×
محافظة مكة المكرمة

أمير الرياض يرعى حفل منتدى الغد الخامس

صورة الخبر

ثلاث سنوات من العمل خلال حصار داريا بريف دمشق، لم تكن كافية للناشط الإعلامي محمود حتى يجد عملاً في وسائل الإعلام الســورية الناشئة بعد الثورة والعاملة في تركيا. خرج الشاب من مدينته داريا يوم 21 آب (اغسطس) 2016 بعد اتفاق التهجير الذي فرضه النظام السوري على أهالي المدينة، بإخراجهم جميعاً إلى ريف ادلب في شمال غربي البلاد. وفي كانون الأول 2016، وصل إلى مدينة غازي عنتاب في جنوب تركيا، قبلة المعارضين السوريين، ومقر الكثير من المنظمات والجهات الإعلامية المعنية بالشأن السوري. تعكس ملامح وجه محمود قصص حصار عمره أربع سنوات، لكنته «الديرانية» تعيدك بسرعة إلى تلك المدينة المدمرة في ريف دمشق. يقول: «في الحصار كنت أظن أن كل الناس في الخارج تفكر بنا، وحين خرجت رأيت كيف واصل الناس حياتهم غير مبالين بوضعنا». استمر الإحباط ملازماً لابن داريا. بقي نحو شهرين في غازي عنتاب يبحث عن عمل، في المجال الذي أتقنه خلال حصار مدينته، لكنه لم يجد أي باب مفتوح من أبواب وسائل الإعلام السورية. بعد انطلاق الثورة ضد بشار الأسد عام 2011، ولدت وسائل إعلامية سورية خارج مظلة السلطة الأمنية. عشرات المجلات، والجرائد والإذاعات، توقف الكثير منها عن العمل، بسبب عدم استمرار التمويل ومشاكل أخرى غالبيتها يتعلق بعجز تلك الوسائل عن إيجاد وسائل التمويل الذاتي علما إن غالبيتها اعتمدت على الناشطين في الداخل السوري لنقل الأخبار. لكن لماذا لم يستطع الإعلام السوري الناشئ تأمين فرص عمل لكوادره في الداخل بعدما تخطى حدود البلاد؟ تجيب المديرة التنفيذية بالمركز السوري للإعلام وحرية التعبير يارا بدر: «الإعلام بعد الثورة ناشئ، وغير مُؤسَّس بعد. خبرته قليلة ومحكومة بظرف النشوء والتكوين ومرحلة العمل التي فرضها الظرف العسكري والسياسي في الداخل وحتى الخارج». وخلال نشأة الكثير من الوسائل الإعلامية الجديدة، وُجدت أيضاً كيانات يفترض أنها لمتابعة شؤون العاملين بالإعلام السوري، كرابطة الصحافيين السوريين التي أُعلن تأسيسها يوم 20 شباط (فبراير) 2012، ونادي الصحافيين السوريين في غازي عنتاب الذي أُسس في آذار (مارس) الماضي، وبيت الصحافيين الذي سيفتتحه قريباً المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، الذي أسس في سورية عام 2004، إضافة إلى تجمعات أخرى. ولكن يبدو أن الظروف فرضت نفسها بقوة على الواقع الإعلامي السوري. داني قباني عمل في المجال الإعلامي في معضمية الشام بريف دمشق منذ بداية الثورة، حتى خروجه منها وفق اتفاق تهجير آخر مع النظام. وصل الشاب إلى مدينة غازي عنتاب أواخر العام الماضي. عمل في المركز الإعلامي الخاص بالمعضمية، لكنه لم يجد عملاً في أي من الوسائل الإعلامية السورية في غازي عنتاب. «أعتقد أن سبب عدم تمكني من العمل في وسائل إعلام سورية هو متطلبات العمل التي تشمل احترافية عالية ومميزات كان من الصعب الحصول عليها في منطقة محاصرة لسنوات كالمعضمية، بالإضافة إلى قلة شواغر العمل في هذه المرحلة، والواسطة في بعض الأحيان». ويضيف قباني: «ما رأيته هنا هو التباعد بين الجهات الإعلامية، وضعف التنسيق بينها وعدم الاكتراث كثيراً بالداخل السوري بعيداً عن كونه عملاً مأجوراً، وبطبيعة الحال لا أعمم. من جهة ثانية، الإعلام هنا يفتقر إلى الأمور التنظيمية التي يجب أن تلعب دوراً في مساعدة السوريين في عنتاب». وترى بدر أن تجربة وسائل الإعلام السورية الجديدة نشأت في «ظرف ثوري» وكان طبيعيّاً أن ينحو أغلبها إلى الإعلام الحربي، أو صحافة الحرب أكثر من صحافة السلم. وتوضح أن «الخبرة تغيب في مجالات عديدة، فثمة مؤسسات إعلاميّة عدّة لديها مراسلون في الداخل لكنها لا تعتني بهم كما يجب، وأبسط الأمثلة هي تزويد المراسلين الذين يعملون في مناطق الاشتباكات العسكرية الخوذة والدرع الواقيتين». فقد محمود الأمل بالحصول على عمل في غازي عنتاب، ويؤكد أنه تقدم بطلب عمل إلى ثماني جهات سورية، وتواصل مع شخصيات في الحكومة السورية والائتلاف الوطني المعارض ولم يجد رداً أو أي مساعدة ليستطيع لم شمله بزوجته وابنته المقيمتين داخل سورية لإي إحدى مناطق النظام. لذا، قرر محمود السفر إلى السودان في بداية شباط (فبراير) الماضي، ولحقت به زوجته وابنته، ودخلوا جميعهم إلى مصر ليبدأوا حياة جديدة، وعملاً جديداً له في أحد محال بيع الالكترونيات، بعيداً عن ضجة الحرب والسياسة والإعلام في سورية.