحياة السياسية والإنمائية في لبنان، وتحصينه ضد الفراغ السياسي الذي يؤدي إلى حالة من الفوضى»، مشددا على أن «حزب الله على قناعة بأن حماية الوطن من الفوضى، هو أحد أوجه حماية لبنان، وكان لا بد من تدوير الزوايا للوصول إلى تفاهمات، وهو ما بادر إليه الحزب وحليفه الأساس حركة أمل (التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، وكان هناك تجاوب من قبل الأطراف السياسية اللبنانية الأخرى». في مقابل ذلك، يرجع محللون تنازل حزب الله، إلى حاجته لحكومة لبنانية تغطي قتاله في سوريا ضد المعارضة، نظرا لاعتراض قوى «14 آذار» على انخراطه في القتال إلى جانب النظام السوري، بوصفه خرقا لـ«إعلان بعبدا» الذي ينص على الالتزام بتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، وتحديدا أزمة سوريا. ولم يتمسك بهذا الشرط في قوى «14 آذار»، إلا حزب القوات اللبنانية الذي رفض المشاركة في حكومة يشارك فيها حزب الله، من غير انسحابه من سوريا. ويرفض المحلل السياسي المقرب من «14 آذار» توفيق الهندي، القول إن حزب الله هو الخاسر الأكبر، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب «هو الرابح الأكبر لكونه أدخل قوى (14 آذار) في شراكة معه كان يحتاج إليها، وأخذ سلطة سياسية من الأطراف اللبنانية للقتال في سوريا»، مشيرا إلى أن الحزب «رضي بتسليم (14 آذار) كل الوزارات الأمنية، ليرمي إليهم مسؤولية محاربة التكفيريين، ويضع تيار المستقبل في مواجهة الإرهابيين، في حال فشل الوزراء بوضع حد لظاهرة التفجيرات». وخلت حصة حزب الله في الحكومة من الوزارات الأمنية والخدماتية، إذ تولى الوزير حسين الحاج حسن حقيبة الصناعة، بينما تولى الوزير محمد فنيش حقيبة «وزير دولة لشؤون مجلس النواب»، وفي المقابل، تولت قوى «14 آذار» الوزارات الأمنية، إذ عين نهاد المشنوق وزيرا للداخلية، واللواء ريفي وزيرا للعدل، وبطرس حرب وزيرا للاتصالات.